واصلت أمس إلى ساعة متاخرة من المساء المحكمة الابتدائية العسكرية الدائمة بالكاف النظر في قضية شهداء تالةوالقصرين من خلال جلسة ثالثة بعد جلستي 28 نوفمبر و12 ديسمبر. القضية يصفها كثيرون ب» قضية القرن « بحكم ثقل وزنها من حيث عدد المتهمين ( 22 متهما بمن فيهم الرئيس المخلوع و آخر وزيري داخلية في عهده ومدير امنه الرئاسي ومسؤولين وضباط امنيين خلال احداث الثورة ) وبحكم ارتفاع عدد المتضررين فيها ( 23 شهيدا وحوالي 600 مصاب بالرصاص ) وكلهم من ابناء القصرينوتالة والكاف والقيروان ممن خرجوا في مسيرات ومظاهرات بطولية في جانفي 2011 مما عجل بالاطاحة بالنظام السابق يوم 14 من الشهر نفسه. وكانت المحكمة قد استمعت في الجلستين الماضيتين لعدة متهمين منهم رفيق الحاج قاسم وعلب تاسرياطي واحمد فريعة وعادل التيويري وجلال بودريقة وغيرهم. كما استمعت لطلبات المحامين من الطرفين. وقد خُصصت الفترة الصباحية من جلسة أمس للاستماع الى 3 متهمين لم يقع سماعهم في الجلستين الماضيتين وهم المنصف العجيمي وخالد مرزوق وبشير بالطيبي ، الأولان في حالة سراح وحضرا بالمحكمة للمرة الاولى والثالث بحالة ايقاف وأُحضر في الجلستين الفارطتين. اما الجلسة المسائية فخصصت لسماع طلبات محاميي المتهمين والمتضررين وشهادات الشهود. أول شهيد بتالة تكلم المتهم خالد مرزوق (آمر فوج مركزي سابقا والآن) والمتهم بالقتل العمد مع سابقية القصد ومحاولة القتل العمد مع سابقية القصد طبق الفصول 59 و201 و202 من المجلة الجنائية. وقد افاد انه جاء لتالة يوم 3 جانفي و في اليوم نفسه حلت عدة تعزيزات من مختلف انحاء الجمهورية (من قفصة وسوسة ونابل وباجة. .)وقال ان أيام 4 و5 و6 جانفي مرت عادية عدا بعض المظاهرات في المساء والليل ولم يحصل شيء يذكر. ويوم 6 جانفي ليلا تجمع على حد قوله 5 آلاف شخص واتفق معهم المسؤولين الامنيين بحضور معتمد الجهة على تنفيذ طلباتهم المتمثلة في اطلاق سراح الموقوفين وقدوم مسؤول وطني لزيارتهم وتحويل تالة الى ولاية. واتفق الجميع على تحقيق ذلك يوم 8 جانفي لكن مر هذا اليوم ولم تتحقق الوعود وكانت كل المؤشرات توحي ان امرا ما سيحدث بحكم حالة الغليان التي كان عليها الاهالي وبحكم بلوغ معلومات الى مسامع الحرس الوطني حول التحضير لمظاهرة كبرى وعنيفة. وبالفعل يقول المتهم انطلقت حوالي الساعة 6 مساء المواجهات بين الامن و المتظاهرين. وحوالي س 9 ليلا سُمعت أول طلقة نارية من جهة مقر المعتمدية وهي التي سقط فيها ضحية الشهيد مروان الجملي. وواصل المتهم قوله انه في تلك الاثناء تحركت سيارات الاسعاف ودوى الرصاص في عدة انحاء من المدينة (مثلا قرب المحكمة وفي الانهج المجاورة لها ) ليبلغ عدد الشهداء في تلك الليلة 5. وادلى المتهم باسم المجموعة الامنية التي صدر منها اطلاق الرصاص وان من قام بذلك هو عون امن تسلم سلاح شطاير من آمر سريته. واضاف انه يوم 9 جانفي تم دفن الشهداء ولم تحصل رغم ذلك مواجهات. ويوم 10 جانفي حل بالمدينة المنصف العجيمي مكان يوسف عبد العزيز واكد مرزوق كلام العجيمي حول جمع الاسلحة ومخازن الذخيرة بعد اجتماع مع القوات العسكرية ، وقال انه نفذ مع سريته التعليمات وسلموا اسلحتهم. سحب السلاح وأفاد المتهم المنصف العجيمي المدير الحالي لوحدات التدخل والذي يواجه تهمة المشاركة في القتل العمد مع سابقية القصد طبق الفصول 32 و201 و202 من المجلة الجنائية انه حل بمدينة تالة يوم 10 جانفي وكان قبل ذلك مدير جهوي لحفظ النظام بصفاقس. وطُلب منه على حد قوله التحول لتالة لمحاولة تهدئة الاوضاع بعد سقوط 5 قتلى. وقال انه منذ حلوله وجد الجيش منتشرا فامر القوات التابعة له بالتجمع في مركز الامن ونقل اقامتهم بدار الثقافة بتالة وامر بتجميع اسلحتهم الجماعية ( شطاير) ماعدا الاسلحة الفردية ( المسدسات ). واضاف ان مسيرة من 3 آلاف شخص تجمعت في ذلك اليوم امام المركز وتوجهت لهم بالاهانات والسب ورشقوهم بالحجارة فحاولوا تهدئتهم وان احد الاعوان حاول استعمال مسدسه تجاه احدى المتظاهرات بعد ان اهانته لكن تم منعه وانتهت المظاهرة دون تسجيل اية اصابات ، وقد سأله القاضي عن سبب عدم سحب المسدسات من الاعوان على غرار الشطاير. واضاف انه يوم 11 جانفي لم يحصل شيء يذكر ما عدا غلق الطرقات في المساء وسرعان ما تم اقناع المتظاهرين بفتحها امام العابرين. ويوم 12 جانفي قال ان الامور سارت عادية أيضا في البداية الا ان مواطنين احتجوا على مداهمة الاعوان للمنازل ليلا. سيارات مكتراة أما المقدم بشير بالطيبي المهم هو أيضا بالقتل العمد مع سابقية القصد والمشاركة فيه فقد ذكره رئيس المحكمة بأنه بات بعد تصريحات المتهمين السابقين أبرز متهم. وقد أفاد أن توجيه أصابع الاتهام له بمثل تلك الطريق ليس بجديد على بقية المتهمين مؤكدا انهم استغلوا أيضا وسائل الاعلام للتشهير به ولاتهامه بالتآمر مع الجيش للتسبب في قتل شهداء تالةوالقصرين والرقاب وهو ما استغربه بشدة وقال انه يتعرض للمؤامرات منذ السنوات الفارطة في عمله عن طريق احد المتهمين في قضية الحال بحكم انه عسكري في الاصل وجيء به لوزارة الداخلية في اطار الالحاق فلم يقبله البعض. واستحضر بالطيبي على مسمع من المتهمين الآخرين عدة احداث وجابههم بها ليفند ما ذكراه. كما تحدث عن حادثة المداهمات الليلية على حي السوائحية يوم 11 جانفي ليلا بعد ان اغتاظ النظام من حديث قناة الجزيرة عن وجود اعوان امن متمركزين فوق الاسطح وهو ما اكده بالطيبي فعلا. فقال ان معلومات بلغت عن ان احد متساكني حي السوايحية هو من يقوم بتبليغ قناة الجزيرة بهذه المعطيات فتمت المداهمة ليلا للقبض عليه ، مؤكدا انه غضب كثيرا من حصولها بما انها ستزيد في تاجيج النفوس ضد الامن والحال انهم كانوا يستعدون للمغادرة يوم 12 ( من الغد ) وهو ما حصل فعلا حيث افاضت تلك المداهمات الكاس. وقال ان ذلك تسبب في مواجهات يوم 12 جانفي التي سقط فيها الشهيد وجدي السائحي. وتساءل بالطيبي عن اسباب ايقافه مدة 4 اشهر والحال ان بقية المتهمين الحقيقيين بحالة سراح وبكى. كما ادلى باقواله حول حادثة اخرى غريبة حصلت يوم11 وهي قدوم سيارة مكتراة رينو كليو كلاسيك الى تالة وعلى متنها 4 انفار مشبوهين وقال انه رآها بام عينه تمر الى المدينة وعلم بقدوم سيارات اخرى مشابهة وافاد انه سال رئيسه في العمل فافاد انهم صحافة والحال ان الصحافة في ذلك الوقت كان غير مرغوب في حضورها.