يعقد المجلس التأسيسي اليوم جلسة مهمّة للمصادقة على مشروع قانون التنظيم المؤقت للسلط العموميّة ومشروع النظام الداخلي للمجلس... كيف تنظر مختلف الأطراف السياسية إلى هذه الجلسة المرتقبة وما هي انتظاراتها ورؤيتها لسير عمل المجلس في المرحلة القادمة؟ رئيس كتلة حركة «النهضة» في المجلس التأسيسي نور الدين البحيري قال إن جلسة اليوم ستشهد انطلاق نقاش مشروع قانون التنظيم المؤقت للسلط، مضيفا «لدينا ثقة في أن أعضاء المجلس سيراعون في هذا النقاش مصلحة البلاد والوضع الخاص الذي تعيشه تونس والذي يتطلب التعجيل بانتخاب رئيس للجمهورية وتزكية الحكومة التي سيكلف رئيسها بتشكيلها.
الاختلاف رحمة
وأضاف البحيري أنّ «الأوضاع في البلاد لم تعد تنتظر أكثر، فهناك اليوم سلطة شرعية منتخبة هي المجلس وهناك حكومة مؤقتة مستقيلة تكفلت بتسيير الأعمال وهي مشكورة على كل ما بذلته من جهود، وهناك أيضا شارع وبلاد تنتظر قرارات كبيرة وخطيرة لا يمكن لحكومة تصريف أعمال أن تتّخذها، وهذا ما يفسّر إلى حدّ ما حالة الانفلات التي عاشتها وتعيشها كثير من المدن التونسية.»
وبخصوص الإطار الذي ستجري فيه النقاشات قال البحيري «تقديرنا أن إخوتنا وأصدقاءنا في المجلس سيكونون في مستوى طموحات الشعب الذي يطالب بالتعجيل بحل مشاكله الخطيرة التي بدأت تتعكر يوما بعد يوم، كما أن الوضع الأمني والاقتصادي والاجتماعي لم يعد ممكنا أن تديره حكومة تصريف أعمال بل حكومة منتخبة حتى تتحمل مسؤولياتها كاملة».
وتابع البحيري قوله «نحن ندخل في حوار على أساس مشروع أعدّته لجنة تضم كل الأحزاب والكتل بما فيها المستقلّة وأعتقد أن الحوار العميق الذي دار داخل لجنة إعداد المشروع سييسّر علينا الحوار داخل المجلس، فنحن إزاء أول مؤسسة ديمقراطية منتخبة بشفافية لأول مرة منذ أكثر من خمسين عاما، لذلك لا خوف من الحوار ولا خوف من الاختلاف، فالاختلاف رحمة والتنوع الموجود أمر إيجابي والتعدد هو الضامن للحوار العميق والضامن للنجاح، نحن نختلف ونتنوع ونتعدد ونتحاور ونتشاور ولكن لا نتخاصم ولا نتناحر وهدفنا الدفاع عما نعتقد أنّه مفيد لبلادنا وما نعتقد أنّه يحقق أهداف الثورة وينجز الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية التي يطالب بها شعبنا».
وأضاف القيادي في «النهضة» قائلا «نطمئن شعبنا بأن تنال كل خطوة حظّها من الوقت للنقاش، ولا خوف على تونس ما ابتعد التونسيون عن الاستقطاب الإيديولوجي الذي عانت منه البلاد كثيرا وعن الاستقطاب الجهوي والفئوي وما آمنوا بأنه لولا وحدة المجتمع التونسي بكل فئاته ما كانت ثورة وما كانت انتخابات ناجحة في 23 أكتوبر الماضي».
وشدّد البحيري على أنّ التنوع والتعدّد يجب أن يكون في إطار وحدة البلد، فلا عيب إن اختلفنا لأن الاختلاف هو عامل إثراء وهو عامل تطوير بشرط أن يكون في إطار الوحدة الوطنية».
نقاشات طويلة
أمّا عضو المجلس التأسيسي عن حزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات المولدي الرياحي فاعتبر أنّ ما سيبدأ اليوم هو النقاش حول التنظيم المؤقت للسلط، حيث من المنتظر أن تتناول مختلف الكتل والأعضاء الكلمة وبالتالي قد يستمرّ النقاش كامل اليوم على الأقل، لأن هذا عبارة عن دستور صغير يضبط صلاحيات السلط بما فيها السلطة القضائية، والعلاقات بينها وكل ما تم هو إجراءات التصويت لمنح الثقة أو سحبها.
وقال الرياحي «في اعتقادي هذه أمور أساسية تستدعي حوارا نرجو أن يكون معمّقا وصريحا وهادفا، وإذا كانت هناك بعض النقاط التي تحتاج إلى معالجة وتسمح بتحديث هذه الوثيقة والارتقاء بها إلى الانتظارات فهذا أمر محبّذ.»
وأضاف الرياحي أنه «بعد المصادقة على هذه الوثيقة يمر الأعضاء إلى الحوار حول النظام الداخلي للمجلس، ولا ندري كم ستستغرق هذه المسألة، وهذا أيضا يستدعي حوارا طويلا، ثم ستنعقد جلسة لانتخاب رئيس الجمهورية، وهذه المسألة أيضا تتطلب بعض الوقت».
وردّا على سؤال حول الروح التي ستتمّ بها مناقشة هذه الوثيقة في جلسة اليوم قال الرياحي «أعتقد أن الجميع على وعي كبير بالمسؤولية ولديهم رغبة كبيرة في أن تتم هذه التراتيب على أفضل ما يكون حتى تصبح لدينا سلطة جديدة في أقرب وقت، فالوضع الدقيق يدعو إلى كثير من المسؤولية لإرساء السلط الجديدة في أقرب وقت إذ لا بدّ من البدء في تحقيق أهداف الثورة فمن أجل هذا تم انتخاب نواب الشعب».
تحفظات وتساؤلات في المقابل أبدى عضو المجلس التأسيسي عن الحزب الديمقراطي التقدّمي عصام الشابي تحفّظات على بعض النقاط الخاصة بجلسة اليوم من حيث الشكل والمضمون. وقال الشابي إن رئيس المجلس وجّه دعوة إلى حضور جلسة عامة وقد وجه برقيات إلى الأعضاء بهذا الخصوص ولكن دون تحديد جدول أعمال هذه الجلسة كما أنه لم يتم توزيع مشاريع القوانين التي سنناقشها على أعضاء المجلس.
واعتبر الشابي أنه في ظل غياب نظام داخلي لهذه الجلسة، فإن الجلسة في حاجة إلى تنظيم مؤقت، وكما جرت الجلسة الافتتاحية بعد دعوة الرئيس المؤقت مختلف الأطراف إلى تدارس كيفية إدارتها كان على رئيس المجلس التأسيسي اليوم أن يقوم بنفس الخطوة.
ورأى الشابي أن الاجتماع سيصطدم ببعض الصعوبات فالنواب لم تصلهم النصوص وجدول الأعمال غير محدّد فضلا عن غياب صيغة لإدارة الجلسة. وأضاف ممثل الحزب الديمقراطي التقدّمي «ما بلغنا أنه سيقع تداول مشروع التنظيم المؤقت للسلط ثم النظام الداخلي، ولست أدري لماذا سيتم النقاش بهذه الطريقة؟ فالمفروض أن يجري العكس ونحن نتمنى احترام التراتبية المنطقية.
وأكد الشابي أن لدى حزبه تساؤلات تنتظر أجوبة قبيل بداية الجلسة موضحا أنه كان من المفروض أن يطلب كل عضو يوما على الأقل للاطلاع على المشاريع المعروضة حتى يتمكن من مناقشتها وإبداء رأيه بشأنها».
من جانبه توقّع ممثل تيار العريضة الشعبية في المجلس حسني بدري أن تكون مناقشات جلسة اليوم حادّة وربما على مستوى عال لأن «المعارضة ستكون موجودة وستفرض نفسها كما أنه من المؤكد جدّا أن يتم إدخال تعديلات على بعض الفصول» موضحا أن التحوير الذي سيجري ليس لمصلحة الأشخاص بل لمصلحة تونس التي تنتظر أبناءها لإنقاذها».
وقال بدري إن «بلادنا لا تحتمل الانتظار ونحن نأمل في الوصول إلى حل توافقي من أجل مصلحة البلاد» مؤكدا أن «الكل شاعرون بالمسؤولية لأننا أعضاء منتخبون اختارنا الشعب لتمثيله».