قرّرت الدائرة الجنائية بالمحكمة العسكرية الدائمة بتونس أمس تأخير النظر في ما عُرف بقضية شهداء تونس الكبرى والولايات التي تعود بالنظر لمحكمة تونس العسكرية الى جلسةالثالث من جانفي 2012، بعد أن خصصت جلسة الأمس لتلاوة قرار دائرة الاتهام واستنطاق متهمين، كما قرّرت رفض الافراج عن الموقوفين. وقد تلت المحكمة قرار دائرة الاتهام الذي تضمن قائمة المتهمين والتهم الموجهة إليهم وأعمال التحقيق الاستقرائية والأبحاث والاستنتاجات المستوحاة منها، وهو القرار الذي تضمن التهم الموجهة رسميا للمتهمين قبل مثولهم أمام هيئة المحكمة بعد أن كانت محكمة التعقيب قد رفضت طعن المتهمين في قرار دائرة الاتهام. المتهمون والمتهمون هم زين العابدين بن علي، الرئيس المخلوع ووزير الداخلية الأسبق رفيق القاسمي المعروف باسم رفيق الحاج قاسم وجلال بورديقة العميد بقوات الأمن الداخلي سابقا ولطفي الزواوي محافظ شرطة عام سابقا ورشيد بن عبيد محافظ شرطة عام سابقا والعادل التويري محافظ شرطة عام من الصنف الأول سابقا وعلي السرياطي أمير لولاء مدير عام أمن رئيس الدولة والشخصيات الرسمية سابقا ومحمد الأمين العابد آمر الحرس الوطني السابق، ومحمد الزيتوني شرف الدين العميد بالحرس الوطني سابقا وعلي بن منصور محافظ شرطة عام سابقا والعميد بقوّات الأمن الداخلي السابق محمد الكريمي ومحافظ الشرطة العام سابقا الشاذلي الساحلي وأحمد فريعة وزيرالداخلية في اليومين الأخيرين من أيام نظام بن علي ومحافظ شرطة أعلى الناصر بن عامر والملازم الأول بالادارة العامة لوحدات التدخل عبد الباسط بن مبروك والعريف أول بالحرس الناصر العجمي وضابط شرطة أول منجي الزواوي وناظر الأمن صالح تاج ومفتش الشرطة رمزي الحجيري وناظم الأمن الحبيب الطرابلسي وحافظ الأمن نبيل الجبالي وناظر الأمن محمد المرادي وناظر الأمن أول عبد الحميد الغربي وضابط شرطة مساعد طارق الرويسي وناظر أمن أول لطفي الخميري وضابط شرطة مساعد أسامة الشاذلي وناظر أمن مساعد هشام الماجري والملازم بالشرطة علي الحراق وناظر أمن أول نورالدين الحمروني ومفتش شرطة أول خميس المثلوثي وناظر أمن أول الحبيب عياشي وناظر أمن مساعد أحمد الشيحي وناظر أمن مساعد مجدي الشايب ومحافظ شرطة مراد الرياحي، وحافظ أمن غازي الثابت وضابط الشرطة وسام المديوني وحافظ الأمن الحبيب الحمروني وضابط شرطة أول لطفي الفطناسي ومفتش شرطة أول صلاح الدين الباجي والنقيب بالحرس الوطني عادل حمدي، والعريف بالحرس عبد الكريم بن اسماعيل وضابط شرطة مساعد محمد العيد البوغديري، وضابط الشرطة المساعد قيس بوراوي. احدى عشرة متهما بحالة ايقاف ومنهم من هو بحالة فرار وهو بن علي والباقون بحالة سراح. التهم وجّهت دائرة الاتهام تهمتي المشاركة في القتل العمد مع سابقية القصد والمشاركة في محاولة القتل العمد مع سابقية القصد لبن علي ورفيق الحاج قاسم وجلال بودريقة ولطفي الزواوي والعادل التيويري وعلي السرياطي ومحمد الأمين العابد ومحمد زيتون شرف الدين ومحافظ ضابط شرطة. ووجّهت تهمتي المشاركة السلبية في جريمتي القتل مع سابقية القصد ومحاولة القتل العمد مع سابقية القصد لخمسة متهمين وتهمة القتل العمد مع سابقية القصد لعريف أول بالحرس الوطني وتهمتي القتل العمد مع سابقية القصد ومحاولة القتل العمد مع سابقية القصد ل19 متهما وتهمتي القتل العمد ومحاولة القتل العمد لأربعة متهمين وتهمة القتل العمد لمتهمين اثنين وتهمة المشاركة في القتل العمد لضابط شرطة أول وتهمة القتل عن غير قصد الناتج عن الاهمال والتقصير على ضابط شرطة مساعد، وفقا لأحكام الفصول 32 و59 و59 و201 و202 و205 و217 من المجلة الجزائية والفصل 2 من الأمر المؤرخ في 9 جويلية 1942 المتعلق بعدم الاستنجاد القانوني. وقائع كشف قرار دائرة الاتهام عن أن بن علي توجّه الى الامارات العربية المتحدة لقضاء اجازته مع أفراد عائلته وأنه عند عودته يوم 28 ديسمبر 2010 عقد اجتماعا بقصر الرئاسة أثنى خلاله على مجهودات أعوان الأمن والحرس للتصدي بكل قوة للمتظاهرين وأسدى تعليمات بتشجيع أعوان الأمن وتحسين أوضاعهم وأعطى تعليماته لوزير الداخلية رفيق الحاج قاسم باستعمال السلاح والذخيرة الحية لقمع المتظاهرين وقد تكوّنت خلية أزمة صلب وزارة الداخلية للاشراف على تسيير قوات الأمن على الميدان لتأتمر بأوامر أعضائها، وكشف قرار دائرة الاتهام عن أنه تمّ إزهاق أرواح وجرح العشرات في الفترة الفاصلة ما بين أيام 10 و14 جانفي 2011 بولايات تونس ومنوبة وأريانة وبن عروس وبنزرت ونابل وزغوان وسوسة. كما كشف عن طرق قتل الشهداء واطلاق النار عليهم بشكل متعمّد، وكانت الغاية من كل ذلك «أن يظل بن علي في الحكم مهما كان عدد القتلى». رفيق الحاج قاسم: أنا غير معني بالقضية في حدود الساعة الواحدة والنصف من مساء أمس رفعت المحكمة الجلسة بعد أن تلا رئيس الدائرة القاضي الهادي العياري قرار دائرة الاتهام واعطيت راحة لمدة ساعة ثم رجعت للانتصاب من جديد وبرز خلاف بين المحامين، بين من يطلب التأخير للاطلاع وبين من لا يمانع أن تنطلق المحكمة في عملية استنطاق المتهمين. وقد استقرّ الرأي على أن تنطلق المحكمة في بعض الاستنطاقات ثم تتولى تأخير الجلسة الى موعد لاحق. بدأت الاستنطاقات، باستنطاق وزير الداخلية الأسبق رفيق الحاج قاسم، الذي قال إنه تولى الوزارة من سنة 2004 الى سنة 2011 وقال إنه كان يتابع الأحداث بشكل يومي وتصله تقارير في الغرض يوميا أو دوريا وقال إنه لا يباشر العملية الأمنية وأن التعليمات التي يتلقاها أعوان الأمن حسب القانون إما من وزير الداخلية أو من رئيس الجمهورية أو عبر الوزير الأول وقال إن قتل بعض المتظاهرين كان نتيجة الدفاع الشرعي عن النفس، وتمسّك بأنه في الفترة المتراوحة بين 17 ديسمبر و12 جانفي 2011 تاريخ اقالته لم يسقط أي شهيد في تونس، وبالتالي فهو غير معني بهذه القضية حسب رأيه وأن مسؤوليته فقط على ما جرى في تالة والقصرين وسيدي بوزيد. وسأل القاضي المتهم الحاج قاسم عن تصريحات محمد الغرياني الأمين العام للتجمع المنحلّ والتي قال فيها إن عدد القتلى كان مرتفعا نتيجة اعتماد الأسلوب الأمني من قبل القيادة الأمنية وعلى رأسها رفيق الحاج قاسم، وأضاف الغرياني بأن تصريحات بن علي «بكل حزم بكل حزم»، كانت تعليمات لاستعمال الرصاص وقد نفى رفيق الحاج قاسم ذلك، وقال: «لقد حاولنا توخي طرق أخرى مثل المعالجة السياسية أو تقديم المساعدات وايفاد وزراء لكنها لم تؤتي أكلها». وقال رفيق الحاج قاسم إن بن علي كان يعتبر بأن القول بتوسع الاحتجاجات كان من قبيل التضخيم والتهويل وذلك في اطار اجتماع في الديوان السياسي للتجمّع. وأضاف المتهم بأنّ بن علي بعد أن رجع من عطلته بالامارات قال أثناء اجتماعه بالقيادات الأمنية انه لم يتمتع بالعطلة هو وابنه، وأن ابنه لم يكن مرتاحا، وقال أيضا إن بن علي أراد أن يلبس أعوان النظام العام «البوب» زي الجيش خاصة في تالة والقصرين بعد رفض المواطنين وجودهم في المدينتين، إلا أنّ الجنرال رشيد عمار رفض ذلك فتمّ اعطاؤهم زي الحرس الوطني الذي كان أقل قمعا في التعامل مع المتظاهرين. القناصة من هم؟ أمّا عن موضوع القناصة، فلقد قال المتهم إنه لا وجود في وزارة الداخلية للقناصة وقال إنّ المختصين في هذا المجال هم من فرقة مقاومة الارهاب التي لم تشارك في قمع المتظاهرين وهناك مختصون في الحرس وفي الحرس الرئاسي وتمسك بانكار التهم المنسوبة إليه وقال إنه لم يصدر أي تعليمات باطلاق النار على المتظاهرين وأصرّ على عدم وجود صلة له بهذه القضية. بودريقة: 3 شاحنات لكامل البلاد ثم استنطق رئيس الدائرة العميد جلال بودريقة المدير العام لوحدات التدخل من سنة 2008 الى سنة 2011، الذي قال إنه توجه الى سيدي بوزيد بعد يوم من أحداث 17 ديسمبر وأنه ظل هناك لمدة ثلاثة أسابيع، وقال إن وحدات التدخل تضم 9500 عون مؤزعة على 8 إدارات ودورها هو مجابهة ومكافحة الشغب. وعندما سأله القاضي عن الوسائل الواجب استخدامها حسب القانون قبل اطلاق النار قال إن التجهيزات غير كافية وضئيلة جدا وكشف عن وجود 3 شاحنات لخراطيم المياه في كامل الجمهورية وهي نفسها منذ سنة 1977 لم يتم تجديدها وقال إن أعوان الأمن كانوا يلجأون الى حافلات شركة النقل وأضاف بأنه تم تزويدهم بالمسدّسات الشخصية وبالرشاشات من نوع شتاير. وحول قمع المتظاهرين قال المتهم جلال بودريقة إنه لم يصدر أي تعليمات بالقتل وأنه كان دائما يطلب من الأعوان عدم استخدام الرصاص الحي. كما نفى أيضا تلقيه لأي تعليمات من بن علي أو من رفيق الحاج قاسم أو من علي السرياطي باطلاق النار وبالقتل. أما عن موضوع القناصة، فقال إنّ القناصة هم الرماة الممتازون بفرقة مقاومة الارهاب ومقرّها بوشوشة وهم يلبسون أقنعة ولباس أسود وجمازات من الجلد ويتدرّبون بمفردهم،وقال إنهم لم يغادروا الثكنة اطلاق ولم يشاركوا في قمع المتظاهرين. وعن كيفية اعطاء التعليمات للأعوان قال إنها كانت تصدر شفويا وأنه لا وجود لتعليمات كتابية إلا يوم 9 جانفي. بعد أن استنطقت المحكمة المتهمين ، قدم المحامون مطالب افراج عن منوّبيهم وطلب ممثل النيابة العمومية رفض تلك المطالب وقرّرت المحكمة تأخير النظر الى جلسة يوم 3 جانفي 2012 وقرّرت أيضا النظر في مطالب الافراج التي تقدم بها المحامون بعد الجلسة، قبل أن تقرّر رفض كل المطالب والابقاء على المتهمين الموقوفين بحالة ايقاف.