التامت مساء اول امس بدار الثقافة ابن خلدون ندوة نظمتها «الهيئة الوطنية لدعم المقاومة العربية ومناهضة التطبيع» بمناسبة احياء اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني. تخلل هذه الندوة بعض الأغاني قدمتها فرقة «الكرامة» وتمحورت معظمها حول النضال الفلسطيني تفاعل معها الحضور ورددوا شعارات تنادي بتحرير فلسطين ورفض التطبيع. اضافة الى بعض المداخلات الشعرية كما تم عرض شريط فيديو قصير لعملية «الطائرات الشراعية» التي استشهد فيها التونسي «ميلود نومة» سنة 1987 اضافة الى عمليات استشهادية أخرى شارك فيها عدد من التونسيين الذين قدموا أرواحهم فداء للقضية الفلسطينية. قام بتقديم الضيوف وتنشيط الندوة احمد الكحلاوي رئيس «الهيئة الوطنية لدعم المقاومة العربية» الذي أشار الى الدور الفعال للاتحاد العام التونسي للشغل في دعم القضية الفلسطينية قبل أن يقدم نور الدين حشاد نجل الزعيم الراحل فرحات حشاد مداخلة أكد من خلالها العلاقة الوطيدة بين الاتحاد العام التونسي للشغل في زمن فرحات حشاد والمقاومة الفلسطينية مستندا الى وثائق تاريخية. وحضر الندوة عدد من الأسرى المحررين وكان ل«الشروق» مع اثنين منهما لقاء تحدثا فيه عن معاناتهما داخل سجون الصهاينة قبل الافراج عنهما مؤخرا في اطار ما عرف بصفقة «شاليط». وفي رده عن سؤال «الشروق» بهذا الخصوص اكد «علي محمد عصافرة» ان القضية التي دخل بسببها السجون الاسرائيلية هي الانتماء الى «كتائب القسام» وحكم عليه بأربع مؤبدات قضّى منها 9 سنوات.. ويضيف قائلا «القضية الأساسية التي أعتقد أنها سبب دخولي السجن هي عشقي الدائم لفلسطين.. أنا فلسطيني أدافع عن بلدي وأهلي وشعبي و أرضي وعرضي.. هذه القضية استوجبت الحكم عليّ بأربع مؤبدات لكني اعتقد ان فلسطين تستحق أكثر..» أما «علي احمد العمودي» فيقول « دخلت السجون الاسرائيلية بتهمة مقاومة الاحتلال والمشاركة في عمليات عسكرية.. حكم عليّ بثلاث مؤبدات قضّيت منها 18 سنة سجنا». وفي ما يخص عمليات التعذيب التي شغلت الرأي العام العالمي لسنوات يقول محمد عصافرة «عذبوني طوال 9 سنوات لكن الحمد لله أنا أقل الأسرى تعذيبا فهناك من تم تعذيبه طوال 35 سنة.. فترة تعذيبي مقارنة بالآخرين كانت لينة وهينة».. وإذا ما كانت فترة تعذيب عصافرة لينة فإن احمد العمودي ذاق الامرين داخل المعتقلات بسبب ما تعرض له من تعذيب وهو ما دفعه للقول «تم تعذيبي طوال 18 سنة بأساليب مختلفة ومتعددة انطلاقا من الضرب والخنق وصولا الى الموسيقى الصاخبة والضجيج وسب الذات الالهية والشتم». وبما أن جراح التعذيب والأسر لا تندمل حتى وان خرج الاسير من السجن فقد سألنا الأسيرين المحررين عما علق في الذاكرة من ماضي الأسر فاجمعا على أن سوء حال من تركوهما خلفهما في السجون أشد الجراح وجعا حيث قال عصافرة «بقيت في ذاكرتي جروح الاخوة الذين مازالوا أسرى الكيان الصهيوني. .صحيح أننا خرجنا لكن تركنا خلفنا إخوة يمضون عشرات السنين تحت التعذيب.. لكن أريد أن أقول لهم أن جراحهم هي جراحنا وألمهم ألمنا وحزنهم حزننا.. نحن نعرف جيدا ما يعانون وبماذا يشعرون خاصة في الفتر ة الأخيرة حيث نلاحظ وجود هجمة صهيونية شرسة مدعومة بالقضاء الاسرائيلي للتضييق عليهم وحرمانهم من أبسط حقوقهم الإنسانية والضغط عليهم لإبقائهم في حالة توتر وضيق.».. أما أحمد العمودي فقد أضاف على هذا إن ما يؤلمه أكثر هو قضاء 18 سنة من عمره في السجن..وعرّج قائلا «هذه التضحية ليست غالية على وطني وبلدي واذا استوجب الأمر سأقضي بقية عمري مناضلا ومجاهدا حتى أرى فلسطين وكل البلدان العربية الاسلامية حرة بإذن الله». وفي ما يخص السبل التي كانت تربط الأسرى من داخل المعتقلات بالمستجدات على الساحة السياسية الفلسطينية أكد الأسيران المحرران أن الروابط مع العالم الخارجي كانت شبه منعدمة حيث قال عصافرة «متابعتنا داخل السجون كانت ضعيفة للغاية ولا يتوفر لنا الا عدد قليل جدا من القنوات واحدة بالعربية والباقي بالفرنسية والروسية ولا أحد منا يتقن هذه اللغات..اضافة الى سياسة الحرمان الدائم من الأخبار التي تعتمدها اسرائيل معنا حيث يتم معاقبة الأسير بمنعه من الأخبار كجزاء على أية مخالفة يقوم بها. وهذا ما دفع الأسير على «الاشتغال في نفسه» ومع ذلك كنا نتابع المستجدات عن طريق الرسائل التي تأتينا من الخارج ونعمل جاهدا في صورة وجود خلافات على تقريب وجهات النظر والتوفيق بين الناس ومن أهم ما قمنا به «وثيقة الاسرى» التي كان لها صدى كبير. أما أحمد العمودي فقد كان أوفر حظا حيث كان يتابع الأخبار عبر الراديو وعن سبب وجود هذا الجهاز قال عصافرة «تحصلنا على جهاز راديو بعد إضراب طويل عن الطعام.. ثم تمكنا من إدخال الجرائد وكنا من خلالها نتعاطى مع الشأن الفلسطيني اضافة الى أنه كان يسمح لنا بين الفترة والأخرى بزيارات يمكّننا خلالها أهلنا من بعض المستجدات».
بما أن الأسرى المحررين أصبحوا مهددين بالعودة الى السجون خاصة بعد تواتر المداهمات لمنازلهم وتكرر محاولات اعتقالهم سألنا الأسيرين المحررين عن مدى واقعية هذه الخطوة التي تقدم عليها اسرائيل والمغزى الأساسي منها فأجاب عصافرة بأنه «لا حاجة لعودة الأسرى الفلسطينيين الى السجون الاسرائيلية..
هناك من السجون ما يكفي..» أما العمودي فقال «اسرائيل ماضية في هذه الخطوة وحصلت مداهمات لمنازل الاسرى المحررين في الضفة الغربية.. و«أضاف أن من تم تحريرهم ممنوعون من السفر حتى لأداء فريضة الحج وهم مطالبون بإثبات حضورهم يوميا «وأكد أن اسرائيل خصصت مكافآت مالية لمن يقوم بقتلهم». أما بخصوص بعض التصريحات التي طفت على الساحة في الآونة الأخيرة والتي شددت على أن الطريقة المثلى لتحرير الأسرى الفلسطينيين هي خطف المزيد من الجنود الاسرائيليين أكد عصافرة أن هذه الفكرة «موجودة في عقل كل شبل فلسطيني..
وهي وهم بالنسبة لكل متخاذل» وأضاف إن الأسرى يمضون عشرات السنين في السجون الاسرائيلية ولا يخرجون الا إذا تم أسر جندي اسرائيلي وقال «حين يتحدث إخواننا في الطرف الآخر ويقولون إن الأسر يسبب المشاكل.. نقول لهم وللعالم أخرجوا أسرانا بأية طريقة ونؤكد لكم أننا لسنا متعطشين للخطف». في حين قال أحمد العمودي «هذا واقع الحال بالنسبة لنا فالأسرى المحكومون بالمؤبدات والذين شاركوا في أعمال مقاومة لن يطلق سراح أي منهم الا اذا تم أسر جنود اسرائيليين.. هذا هوالحل الى أن تفعل اسرائيل شيء اخر». التامت مساء اول امس بدار الثقافة ابن خلدون ندوة نظمتها «الهيئة الوطنية لدعم المقاومة العربية ومناهضة التطبيع» بمناسبة احياء اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني.