بدأ تهاطل الأمطار بغزارة أمس بمعتمديتي تينجة ومنزل بورقيبة بداية من الساعة السابعة صباحا وتواصل قرابة خمس ساعات ونتج عنه تعطل حركة المرور بالمعتمديتين وغمرت المياه بعض المدارس والمنازل وبعض المؤسسات الصناعية وحتى المستشفى. تحولت على عين المكان والبداية كانت بالحي المسمى سابقا «7 نوفمبر» والذي لم تقع إعادة تسميته إلى حد الآن في هذا الحي كانت الوضعية مزرية وكان جل المتساكنين خارج منازلهم بعد أن حاصرتهم المياه من كل جانب. وقد تحدثنا إلى الخالة جمعة ميلاد(67 سنة) التي أوضحت أن هذا الحي بدون قنوات تصريف وأن النظام السابق اخرجهم من مساكنهم السابقة بحي سيسيليا بدعوى تحسين أوضاعهم لكن اكتشفوا أنهم خدعوا إضافة إلى أنهم بعد 8 سنوات من سكنهم بهذا الحي لا يملكون أي وثيقة تثبت ملكيتهم... وغير بعيد عنها قالت ربح الصالحي (61 سنة) إن أوضاعهم مزرية فرغم حداثة الحي فإن الجدران تشققت وباتوا كل شتاء يعانون من تساقط قطرات المياه من الأسقف وكانت الوضعية الأسوأ في هذا الحي لمحسن خشروم الذي دفعته ظروفه المادية المحدودة إلى بناء منزل في هذا الحي وهو عبارة عن غرفة واحدة تتدبر فيها الأسرة كل حاجياتها وقد تسببت الأمطار التي نزلت أمس في سقوط جزء من منزله مما دفعه وزوجته علياء وأبناؤه عليا وعلي إلى التوجه إلى قاعة الأفراح قبل تحويلهم إلى المعتمدية في انتظار حل لوضعيتهم. هذا وقد رصدت «الشروق» متابعة معتمد منزل بورقيبة باديس بن جدو وعضو النيابة الخصوصية حمادي بن ملاح وأعضاء من المكتب المحلي لحزب المؤتمر بمنزل بورقيبة لوضعية متساكني هذا الحي. نفس مشاكل الحي السابق عاشتها أحياء في العريش وحومة الحواتة ودوار البيليك بتينجة حيث غمرت المياه المنازل وقد تجنّد المتساكنون خاصة في دوار البيليك للتصدي لسيول الامطار المتدفقة من كل جانب والتي حمل فيها جل المتدخلين المسؤولية لديوان التطهير. المدارس لم تسلم المدارس بدورها تعطلت بها الدروس ومنها شاكر 1 وحي النجاح بمنزل بورقيبة ونهج غاندي بتينجة. ففي مدرسة حي النجاح توقفت الدروس منذ التاسعة صباحا، وأوضح مدير المدرسة جلال العياري في هذا الصدد ان الأمطار التي نزلت بغزارة تسببت في برك من المياه بالمدرسة أشبه بالبحيرة واضطرته الى اخراج التلاميذ من أقسامهم هو وأحد المواطنين قبل حلول الحماية المدنية. وأضاف ان وضعية مدرسة حي النجاح ليست جديدة وتتطلب تدخلا عاجلا وجذريا لأن الطريق أعلى من سطح المدرسة اضافة الى ان قنوات التصريف لم تعد تفي بالحاجة. وأضاف ان مكتبه الذي توجد به آلة الطبع واختبارات الثلاثي الاول وأرشيف المدرسة ليس آمنا بعد ان غمرته المياه وأصبحت كل هذه الوثائق مهددة بالتلف. مع الحماية المدنية اثر ذلك اصطحبنا الحماية المدنية في جولة لمعاينة الأحياء على متن سيارة وفرتها الادارة الجهوية للفلاحة بالتنسيق مع الحماية المدنية، وقد اكتشفنا في هذه الرحلة سعة صدر سائق السيارة طارق العريش وهدوءه اضافة الى معاناة أعوان الحماية المدنية الذين رغم امكاناتهم المحدودة يقومون بواجبهم. والبداية كانت بحي البساتين الذي يعتبر من أكثر الاحياء بمنزل بورقيبة تضررا ففي هذا الحي التقينا بجلال الهذلي الذي كان منفعلا وحمل المسؤولية الى ديوان التطهير والى بلدية منزل بورقيبة التي تسببت في ما يعيشونه. وأضاف ان معاناتهم تعود الى 20 سنة حيث تحيط بهم المياه من كل جانب عند نزول الأمطار ويضطر الى منع أبنائه من التحول الى المدرسة وهذا بسبب قنوات التصريف التي تتطلب مراجعة شاملة في منزل بورقيبة. في نفس الحي التقينا بمنى بن علي التي تحدثت بكل حرقة وقالت ان مستوى الماء داخل غرف منزلهم في حدود المتر وهو ما أدى الى اتلاف عديد التجهيزات. ونفس الاحساس عبرت عنه منية بن نصر التي قالت انها اقتنت ثلاجة بالتقسيط والى حد الآن لم تسدد كامل المبلغ وان المياه التي غمرت المنزل قد تتسبب في اتلافها. اضافة الى التجهيزات الاخرى التي بللتها المياه وهي تطلب حلولا عاجلة لوضعيتهم. اثر ذلك توجه فريق الحماية المدنية الى منطقة جومة التي تبعد عن منزل بورقيبة حوالي 10 كلم بناء على اتصال هاتفي من متساكنيها وبوصولنا الى هذه المنطقة اتضح لنا حجم معاناة متساكنيها حيث اصبحت الطريق مقطوعة بسبب الاتربة والمياه التي تكدست فوقها وقد اتصل رئيس فرقة الحماية المدنية بإدارة التجهيز بمنزل بورقيبة لتوفير المعدات اللازمة لإزالة ما تكدس فوق الطريق. المحطة الموالية من هذه الرحلة التي رافقنا فيها الحماية المدنية هي مصنع «الستيب» بمنزل بورقيبة الذي توقف به العمل منذ صباح امس بسبب المياه التي غمرت عدة أماكن بهذا المصنع وخاصة المكان الذي توجد به آلات باهظة الثمن وتقدّر بالمليارات وقد أفادنا حمادي الساحلي احد المسؤولين بالشركة ان توقف العمل ينجرّ عنه خطايا تأخير ويجعلنا نفقد مصداقيتنا... قطة النهاية كانت مستشفى منزل بورقيبة وبالتحديد دهاليز قسم الاطفال الذي غمرته المياه وقد تدخلت الحماية المدنية وقامت باللازم . هذا ونشير الى أن المنطقة الصناعية توقف العمل بها صبيحة امس بسبب الأمطار المتهاطلة دون توقف.