شارع قرطاج... وسط العاصمة شاهد بارز على أهمية الفعل الثقافي في تونس... منذ سبعينات القرن الماضي... تتوسطه بناية ضخمة وفخمة بواجهتها البلورية الكبيرة التي تحرض للمارين أحدث المنشورات الفكرية والادبية والروائية والاقتصادية والاجتماعية من خلال معرض قار على مدار السنة... هي الشركة التونسية للتوزيع التي هي جزء هام من الذاكرة الفكرية والابداعية في تونس... هي تاريخ الثقافة وأرشيفها...لم يكن هينا تقبل قرار اغلاق هذه المؤسسة الابداعية العريقة في نهاية ثمانينات القرن الماضي...
كان قرارا صعبا تقبله من أهل الفكر والثقافة...قرار الغلق كان علامة رمزية فارقة على تغير طريقة تعامل الدولة مع المواطن... وكان في الحسبان تصحيح أسلوب معالجة ما هذا الأمر...
جاء القرار بتحويل هذا الفضاء الثقافي الى فضاء للتجار المتجولين يتجمعون فيه على غرار الأسواق المنتشرة في الأحياء الشعبية...صدمة كبرى لا مجال للشك فيها... لم يقف الأمر عند هذا الحد... حيث كانت نهاية هذا الصرح الثقافي صباح أمس بسقوطه وتحوله الى ركام معلنا بذلك طمسا نهائيا لذاكرة ابداعية ظلت نقطة ثقافية مضيئة على مدى عقود طويلة...