(الشروق) مكتب صفاقس: هو شاب تونسي في عقده الرابع.. متزوج وأب لطفلين غفران (3 سنوات) ويوسف ( سنة ونصف).. اثر قصة طويلة مع الانحراف دفع ثمنها باهظا من حريته، حيث قضى قرابة 14 سنة بين القضبان في أحكام متفرقة.. قرر في السنوات الخمس الأخيرة وتحديدا بعد زواجه أن يتحول إلى مواطن سوي يعيش حياة هادئة بين أحضان عائلته الصغيرة، وانتصب على أحد الأرصفة بطريق منزل شاكر كلم 5 ( مركز القصاص) يبيع الخضر والغلال حتى يؤمّن قوت عائلته.. أراد أن يطور مشروعه ويشيّد منذ يوم 10 أكتوبر المنقضي كشكا، لكن «القدر» وإرادة بلدية «العين» أعادته إلى المربع الأول بعد أن أقدمت على على هدم «كشكه» لتعصف بأحلامه في لحظات... الشاب صلاح طرق كل الأبواب، إلا أنه وجدها موصدة، فاتصل بمكتب «الشروق» بصفاقس قبل أن يقدم على محاولة الانتحار بلحظات ... تحدث إلينا بتأثر بالغ قائلا « بعد سنوات عديدة قضيتها في السجون، قررت أن أضع حدا لرحلة الانحراف وأعود مواطنا صالحا في المجتمع، وانتصبت منذ ثلاث سنوات على أحد الأرصفة «بمركز القصاص» أبيع الخضر والغلال، ثم حاولت أن أطور المشروع وأشتغل بصفة قانونية فقدمت مطلبا إلى بلدية العين للحصول على رخصة لبناء كشك، ولكن لم أتمكن من استخراجها إلا أني تحصلت على موافقة شفوية من مصالح البلدية، وهو ما دفعني إلى شراء دراجتين ناريتين بالتقسيط وبعتهما مباشرة بمبلغ 1200 دينار، كما فرطت بالبيع في جزء من أثاث بيتي، إضافة إلى «علوش» العيد وشيدت الكشك الذي كلفني مبلغا ماليا يقدر بحوالي 6 آلاف دينار، وشرعت في العمل غير أن قرارا صادرا عن بلدية العين عدد 149 / 2011 تم تنفيذه فجر يوم الاربعاء الماضي أحالني على «مهبّ الريح» مرة أخرى وأعادني إلى حالة البطالة والتشرد من جديد.. هنا يصمت صلاح والدموع تترقرق في عينيه، ثم يواصل «اتصلت بكل الجهات المعنية وبالرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان لفض هذا الإشكال، لكن لا حياة لمن تنادي.. دخلت في إضراب جوع منذ ذلك التاريخ.. وهددت بالانتحار ولا من مجيب.. مضيفا من أين لي أن أؤمن المصاريف اليومية لعائلتي، خاصة وأني أسكن في منزل على وجه الكراء، وزوجتي تعاني من مرض في القلب يستوجب توفير دواء مرتفع الثمن يناهز 100 دينار شهريا في ظل عدم تمتعي بالتغطية الاجتماعية وهو ما دفعني إلى لفت الأنظار كمحاولة يائسة أخيرة من خلال الإقدام على تنفيذ تهديدي السابق بالانتحار أمام أنظار المواطنين في حادثة سقوط سقف حانة «الأحباب».. منهيا حديثه «أنا مواطن بسيط لا أنتمي إلى أي حزب.. أنتمي إلى تونس وحزبي الوحيد هو «خبزة صغاري» في بلد أنجز ثورة مدوّية من أجل البسطاء والمسحوقين.. من أجل كرامة العيش وحقوق الإنسان.. أنور الغريبي