السيد حسين الديماسي الذي كانت تمنحه الشرائح المثقفة نسبة هامة من حظوظ النجاح فشل في الوصول إلى المجلس الوطني التأسيسي حيث تحصلت قائمته إلا على 4740 واحتلت المرتبة 11. إلا أنها رغم عدم نجاحها إذ كان ينقصها 300 صوت للفوز بمقعد في المجلس التأسيسي إذ حصلت قائمة حزب الأمة الثقافي الوحدوي على 5219 صوت وهي صاحبة المقعد التاسع فإنها خرجت من السباق مرفوعة الرأس لأنها تركت وراءها 55 قائمة وتقدمت عن أحزاب معروفة على غرار الحزب الديمقراطي التقدمي وحركة الديمقراطيين الاشتراكيين والبديل الثوري والقطب الديمقراطي الحداثي وعلى كل الأحزاب الدستورية كالحزب الإصلاحي الدستوري والحزب الدستوري الجديد والوطن الذي شارك بقائمة الوحدة الوطنية. والتآلف الجمهوري ولم يتقدم عليها من هذه الأحزاب الدستورية إلا حزب المبادرة الذي احتل المرتبة الثانية بفارق كبير حيث تحصل على 36035 وقائمة حزب آفاق تونس التي سبقتها ب222 صوتا فحسب فلماذا فشلت قائمة الاستاذ حسين الديماسي رغم أنها ضمت عددا من الإطارات العليا محامين و 3 أساتذة وطالبين اثنين وتقنيا واحدا. جريدة «الشروق» استضافت لكم هذا الرجل وحاورته لكم : كل التكهنات كانت تمنحكم أملا كبيرا في النجاح ولكن النتيجة جاءت مغايرة، هل كانت هذ النتيجة مفاجأة لكم؟ تلك هي أحكام الديمقراطية ولا بد من قبول إرادة الشعب وحكمه وفي الانتخابات لابد للمترشح أن يقبل باللعبة السياسية ففيها النجاح وفيها الفشل لذا فعدم نجاحي لم يفاجئني . بعد صدور النتائج هل قيمتم العملية وماهي استنتاجاتكم؟ شخصيا أقر بأن هناك 3 عوامل حالت دون نجاح قائمة الشموخ التي أترأسها أولها : التشرذم والتشتت لأصوات الناخبين الذين وجدوا أنفسهم أمام أوضاع ضبابية بحكم كثرة القائمات المترشحة وعددها 26 وما قدمته لهم من إغراءات. وثانيها : تفاوت موازين القوى بين قائمات الأحزاب والقائمات المستقلة فإذا قامت بعض الأحزاب ب 5 اجتماعات في اليوم لم أقدر أنا إلا على عقد 11 اجتماعا شعبيا و 4 اجتماعات مضيقة وهو ما حال دون الالتقاء بالناخبين في المدن الصغيرة والقرى والارياف ومن الطبيعي أن لا يصوت الناس الذين لم نذهب إليهم لفائدتنا وهذا ما جعل تحركنا نخبويا حيث نظمنا اجتماعاتنا القليلة بالنزل ودور الثقافة وقاعات الأفراح وأهملنا عمق الجهة أما ثالث هذه الأسباب وأهمها فهو نوعية الخطاب فشخصيا كان خطابي مفرطا من العقلانية وكان من الصعب على أفراد المجتمع استيعابه لأنه كان بعيدا عن العاطفة فلم يدغدغ الشعور العاطفي للمواطن في حين خاطبه الاخرون بلغة الوعود والإغراء فتمكنوا من اقناعه باللعب على الشعور الغريزي للبقاء أو الانتماء وهذا ما يحتاجه الناخب اليوم فهو يحتاج إلى من يكلمه على الغذاء واللباس والشغل أما أن تحدثه عن الديمقراطية وفصول الدستور فلا أحد يسمع هذا الكلام في ظل الأوضاع الاجتماعية الحالية. وبقية القائمات والاحزاب ما سبب فشلها؟ من المؤسف جدا أن تتواجد أحزاب ولا تستطيع أن تستقطب إلا مئات قليلة من أصوات الناخبين رغم ما توفر لها من إمكانات مادية وبشرية كما أنه من غير المجدي أن تشارك قائمات مستقلة لا قاعدة لها ولا برامج واضحة تمتلكها فكان أن تشتت الاصوات هنا وهناك وأضرت بحظوظ عديد القائمات في النجاح. انتهت انتخابات المجلس التأسيسي فهل تنوي الترشح مجددا في المحطات السياسية القادمة وتغيير الخطاب؟ الخطاب في الحملات الانتخابية نوعان : خطاب علمي وخطاب سياسي. فأما الخطاب العلمي فهو الذي يتجه إلى العقل فينيره وهو خطاب تثقيفي توعوي ولا أعتقد أنني سأتخلى عن مبادئي بل سأواصل دوري كمثقف وهو الدور الأساسي لنخبة المجتمع المطالبة بقيادة الشارع ولا أن تقادمن قبل الشارع وأما الخطاب السياسي فهو الذي يدغدغ مشاعر المواطن بالاغراء والترغيب فيقدم له الوعود يمنة ويسرة ويحدث الناس بما يشفي غليلهم حتى إذا ما جد الجد استفاقوا من غفوتهم. أنا أرفض استبلاه الناخبين وسأواصل مخاطبة عقولهم وتلك أمانة حملت إياها ولابد من ادائها.