هذا ما لاحظناه من خلال الشعارات المرفوعة ومن خلال حديثنا الى عدد من الحاضرين.. لكن مازال الشأن السياسي يشغل التونسيين. استجابة المجلس من بين المشاركين في الوقفة الاحتجاجية جوهر بن مبارك الذي ذكر ل«الشروق» أن الاحجاجات انطلقت منذ أيام لتحقيق مطالب عديدة منها إعادة النظر في قانون التنظيم الوقتي للسلط العمومية وعدم التوازن بين السلطات ذلك أن النص يعطي صلاحيات واسعة للوزير الأول منها التشريعية وهو ما نلاحظه من خلال الفصل (7) هذا الصل هو استعادة للفصل 34 و35 من الدستور القديم الذي عدّله بن علي وقد تمّ إعادة صياغته حرفيا. كذلك عدم التوازن بين صلاحيات رئيس الجمهورية والوزير الأول وعدم التوازن بين السلطة التنفيذية وسلطة المجلس التأسيسي لصالح الحكومة مما يفقد المجلس كل صلاحيات مراقبة الحكومة أو إسقاطها إلا بأغلبية الثلثين أي أنه بمجرد أن يصوّت المجلس للحكومة يفقد صلاحيات مراقبتها.. لكن بفضل الاحتجاج تمّ تغيير هذه النقطة كما تغيّرت نقاط أخرى لكن بقيت مسائل أخرى منها تشريك المعارضة في صياغة الدستور أو عرضه على الاستفتاء حتى لا تحتكر أحزاب الائتلاف على صياغة هذا الدستور الصغير، لكن مازالت نقاط هامة نناضل من أجلها منها تعيين رئيس المجلس التأسيسي رئيسا للهيئة المؤقتة للقضاء مما يتضمنه من تداخل للسلط. لكن المهم حسب بن مبارك هو أن المجلس يستجيب لمطالب المحتجين مما يشجعهم على مواصلة التحرّك للحصول على نصّ متوزان للتنظيم المؤقت للسلط العمومية وفصل تام بين السلط. لكن قبل أن ينهي بن مبارك حديثه قامت بعض الأصوات بالاحتجاج عن انتقاده للفصل السابع الذي ذكر أنه اقتبس من تنقيح قام به بن علي.. اعتداء وتعنيف ؟ أحد المحتجين ذكر أنه تمّ ليلة الخميس الاعتداء على المعتصمين وهو ما أكده بن مبارك وذكر أن الحادثة وقعت على الساعة العاشرة ليلا وقد تمّ كسر الخيام ورميها في «خصّة باردو»، كما قام مجهولون قدموا بواسطة شاحنتين بسرقة الهواتف الجوالة للمحتجين بل ذهب البعض للقول بأنه تمّ رمي المتظاهرين بالحجارة.. تضارب لكن محمد علي الذي قدم نفسه بأنه أحد متساكني باردو ذكر أن الحادثة تتمثل في أن عددا من المعتصمين قاموا باستهلاك الكحول مما أزعج متساكني باردو ودفعهم لردع هذه الممارسات.. لكن العديد من المعتصمين كذّبوا هذه الرواية بعد أن قاطعوا محمد علي من بينهم توفيق بن نور الذي ذكر أن هذه السيناريوهات الكلاسيكية تهدف الى تشويه اليساريين تماما كما حدث في اعتصامات القصبة، وأضاف: «انظروا الى هؤلاء الشباب القادم من مختلف ولايات البلاد هل ترون أن سلوكه وتضحياته تنسجم مع هذه التهم؟!» الإجابة جاءت على لسان الحاضرين «قطعا لا». غلاء... وغلاء غير بعيد عن الحلقات المنشغلة بحديث الدستور والسياسة كانت لافتات أخرى تجذب أعضاء المجلس الى الأرض والمعاش اليومي للتونسي الذي أصبح لا يطاق هذا ما قاله منذر عرفاوي وأضاف: «لم تعد الأسعار تطاق ولا أحد يلتفت اليوم للزوّالي فيلنزل أعضاء المجلس الأسواق ويتحسّسوا سعر البطاطا أو سائر الخضر كل شيء من نار هذا دون الحديث عن سعر اللحوم أو الأسماك وبينما يعاني المواطن يوميا من الغلاء لا يهتم أعضاء المجلس سوى بتوزيع الكراسي فيما بينهم». الاقتصاد أولويتنا احدى الفتيات اللاّتي كانت تحمل لافتة كُتب عليها «لا للطرابلسية الجدد»، سألناها من هم الطرابلسية فأجابت: الاقتصاد اليوم هو أولويتنا، لكن الفساد مازال متواصلا. إذ أن الجبالي يسعى لتعيين قريبه محافظا للبنك المركزي (وهو ما روّجته عدّة مواقع في الفايس بوك). فتاة أخرى كانت ترفع شعارا عن غلاء المعيشة استغربت أن يتحوّل اهتمام الرأي العام الى مسائل هامشية على غرار النقاب واهمال القضايا الحقيقية للتونسي وهي اقتصادنا الذي بلغ مرحلة الصفر والوضع الصعب الذي يعاني منه المواطن. اتركوا النساء ويواصل محمد علي في نفس الاتجاه: «قامت الثورة من أجل ايجاد مواطن عمل وتحسين ظروف عيش التونسيين وليس من أجل نقاش التوجّهات الدينية لفئات المجتمع». وأضاف: «نحن متواجدون اليوم للفت انتباه أعضاء المجلس بأن فواتير «الستاغ» والماء تضاعفت وكذلك هو حال باقي المواد الغذائية والبعض يهمل كل هذا من أجل لباس بعض النساء. نحن ندعو الجميع أن يتركوا المرأة وحالها ويهتموا «بسراق البلاد». الفقر لا النقاب من جملة المحتجين الممثلة هنا فهري التي تقول: «على المجلس أن يهتمّ بمشاغل المواطن الاجتماعية والسياسية وبالفقر الذي طال أكثر من ربع التونسيين، لكن نرى المسؤولين يتركون كلّ هذا جانبا ويهتمون «بالنقاب». وتضيف: «لقد جئنا اليوم لنقول اللباس يدخل ضمن الحريات الشخصية وعلينا أن نتعايش معا رغم اختلافنا، لكن المهمّ هو أن نعالج القضايا المصيرية قبل أن تزيد تعقيدا». خصومات على الكراسي كذلك ترى السيدة راضية (متقاعدة) أن أعضاء المجلس تم انتخابهم من أجل صياغة دستور، لكنهم لم يلتزموا بذلك، بل أصبحوا يتنازعون على «الكراسي» تاركين الشعب يتخبط في الديون وغلاء المعيشة التي تضاعفت بعد الثورة بدل أن تتجه نحو الانخفاض. من أجل الهوية أما محمد وليد، فإن هدفه اليوم من الاعتصام هو حسب قوله: «المحافظة على هويّة تونس» وعدم المساس بعلم البلاد ولا بالنشيد الوطني، لذلك كتب النشيد على طريقته «ولا بد للجبالي أن ينجلي ولا بدّ للنهضة أن تنكسر». أحد المعتصمين تساءل كيف يتم خلال هذه الأيام توجيه اهتمام الرأي العام للنقاب في حين أن الأزمة الاقتصادية طالت دولا كبرى وهي تبحث حاليا عن الخروج من هذه الصعوبات المالية. فكيف سيكون موقف تونس التي تعيش هذا المأزق مضاعفا بهشاشة اقتصادنا في الداخل وتأثير الأزمة الأوروبية علينا... لماذا يترك المجلس التأسيسي هذه القضايا ويهتم بالمنقبات أو يقطع أشغاله لتشييع جنازة قريبة احدى العضوات.