جرائم التعذيب مازالت متواصلة في تونس... ورغم المرسوم الذي تم عرضه على مجلس الوزراء يوم 14 أكتوبر فمازال التشريع التونسي في حاجة للمراجعة. هذا ما صرّح به السيد منذر الشارني الكاتب العام للمنظمة التونسية لمناهضة التعذيب ل«الشروق»: «الشروق» فتحت ملف التعذيب ما بعد الثورة.. وحاولت الاستئناس بجديد القانون من خلال مصادر من وزارة العدل. وخلال حديث ل«الشروق» مع السيد منذر الشارني الكاتب العام للمنظمة التونسية لمناهضة التعذيب أكد أن «جرائم التعذيب مازالت متواصلة في تونس بعد الثورة.. والاعتداءات على الحرمة الجسدية مازالت تمارس في السجون وفي غيرها من الأماكن». وأشار السيد منذر الشارني الى رفض هذه الممارسات المتواصلة من خلال التقرير الذي تم اصداره مؤخرا.. والذي رصدنا فيه عديد الحالات من المسلط ضدهم جرائم التعذيب. وقال: «لا يعقل ان تتواصل عملية انتهاك الحرمة الجسدية بعد الثورة التي قامت من أجل صيانة كرامة الانسان..» وأضاف: «نطالب السلطة بتوجيه قرارات كتابية للأعوان بضرورة احترام الحرمة الجسدية». جرأة... وتصريح ما أضافته الثورة فيما يتعلق بجرائم التعذيب هو جرأة المواطنين واكتسابهم لشجاعة التصريح بالتعرض للتعذيب، ومطالبتهم باسترجاع حقوقهم في النهاية بالرغم من كل الضغوطات. وأشار في حديثه الى تعرض أحد المساجين للتعذيب وتعرضه بعد «التشكي» الى مزيد من الضغوطات من الادارة. وقال: «الجوع له حل.. البطالة لها حلّ.. لكن التعذيب يترك آثارا لا تمحى..» علينا ان نغير في العقليات التي مازالت تحلل تعذيب البعض لأنهم ارتكبوا جرائم بشعة. وتقوم المنظمة بالتنسيق مع اطارات وأطباء من مختلف أنحاء العالم قصد التعرف على آليات تقصي التعذيب، خاصة وأن وسائل التعذيب قد تطورت عالميا. وتطالب هذه المنظمة بإنشاء مركز متخصص لمعالجة ضحايا التعذيب، لأن معالجة «المعذب» تختلف عن معالجة المريض العادي.. وفسّر محدثنا الدعوة لإقامة مركز كامل بوجود آلاف المعذبين في تونس طيلة 55 سنة. فهناك من تم تعذيبهم من المعارضين، اي أبناء النهضة وحزب العمال الشيوعي وغيرهم من المعارضين اضافة للطلبة واللصوص والمجرمين. مرسوم وحكومة وردّا على سؤال طرحته «الشروق» على السيد كاظم زين العبادين (من ديوان وزارة العدل) أكد محدثنا على تواصل ورود قضايا تتعلق بجرائم التعذيب على المحاكم التونسية بعد الثورة.. وأشار الى ضرورة الرجوع الى دراسات وأرشيف الوزارة لمعرفة حقيقة جرائم التعذيب والقضايا الموجودة في تونس في العهد السابق. وفي هذا المجال كان السيد منذر الشارني الكاتب العام للمنظمة التونسية لمناهضة التعذيب قد أشار الى ضرورة تعبير الدولة بعد الثورة عن حسن نيتها و«قطعها مع الماضي من خلال ايلاء أهمية كبرى لمتابعة مرتكبي التعذيب بصفة جدية» وأضافت: «لم نشهد الى اليوم أي تتبع او ملف تم فتحه في هذا المجال». عموما تبدو الحكومة مهتمة بجرائم التعذيب في تونس وذلك من خلال محاولتها تنقيح مجموعة من القوانين المتعلقة بجرائم التعذيب والتي أثارت ضجة بسبب اصدارها أيام النظام المخلوع سواء من المنظمات الحقوقية في العالم او في تونس. وتم يوم 14 أكتوبر عرض مرسوم على مجلس الوزراء يتعلق بتنقيح بعض أحكام المجلة الجزائية وبمراجعة بعض الأحكام المتعلقة بجريمة التعذيب. وقد تم إلغاء الفصل 61 مكرر من المجلة والذي تم اقتراحه في 29 جوان 2010. ويندرج المرسوم الجديد في اطار تنفيذ تونس لتعهداتها في اطار اتفاقية مناهضة التعذيب وتكريس وتجسيم احدى القيم التي قامت لأجلها ثورة الكرامة. وسيتم الأخذ بعين الاعتبار في هذا المرسوم الجديد احترام كرامة الانسان والأطفال المتعرضين للتعذيب. كما وسّع القانون من جهة ثانية في قائمة الاشخاص الذين يشملهم العقاب في ارتكاب هذه الجريمة ليتسع الى مرتكب الجريمة والمشاركين وكل موظف يأمر بالتعذيب ويوافق عليه ويسكت عن الجريمة مع علمه. كما سيتم اعفاء كل شخص يبلغ عن جريمة التعذيب او ارتكابها من العقوبة. ويبقى القائم بجريمة التعذيب معرضا للتتبع طيلة 15 سنة عوضا عن 10 سنوات. وارتفعت العقوبات المسلطة على القائم بالجريمة بالنسبة للأطفال تصل الى 10 سنوات سجنا (تعذيب دون آثار)، و16 سنة لمن سلّط تعذيبا على طفل مع ترك آثار ومدى الحياة لمن عذّب وتوفي الطفل «المعذب»، وتسلط عقوبة ب8 سنوات على من يقوم بجريمة التعذيب للراشدين دون آثار و12 سنة لمن يترك آثارا من التعذيب ومدى الحياة في صورة الوفاة. العمل متواصل وتعليقا على المرسوم الذي من المنتظر ان يصدر بالرائد الرسمي ويصبح ساري المفعول، قال السيد منذر الشارني «إن التشريع التونسي مازال في حاجة لمزيد من العمل والاضافات لحماية كرامة الانسان». وفسّر ان القانون قد اقتصر على الفصل 101 مكرر والفصل 102 مكرر في الحديث عن التعذيب.. موضحا الفرق بين الحديث عن التعذيب وعن العنف. وقال ان القانون الذي وقع تنقيحه والفصل 101 لا يشمل جميع حالات التعذيب الموجودة. ودعا محدثنا الى ان تقوم الوزارة بتنقيحات أشمل.. وقال ان على القانون ان لا يسقط دعوى القيام بقضية ضد التعذيب بمرور الزمن.. فحتى 15 سنة عوضا عن 10 سنوات غير كافية. واعتبر أنه من الضروري ان يتم تطبيق اتفاقية مناهضة التعذيب الموقعة سنة 1989.. داعيا الى تطبيقها في صلب المحاكم التونسية ومن القضاة.. اضافة الى ضرورة ان يلزم القانون المحاكم التونسية بتطبيق هذه الاتفاقية. من جهة ثالثة أشار محدثنا الى العمل الذي مازال ينتظر الحقوقيين والمدافعين عن حقوق الانسان فيما يتعلق بالمحاضر التي يتم توقيعها تحت طائلة التعذيب، وضرورة اعتبار هذه المحاضر باطلة.. وأهمية تنقيح القانون فيما يتعلق بهذه المنطقة.