تجتازُ الحملة الانتخابية اليوم يومها قبل الأخير وذلك في انتظار يوم «الصمت الانتخابي» (السبت) ويوم الاقتراع (الأحد 23 أكتوبر) ، وقد ازداد نسق الحملة تصاعدا و«اشتعالا» عبر التحركات والتصريحات والتي انساق إليها مختلف المترشحين في مختلف الدوائر الانتخابيّة وخاصة في دوائر إقليمتونس الكبرى حيث المقرات والأنشطة المركزية لمختلف الأحزاب. إذن، تتسارع الأحداث والمستجدّات على وقع قُرب تجسيد وتحقّق حدث تاريخي هام جدا في حياة التونسيين والتونسيات المتشوقين والمتشوقات للمشاركة في أوّل عملية انتخابيّة فعليّة منذ أزيد من 50 سنة كاملة عمر الدولة التونسيّة المستقلة وذات السيادة. وعلى الرغم من تباين القراءات حول الحصاد الانتخابي من فائزين ونسب للمشاركة فإنّ الإجماع يكاد يكون حاصلا حول السير إلى يوم الاقتراع في أجواء من الأريحية والهدوء من أجل اجتياز هذه «المحطّة» والانطلاق في رسم ملامح تجربة سياسيّة وديمقراطية جديدة في تاريخ البلاد ، وفي الكواليس ما يُنبئ بوجود اتصالات ومفاوضات من أجل ترتيب الشأن الداخلي خاصة حول تركيبة الحكومة المقبلة وطبيعة وطريقة تصعيد رجالات الدولة للفترة القادمة. ومن المنتظر أن تشرع القائمات المترشحة في مختلف الدوائر بداية من اليوم في عقد اجتماعات «ختم» الحملة الانتخابيّة وهو ما سيُبرزُ معطيات جديدة ستُفيد في استقراء ما يُمكن أن يؤول إليه الوضع غداة الاقتراع وعمليتي فرز الأصوات والإعلان عن النتائج ويبقى أهمّ سؤال في هذا المضمار ومع المؤشرات المنبئة بإجراء الانتخابات في ظلّ أجواء هادئة وب«حزم تنظيمي» أشّرت عليه الهيئة العليا للانتخابات والحكومة المؤقتة خاصة عبر توفير أكثر من 42 ألف من أعوان الأمن والجيش لتأمين السير العادي ليوم الاقتراع ، مع تلك المؤشرات يظل الاستفسار الأهم هو طريقة ردّة الفعل التي سينتهجها «الخاسرون» ممّن لن يُسعفهم الحظ في حيازة مقعد أو مقاعد في ثاني مجلس وطني تأسيسي في تاريخ البلاد الحديث؟. إنّ المحاذير وما تُبديه العديد من الأوساط من مخاوف من «يوم الاقتراع» بدأت في التبدّد و«الذوبان» والتساقط ومن المؤكّد أنّ ذلك العامل سيكون من بين العوامل التي ستحفّز الناخبين على الإقبال على مكاتب الاقتراع مثلما هو حاصل الآن بالنسبة للتونسيين في الخارج الّذين شرعوا بعد في التصويت على القائمات المترشحة في مختلف أنحاء العالم. إنّه سباق مع عقارب الساعة للوصول إلى شاطئ الأمان وإثبات قدرات التونسيين في مُعانقة التاريخ من جديد عبر انجاح أوّل انتخابات ديمقراطية وشفافة ونزيهة على مستوى المنطقة مثلما سبق لهم أن فعلوا مثيلا لذلك بانجازهم دستور قرطاج والانتصار لقضايا المرأة وحقوق الإنسان وتكريس البعد المدني والتعايش الحضاري والديني والثقافي، ومثلما كذلك كانوا السباقين المتصدرين لربيع الثورات العربيّة ، والآن هم على أبواب أن يفتحوا طريقا إلى الانتخابات النزيهة والشفّافة ليكونوا من جديد في مرأى أنظار العالم وإعجابه وفي مهجة الشعوب التواقة للديمقراطية ...