الصدمة كانت أقوى من المفاجأة... صدمة عودة المخلوع بن علي إلى الرئاسة ... ومفاجأة عدم صحة هذا الأمر وأن الصورة العملاقة التي التصقت بجدار «الكراكة» بحلق الوادي ما هي إلا ومضة لحملة أطلقتها جمعية «التزام ومواطنة». الحملة تهدف إلى حثّ الناس إلى التصويت يوم 23 أكتوبر الجاري والتنبيه من إمكانية عودة الدكتاتورية إلى البلاد عند التهاون وعدم ممارسة الحق والواجب الانتخابي. كانت الساعة تشير إلى الثامنة صباحا من يوم الاثنين الماضي حين أذهلت الصدمة عشرات المواطنين الذين كانوا في طريقهم إلى العمل والدراسة ... صورة عملاقة ذات مقاس (10 * 6 أمتار) للرئيس المخلوع بن علي ملصقة على جدار لمسرح «الكراكة» بحلق الوادي ... لم تكن وهما بل حقيقة ... عودة المخلوع إلى تونس. «فيق الدكتاتورية تنجّم ترجع» يقف الجميع أمامها يكذبون أنفسهم ... لم يصدقوا الأمر ... بعضهم كان يهمس لمن حوله والبعض الآخر بدأ يرفع صوته رافضا «شنوة رجع ؟» .. وآخر اختار أن يعلّق بأعلى صوته «الله لا يرجعك .. يا سارق»... راكبة بإحدى الحافلات التي كانت تمر من المكان تسمّرت عيناها على الصورة حتى غابت الحافلة ... تتواصل الصدمة بعض لحظات ثم يقرر الجميع اقتلاع الصورة وتمزيقها .. لكن المفاجأة تُطلّ من تحت المخلوع .. لوحة عملاقة ثانية كُتب عليها «فيق الدكتاتورية تنجّم ترجع نهار 23 أكتوبر .. امشي صوّت».. حينها يتنهّد البعض ويطلق البعض الآخر زفيرا متواصلا حامدا الله عزّ وجل على عدم صحة ما ذهب في ظنّه. السيدة أُلْفَتْ بودبوس الفراتي من جمعية التزام ومواطنة» التي رأت النور بعد ثورة 14 جانفي تتحدث إلى «الشروق» حول هذه المبادرة التي كان لها وقع الصدمة التاريخية على التونسيين قائلة إن فكرة الومضة انطلقت بعد أن لاحظ أعضاء الجمعية تململا بين التونسيين حول استعدادهم للذهاب الى التصويت يوم 23 أكتوبر الجاري. لذلك كان لا بُدّ من عمل شيء ما يُحّدث الصدمة ويحقّق الهدف المنشود. وتضيف بالقول: «تخوفنا في البداية من القيام بهذه الومضة لأنه لا يمكن التكهن برد فعل المواطن الذي سيشاهد صورة عملاقة للرئيس المخلوع بن علي بعد 14جانفي ... وفعلا جاءت ردود الأفعال شرسة من البعض الذين تفوهوا بكلام لا يمكن ذكره واختار آخرون تمزيق الصورة... لكن الأهم من كل هذا هو لحظات الصدمة والمفاجأة وأعتقد أن الهدف قد تحقق ويبقى الأمر يوم الأحد القادم بأيدي المواطنين». أقوى الومضات التحسيسية في تونس وتذكر السيدة أُلْفَتْ إن الومضة العالمية أنجزتها وكالة إعلانية تونسية مشهورة وانطلقت عملية تركيب ولصق الصورة والمعلقة التحسيسية على الساعة الواحدة من صباح الأحد الماضي ووقع الكشف عنها على الساعة الثامنة من صباح الاثنين وتمّ تصويرها بواسطة أربع آلات كاميرا بهدف رصد أكبر عدد ممكن من ردود أفعال المواطنين. وتواصل قائلة: تمّ إدراج الومضة على موقع يوتيوب عصر الثلاثاء وشارك في بثها على مواقع التواصل الاجتماعي خلال الساعات الثلاث الأولى أكثر من 48 ألف متصفح. لذلك فهي تعتبر من أقوى الومضات التحسيسية في تونس على الإطلاق. وقد اخترنا القيام بها خمسة أيام قبل موعد الانتخابات حتى يكون هناك وقت كاف لانتشارها وبثها في مواقع التواصل الاجتماعي وبالتالي تحقق الهدف المطلوب». ومضة «عودة المخلوع» ليست الأولى في رصيد جمعية «التزام ومواطنة» فقد أنجزت ثلاث ومضات تحسيسية أخرى خلال الأيام الماضية تحثّ فيها المرأة التونسية على ضرورة القيام بحقّها وواجبها الانتخابي باعتباره سلطة يؤسس لنظام ديمقراطي وتمّ بث هذه الومضات في كل الإذاعات وقناتي الوطنية وحنبعل. وكما أنجزت الجمعية ومضة باللغة الفرنسية تمّ بثها في بعض الوسائل الإعلامية بفرنسا وهي موجّهة الى جاليتنا هناك.