Ooredoo تحتفي بعيد الأمهات وتمنحك فرصة الفوز بمبلغ 10،000 دينار!    مكثر: وفاة شاب واصابة 5 أشخاص في حادث مرور    وزير السياحة يؤكد لمستثمرين كويتيين الاستعداد لتقديم الإحاطة اللازمة لتطوير استثماراتهم في تونس    ميشيل مدرب جيرونا: إنهاء الموسم في المركز الثاني مهمة صعبة جدا    علي معلول: لاعبو الأهلي يمتلكون الخبرة الكافية من أجل العودة بنتيجة إيجابية    مجلس عمداء المحامين يصدر بيان هام..#خبر_عاجل    وفاة عسكريين في حادث سقوط طائرة عسكرية في موريتانيا..#خبر_عاجل    قطر تستضيف النسخ الثلاث من بطولة كأس العرب لسنوات 2025 و2029 و2033    لاعب الأهلي المصري :''هموت نفسي أمام الترجي لتحقيق أول لقب أفريقي ''    الشركة التونسية للبنك تتماسك وترفع الودائع الى 10.3 مليار دينار    منوبة: تفكيك وفاق إجرامي للتحيّل والابتزاز وانتحال صفة    بنزرت: توفير الظروف الملائمة لتامين نجاح موسم الحج    القلعة الخصبة: انطلاق فعاليات الدورة 25 لشهر التراث    الدورة ال3 لمهرجان جربة تونس للسينما العربية من 20 إلى 25 جوان 2024    وزير الفلاحة: قطع المياه ضرورة قصوى    الكاف: عدد الأضاحي لهذه السنة لا يتجاوز 56 ألف رأس غنم    وزارة الصناعة: إحداث لجنة لجرد وتقييم العقارات تحت تصرّف شركة ال'' ستاغ ''    في هذه المنطقة: كلغ لحم ''العلّوش'' ب30 دينار    أكثر من 3 آلاف رخصة لترويج الأدوية الجنيسة في تونس    علاجات من الأمراض ...إليك ما يفعله حليب البقر    من بينهم طفلان: قوات الاحتلال الصهيوني تعتقل 20 فلسطينيا من الضفة الغربية..#خبر_عاجل    وزارة المالية تكشف عن قائمة الحلويات الشعبية المستثناة من دفع اتاوة الدعم    مكتب مدنين : غدا استكمال الحصص التوعوية للحجيج    بورصة تونس .. مؤشر «توننداكس» يبدأ الأسبوع على انخفاض طفيف    بنزرت: إيداع 7 اشخاص بالسجن في قضية سرقة وتخريب بمصنع الفولاذ    صورة/ أثار ضجة كبيرة: "زوكربيرغ" يرتدي قميصًا كُتب عليه "يجب تدمير قرطاج"..    الأكثر سخونة منذ 2000 عام.. صيف 2023 سجل رقماً قياسياً    ما حقيقة سرقة سيارة من مستشفى القصرين داخلها جثة..؟    عاجل - مطار قرطاج : العثور على سلاح ناري لدى مسافر    27 ألف متفرج لنهائي الأبطال بين الترجي و الأهلي    اخر مستجدات قضية سنية الدهماني    أنشيلوتي يتوقع أن يقدم ريال مدريد أفضل مستوياته في نهائي رابطة أبطال أوروبا    في مسابقة طريفة بصفاقس.. صناع الخبز يتنافسون على نيل شرف أفضل صانع خبز !    الأهلي يصل اليوم الى تونس .. «ويكلو» في التدريبات.. حظر اعلامي وكولر يحفّز اللاعبين    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    صفاقس: ينهي حياة ابن أخيه بطعنات غائرة    ضجة في الجزائر: العثور على شاب في مستودع جاره بعد اختفائه عام 1996    الكرة الطائرة ..أي «كلاسيكو» مثير بين النجم والترجي؟    الرائد الرسمي: صدور تنقيح القانون المتعلق بمراكز الاصطياف وترفيه الأطفال    ارتفاع عدد قتلى جنود الإحتلال إلى 621    عاجل/ مع انتهاء آجال الاحتفاظ: هذا ما كشفه محامي مراد الزغيدي..    في يومها العالمي.. الشروع في اعداد استراتيجية وطنية جديدة للنهوض بالأسرة    أول أميركية تقاضي أسترازينيكا: لقاحها جعلني معاقة    الرئيس الايراني.. دماء أطفال غزة ستغير النظام العالمي الراهن    "حماس" ترد على تصريحات نتنياهو حول "الاستسلام وإلقاء السلاح"    البرمجة الفنية للدورة 58 من مهرجان قرطاج الدولي محور جلسة عمل    للسنة الثانية على التوالي..إدراج جامعة قابس ضمن تصنيف "تايمز" للجامعات الشابة في العالم    تونس تصنع أكثر من 3 آلاف دواء جنيس و46 دواء من البدائل الحيوية    بن عروس: جلسة عمل بالولاية لمعالجة التداعيات الناتجة عن توقف أشغال إحداث المركب الثقافي برادس    الكاف: حريق اندلع بمعمل الطماطم ماالقصة ؟    قابس : اختتام الدورة الثانية لمهرجان ريم الحمروني    نابل..تردي الوضعية البيئية بالبرج الأثري بقليبية ودعوات إلى تدخل السلط لتنظيفه وحمايته من الاعتداءات المتكرّرة    نور شيبة يهاجم برنامج عبد الرزاق الشابي: ''برنامج فاشل لن أحضر كضيف''    مفتي الجمهورية... «الأضحية هي شعيرة يجب احترامها، لكنّها مرتبطة بشرط الاستطاعة»    أولا وأخيرا: نطق بلسان الحذاء    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شهادة محمد الغنوشي "مضيعة للوقت" وشهادات مواطنين تفجر حقائق مثيرة
الجلسة الرابعة من محاكمة"قتلة" شهداء تالة والقصرين والقيروان وتاجروين
نشر في الصباح يوم 17 - 01 - 2012

جددت صباح أمس الدائرة الجنائية بالمحكمة الابتدائية العسكرية الدائمة بالكاف النظر في ملف قضية شهداء وجرحى الثورة بتالة والقصرين وتاجروين والقيروان في الفترة الممتدة بين17 ديسمبر2010 و14 جانفي2011 وقررت بعد إفساح المجال للاستنطاقات وطلبات القائمين بالحق الشخصي والدفاع والمكافحات بين عدد من المتهمين تأجيل النظر في القضية إلى جلسة يوم 8 فيفري القادم واصدار بطاقة جلب ضد منصف العجيمي ومنصف كريفة وخالد بن سعيد واستدعاء سمير الطرهوني خلال الجلسة القادمة لسماع شهادته.
وفي جلسة أمس وهي الرابعة أحضر المتهمون الموقوفون وهم كل من وزير الداخلية السابق رفيق القاسمي(شهر بلحاج قاسم) والمدير العام للأمن الوطني السابق العادل التويري والمدير العام للأمن العمومي سابقا لطفي الزواوي والمدير العام لوحدات التدخل سابقا جلال بودريقة ومدير وحدات التدخل بالشمال سابقا يوسف عبد العزيز والمقدم بوحدات التدخل بشير بالطيبي ورئيس مركز الأمن بحي النور بالقصرين سابقا وسام الورتاني ومساعدة رئيس مركز الأمن بتالة سابقا ربح السماري بينما أحيل الرئيس المخلوع بحالة فرار فيما حضرعدد من المتهمين المحالين بحالة سراح لأول مرة وهم الرائد بوحدات التدخل نعمان العايب والنقيب بوحدات التدخل عياش بن سوسية والملازم أول بوحدات التدخل وائل الملولي بينما حضر مدير الأمن الرئاسي السابق علي السرياطي(محال في هذه القضية بحالة سراح وموقوف في غيرها) فيما تغيب عن الجلسة عدد من المتهمين المحالين بحالة سراح وهم كل من المنصف كريفة والمنصف العجيمي وأحمد فريعة وخالد بن سعيد لأسباب صحية وغاب آخرون دون أي مبرر.
الجلسة الصباحية انطلقت بنقاش حاد بين المحامي الصفراوي(عن مجموعة 25) والقاضي حول مسألة الغيابات للمتهمين المحالين بحالة سراح قبل أن يطلب المحامي إيقاف المحاكمة للتشاور مع بقية المحامين القائمين بالحق الشخصي في الأمر، وبعد نحو 15 دقيقة استؤنفت المحاكمة باستنطاق النقيب بوحدات التدخل عياش بن سوسية المتهم بالقتل العمد مع سابقية القصد في أحداث تالة والذي اعتذر في البداية عن الحوار الذي كان أجراه مع جريدة «الصباح» حول أحداث تالة والذي اعتبره محامو القائمين بالحق الشخصي»انتصاب محكمة خارج المحكمة» ثم ذكر:» تلقيت يوم 4 جانفي 2011 تعليمات من قاعة الفوج الجهوي لحفظ النظام بسوسة تقضي بضرورة إصطحاب 30 عونا مجهزين بتجهيز رقم 02(عصي وقذائف الغاز المسيل للدموع والدروع) وسلاح ناري من نوع»شطاير» والتحول الى مدينة تالة على متن حافلة نقل عمومي تطبيقا لتعليمات العميد يوسف عبد العزيز، فطبقت التعليمات وتحولنا إلى تالة حيث كان وصولنا على الساعة السابعة من مساء نفس اليوم».
وأشار إلى أنه شاهد ناظر أمن تابع لفوج قفصة يدعى شريف الزيدي يتحوز بسلاح ناري من نوع «شطاير» ومخزنين، وهنا قاطعه عدد من أهالي الشهداء بالصياح مؤكدين أن ما يقوله كذب.
وعن ليلة يوم 8 جانفي قال المتهم النقيب عياش بن سوسية: «كلفت في ذلك اليوم بتأمين مقر محكمة الناحية عوضا عن النقيب سامي باباي الذي أسندت له مهمة تأمين مقر المعتمدية، حيث تم تمكيني من سرية تابعة لفوج التدخل بقفصة تعمل تحت إمرة الملازم مهدي الطرابلسي، وقد كان جميع الأعوان مجهزين بالتجهيز رقم 02 (القنابل المسيلة للدموع والدروع والعصي) بإستثناء ناظر الأمن شريف الزيدي الذي كان مجهزا بسلاح شطاير ومخزني ذخيرة، كما وقع تمكيننا من 20 قذيفة غازية، وفي حدود الساعة الساعة التاسعة مساء وبسبب تنامي أحداث العنف والفوضى اتصلت هاتفيا بالرائد خالد المرزوقي الذي أسندت له مهمة التمشيط، قصد مساعدتنا على تفريق المتظاهرين بعد أن تزايد عددهم بشكل ملحوظ ومخيف، فحل بعد دقائق معززا بأعوان على متن سيارتين إداريتين وتولوا التدخل بإستعمال الغاز المسيل للدموع بكثافة (سرية من إدارة حفظ النظام المركزي) فاختنقت أنا جراء ذلك وتراجعت الى الخلف بحوالي 20 مترا للابتعاد أكثر ما يمكن عن الغاز واسترجاع الأنفاس خاصة وأنني أعاني من مرض ضيق التنفس منذ سنة 1996 ، وأثناء ذلك شاهدت الرائد خالد المرزوقي يطلق النار في الهواء بصفة مسترسلة، فتراجع أغلب المتظاهرين الى الخلف» -يتابع محدثنا- «لكن بعدها بنحو ثلاث دقائق سمعت صدى إطلاق الرصاص(رافال) ينبعث من جهة ناظر أمن شريف الزيدي التابع لفوج حفظ النظام بقفصة والذي كان متحوزا بسلاح شطاير ثم شاهدته جاثما على ركبتيه بصدد إطلاق النار على المتظاهرين في النهج الأيمن المحاذي لمحكمة الناحية».
وكان المتهم بن سوسية قال ل»الصباح» سابقا أن الرائد خالد المرزوقي صاح إثر هذه الحادثة بأعلى صوته:« شكون قالك إضرب الكرتوش، يزي من الضرب، إشكون قالك أضرب؟» وإثر ذلك توجه بعض الأعوان الى داخل النهج الأيمن المحاذي لمحكمة الناحية وقاموا بجرّ مصابَيْن بالرصاص قصد إسعافهما بعد أن أمر الرائد خالد المرزوقي بضرورة إصطحابهما الى المستشفى قصد تأمين عملية وصولهما إليه بعد أن رفض سائق الإسعاف نقلهما بمفرده فصعد ناظر أمن الذي أطلق النار في سيارة الإسعاف وهو لايزال متحوزا بسلاح شطاير».

بالطيبي مرة أخرى

المتهم عياش بن سوسية وجه كغيره من المتهمين المحالين بحالة سراح التهمة للمقدم بوحدات الدخل البشير بالطيبي حيث ذكر أنه بلغه أن البشير بالطيبي أطلق النار قرب مقر المعتمدية وأضاف:»بعد مرور حوالي نصف ساعة من هذه الأحداث، وبعد أن هدأت الأمور نسبيا تحولت الى مقر مركز الأمن الوطني بتالة فشاهدت وسمعت المقدم بوحدات التدخل بشير بالطيبي يتحدث الى بعض الأعوان قائلا لهم:« ريتو هاك الثلاثة من الناس كيفاش ضربتهم ضربة وحدة واحد منهم ضربتو في قلبو...».
وذكر أثناء استنطاقه أنه شاهد الملازم أول بوحدات التدخل وائل الملولي قرب محطة البنزين فيما نفى أن يكون على علم بمن أطلق الرصاص مساء يوم 9 جانفي أثناء نقل جثمان الشهيد مروان الجملي من المستشفى إلى منزل والديه.
وبسؤاله عن المداهمات التي قام بها أعوان الأمن يومي 10 و11 جانفي قال:»ما نعرفش» ثم استدرك ورجح أن يكون الأعوان تابعين للأمن العمومي مؤكدا أنه لا يعرف هوية المشرف عليهم.

قناصة ب«لا كريموجان»

الأحداث التي رافقت انسحاب وحدات التدخل من تالة يوم 12 جانفي والتي سقط أثناءها الشهيد وجدي السائحي فيها الكثير من الغموض ولم تعرف بعد وقائعها غير أن المتهم بن سوسية اعترف بوجود قناصة في ذلك اليوم، ولكن من نوع خاص، إذ قال أنه لمح في ذلك اليوم أعوانا من وحدات التدخل يعتلون أسطح بعض البنايات ويطلقون قنابل»لاكريموجان» تجاه المحتجين، وأضاف أنه وحوالي الساعة الحادية عشرة والنصف (11.30) وبينما كان يخاطب المتظاهرين طالبا منهم التفرق تقدم المقدم بشير بالطيبي وجثا على ركبتيه وأطلق الرصاص على المحتجين في أكثر من مرة مما أسفر عن سقوط شخص بالقرب من المدرسة أصيب في فخذه ليتضح في ما بعد أنه الشهيد وجدي السائحي، وذكر أنه التقى بشقيق الشهيد المذكور وأكد له عدم مسؤوليته عن استشهاد وجدي، غير أن المفاجأة حصلت في الحين عندما تدخل شقيق الشهيد وجدي السائحي الموجود بقاعة الجلسة ونفى لقاءه بالمتهم قائلا»ما ريتوش، وما تحدثتش معاه»(!!)
وحول وجود تعليمات باستعمال الرصاص الحي أكد بن سوسية أنه لم يتلق أية تعليمات في ذلك وأكد ان كل سرية تتكون من ثلاثين عونا مجهزة بسلاح ناري وحيد من نوع شطاير، واستظهر بكراس التجهيز مؤشر عنه يكشف تجهيز السرية ومن كان يتحوز بسلاح شطاير وهو ما أثار جدلا كبيرا بين المحامين القائمين بالحق الشخصي باعتبار أن هذا الكراس لا تملك نسخة منه وزارة الداخلية فيما يتحوز به أحد الأعوان ويتجول به.

الملولي والآيات القرآنية

الملازم أول بوحدات التدخل وائل الملولي المتهم بالقتل العمد مع سابقية القصد الذي يحضر المحاكمة بدوره لأول مرة بدأ الإجابة عن أسئلة القاضي بالبسملة وقراءة ثلاث آيات بينات من القرآن الكريم(قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي)، ثم أشار إلى أنه كان عاجزا عن التدخل لمناقشة أوتغيير الخطة المتوخاة من المشرف العام رغم تأكده من أنها خاطئة، قائلا حرفيا» عوج شفناه وما عناش حق نحكيو.. التمركز كان غالط ولا أستطيع النقد».
وأضاف أنه حين دخل إلى مركز الأمن سمع صوت الرصاص وتعالى صراخ وباستجلاء الأمر لمح المقدم البشير بالطيبي يتحوز بسلاح ناري(شطاير) ولكن دون ان يلمحه وهو يطلق النار كما نفى وجود قناصة بتالة، وأكد أن العقيد المنصف العجيمي الذي حل بتالة يوم 10 جانفي أمر بجمع السلاح مشيرا إلى أنه لا وجود لأية تعليمات بإطلاق الرصاص، وحين استفسره القاضي حول سبب سقوط خمسة شهداء في ليلة واحدة قال»ما نعرفش».

هذا ما قاله ل«الصباح»

وكان المتهم الملازم أول وائل الملولي تحدث سابقا ل»الصباح» عن ليلة سقوط الشهداء فقال أنه كان يوم السبت 8 جانفي2011 بصدد تأمين محطة البنزين قبالة قصر البلدية وكانت الساعة آنذاك تشير إلى الخامسة مساء حين نزل مواطنون من حي النجارية بتالة ليتم في خضم الاحداث رشق محطة البنزين بالحجارة والمولوتوف فتحصن خلف المضخة وقام بالإتصال هاتفيا بالرائد الذي كان صحبة ضباط آخرين داخل المركز فأمره بانتظار التعليمات، وفي الاثناء تم الإعتداء بقوارير «المولوتوف» على محطة البنزين مما تسبب في اشتعالها وقد كان في ذلك الوقت صحبة 5 أعوان من السرية التي تتبعه فتحول إلى المركز متوجها إلى الرائد بالتساؤل عما يجري وقد كانت محطة البنزين تبعد حوالي 20 مترا عن المركز.
وبعد ربع ساعة خرج مجددا من تلقاء نفسه وقد كان الشارع حينها شبه فارغ متوجها إلى الحديقة الواقعة قبالة المعتمدية التي تبعد حوالي 500متر للتثبت من الوضع في الشارع الرئيسي فشاهد بعض الأعوان في مواجهة عدد كبير من المواطنين فقام بإطلاق قذيفة يدوية مسيلة للدموع لتفريق التجمع فأصيب بخلع في المرفق الأيمن ليده مما اضطره للعودة إلى المركز وطلب الإسعاف من ضابط شرطة مساعد.
وأضاف الملازم أول وائل الملولي في حديث ل»الصباح»:»عندما كنا متواجدين داخل المركز توافد عدد كبير من الأعوان المصابين وكنا في حالة من الفوضى والهلع وكان معي آنذاك ضابط شرطة مساعد وثلاثة اعوان ورئيس الدائرة وبعد مدة من الزمن تقدّر بحوالي الساعة استمعنا إلى صراخ امرأة قرب المعتمدية فنزلت رفقة محافظ شرطة أول وعون آخر لاستطلاع الأمر لنجد امرأة مرتدية ثوبا أسود وزوجها إلى جانبها مصاب برصاصة في الرقبة وهو يلهث ويتنفّس بصعوبة والمرأة تصيح فقمت بضمّ المرأة مطمئنا إياها وكان متواجدا في المكان ضابط سام مسؤول(البشير بالطيبي) يحمل سلاحا من نوع شطاير لم أشاهده يطلق الرصاص والجميع حائرون وفي حالة هلع، فأعطيت التعليمات لجلب سيارة الشرطة المتمركزة أمام المعتمدية ونقل المتضرر إلى المستشفى».

ثالث المستنطقين

ثالث المستنطقين في هذه الفترة الصباحية هو الرائد بوحدات التدخل نعمان العايب المتهم بالقتل العمد مع سابقية القصد الذي أفاد بأنه قدم إلى تالة يوم 9 جانفي2011 ونفى إطلاقه النار على أي متظاهر، وهنا تدخل بعض أفراد عائلات الشهداء وأكدوا أنه يعرف هوية قاتل فلذات أكبادهم، وباستفساره من قبل القاضي عن القاتل أشار إلى أنه سمع الأعوان يقولون ان البشير بالطيبي أطلق الرصاص على المتظاهرين وهو ما لم يقنع الحاضرين من عائلات الشهداء والجرحى وقالوا أن المتهم نعمان العايب أعلمهم أنه إذا أوقف العقيد المنصف العجيمي سيتحدث عن حقيقة ما جرى!!

طعن في الشهادات الطبية

وبإفساح الكلمة لمحاميي القائمين بالحق الشخصي لاحظ المحامي أنور الباصي أن المتهم المنصف كريفة برر غيابه عن الجلسة بشهادة طبية مسلمة من طبيب مختص في أمراض الشيخوخة رغم أنه(المتهم) كهل، وأضاف أن المتهم المنصف العجيمي برر غيابه بشهادة طبية صادرة عن إخصائي نفساني ونفس الشيء بالنسبة للمتهم خالد بن سعيد وطعن في هذه الشهادات الطبية مؤكدا أن عددا من المتهمين بحالة سراح بصدد تعطيل السير العادي للمحاكمة، وقد دعمه في ذلك المحامي شكري بلعيد الذي طلب عرض المتهمين المستظهرين بشهادة طبية على الفحص الطبي، مؤكدا أن المحاكمة تسيّر من خارج قاعة الجلسة وطالب بتفعيل الفصل 142 والاطلاع على تقرير لجنة تقصي الحقائق حول احداث تالة والقصرين.
بدوره استغرب المحامي الفريضي بقاء متهم بالقتل العمد مع سابقية القصد بحالة سراح، وهنا تدخل القاضي وأعلمه بعجزه عن فعل أي شيء باعتبار أن قرار إبقاء عدد من المتهمين بحالة سراح اتخذته دائرة الاتهام.
كما استغرب الفريضي من تحوز عون أمن بكراس التجهيز إبان أحداث تالة بينما لا يوجد(الكراس) بمصالح وزارة الداخلية.

طباخة «البوبب

المحامي رمزي بوعز أثار أثناء مرافعته موضوع ثلاثة طباخين تابعين للأمن كانوا أدلوا بأقوالهم لدى قلم التحقيق وأكدوا أنهم سمعوا المتهمين يوسف عبد العزيز والمنصف كريفة يقولان انهما سيقتلان اليوم ستة أشخاص، وأضاف أن عون حماية مدنية حاول إسعاف الشهيد مروان الجملي غير أن المتهم يوسف عبد العزيز منعه وهدده وطلب بإجراء مكافحة بين المتهمين والمقدم البشير بالطيبي، كما طالب المحامي بسماع شهادته-أي شهادته هو نفسه- باعتباره شاهد عيان على ما حدث بحي الزهور بالقصرين بعد ان يتخلص من زي المحاماة ويتراجع عن الإنابة في هذه القضية.

مكافحة بين بالطيبي وبن سوسية

إثر ذلك أجرى القاضي مكافحة بين المتهم المقدم البشير بالطيبي والمتهم النقيب عياش بن سوسية كشفت حقائق جديدة إن تأكدت صحتها فإنها ستعطي منعرجا جديدا لسير المحاكمة، إذ أكد بالطيبي أن قاتل الشهيد وجدي السائحي يوم 12 جانفي بتالة لن يكون-حسب استنتاجاته- إلا العقيد المنصف العجيمي أومرافقه النقيب عياش بن سوسية باعتبارهما كانا يحملان»الشطاير».
وأكد أن نقاشا حادا حصل بين الملازم أول وائل الملولي ورئيس منطقة الشرطة بالقصرين بسبب تعمد الملولي إخراج مسدسه الشخصي والتهديد بطلق النار على المتظاهرين، وأضاف أنه كان يخشى على حياته وعلى حياة أفراد عائلته لذلك إلتزم الصمت طيلة الجلسات الفارطة، مشيرا إلى أنه تلقى يومي 13 و14 جانفي 2011 تهديدات بمهاجمة منزله بصفاقس.
وهنا تدخل القاضي ليستفسر عن هوية من أطلق النار بعد ان عاين آثار طلق ناري على أحد الجدران بتالة أثناء المعاينة الموطنية فأجابه بالطيبي بأن هناك من يبرمج لتقسيم»خبزة القاطو» (تهمة القتل) بينه وبين ناظر أمن شريف الزيدي، مضيفا أنه لم يعلم بهلاك الشهيد وجدي السائحي يوم 12 جانفي 2011 في الحين.
وذكر بالطيبي أن المنصف العجيمي حل بتالة يوم 10 جانفي وهو يشكو من إصابة وعقد يومي 10 و11 جانفي اجتماعات سرية بحضور عياش بن سوسية وخالد المرزوقي مقابل إقصائه منها، وأفاد أن شهادة عون الأمن دلدول مطعون فيها باعتباره(دلدول) من عصابة بن سوسية-حسب قوله- وأكد على أنهم اتفقوا فيما بينهم على بث الإشاعات داخل ثكنات التدخل لإدانته، كما ان الحضور التدريجي للمتهمين المحالين بحالة سراح للجلسات تشتم منه رائحة المؤامرة، مشيرا إلى أن كل المتهمين في هذه القضية وصلت لعائلاتهم إعانات اجتماعية إلا عائلته وهو دليل-حسب قوله- على المكيدة التي نصبت له.
وختم بالقول:»راني نتوقع كل شيء.. أنا لا أهاب المنصف العجيمي وعائلتي انتقلت للسكنى في منزل آخر» وبعد ذلك رفع القاضي الجلسة الصباحية.

شهادة محمد الغنوشي

انطلقت الجلسة المسائية بسماع شهادة الوزير الأول السابق محمد الغنوشي، وبعد أن أدى القسم سأله القاضي:»هل كنت على علم بما وقع في تالة والقصرين أيام 9 و10 و11 جانفي 2011؟» فأجاب:»نهار 9 جانفي أعلمني أمين عام اتحاد الشغل عبد السلام جراد بسقوط ضحايا وطلب مني الاتصال بالرئيس السابق وإعلامه ففعلت غير أنه(الرئيس السابق) أعلمني أن الضحايا سقطوا أثناء الدفاع الشرعي لأعوان الأمن».
ثم سأله القاضي:»بعد تواصل سقوط الضحايا هل اتصلت بالرئيس؟» فأجاب:» لقد علمت عن طريق وسائل الإعلام الأجنبية بسقوط المزيد من الضحايا وحين استفسرت وزير الداخلية السابق بلحاج قاسم أعلمني أن الأعوان كانوا في حالة دفاع شرعي».
وأكد الغنوشي في شهادته أنه اتصل هاتفيا بالرئيس المخلوع ونصحه بإقرار تخفيضات في المواد الغذائية وأضاف أنه تلقى اتصالا هاتفيا من أحمد فريعة يعلمه فيه بوجود المحامية راضية النصراوي وعدد من المحامين امام وزارة الداخلية للمطالبة بإطلاق سراح زوجها حمة الهمامي»فاتصلت بالرئيس السابق ووعدني بإطلاق سراحه».
وذكر الوزير الأول السابق أن الرئيس المخلوع أعلمه أن المتظاهرين»ما يعملوا شيء وهاتوة نقتل ألف والا أكثر» بعد خطاب »يزي من الكرتوش الحي»، وأضاف أنه اقترح عليه حلولا عملية من ذلك تكوين لجنة لتقصي الحقائق في مسائل الرشوة والفساد ودفع التنمية في الجهات الداخلية.
وأضاف أنه تلقى اتصالا هاتفيا في حدود الساعة الخامسة من مساء يوم 14 جانفي 2011 من سامي سيك سالم أعلمه فيها بمغادرة بن علي تونس وقال له حرفيا: »سيدي الوزير تونس أمانة في رقبتك.. تحمل مسؤوليتك لتفادي حمام دم».

المحامون يستفسرون

بعد ذلك توجه عدد من المحامين القائمين بالحق الشخصي بسلسلة من الأسئلة للوزير الأول السابق، إذ وجه له المحامي رمزي بوعزة سؤالا: »هل كنت على علم بقرار المخلوع بقصف حي الزهور؟» فأجاب: »لا أعلم» ثم وجه له المحامي عمر الصفراوي السؤال التالي: »هل كنت مكلفا بالمسائل الاقتصادية فقط؟» فأجاب بنعم ثم سأله: »عندما صرح لك الرئيس السابق بقتل ألف أو أكثر من المتظاهرين.. كيف كانت ردة فعلك؟» فأجاب: » فكرت في تقديم استقالتي».
وتدخل المحامي أنور الباصي ليوجه له سؤالا معناه:» لقد سقط حوالي 150 شهيدا في الفترة بين 17 ديسمبر 2010 و13 جانفي 2011.. ماذا كان موقفك؟» فأجاب:» شعور بالحزن... وزير الداخلية والرئيس السابق أعلماني أنهم سقطوا في حالات دفاع شرعي لأعوان الأمن عن أنفسهم ووزارات السيادة كانت ترجع بالنظر للرئيس».
ثم وجه له سؤالا آخر:»هل كنت على علم أن للتجمع جهازا أمنيا سريا؟» فأجاب:»لا أعلم».
إثر ذلك وجه له المحامي شرف الدين قليّل سؤالا:» بماذا تفسر أحداث القتل بعد 14 جانفي؟» وهنا تدخل القاضي وأعلم المحامين أن محمد الغنوشي حضر كشاهد وليس كمتهم وهو ما دفع الغنوشي إلى القول بأنه يرفض أية اتهامات لشخصه.
المحامي شكري بلعيد تدخل بدوره وقال أن تصريح بن علي بقتل أكثر من ألف محتج يعتبر قانونيا بمثابة تعليمات بالقتل اتخذت باعتبار حصول العلم من الوزير الأول، وأضاف متسائلا:» من قام بترقية المنصف العجيمي والمنصف كريفة؟» ثم أجاب بنفسه:»هناك تعليمات مررت عبر الرئيس السابق ليظلا محميين من التتبعات»، ثم تساءل مجددا:» لماذا تم فتح البحث في قضايا قتل الشهداء بعد يوم 23 فيفري؟» وأجاب على سؤاله بنفسه:»لأن الغنوشي أذن ببعث لجنة تقصي الحقائق لتعطيل العمل القضائي».
ثم تناول محمد الغنوشي الكلمة مجددا لينفي علمه بمن قام بترقية المنصف العجيمي والمنصف كريفة، وأضاف حول مسألة اعتبار الحديث عن قتل أكثر من ألف شهيد تعليمات أنها «موش تعليمات».. بل مجرد حديث.

مكافحة بين الحاج قاسم والغنوشي

بعد ذلك أجرى القاضي مكافحة بين وزير الداخلية السابق رفيق القاسمي(شهر بلحاج قاسم) والوزير الأول السابق محمد الغنوشي أكد فيها بلحاج قاسم أن الغنوشي لم تكن له أية تدخلات في المجال الأمني التي تبقى من صلاحيات الرئيس فقط، وهنا تدخل المحامون وأكدوا على أن الاستماع لشهادة الغنوشي في هذه القضية مضيعة للوقت ولا فائدة من حضوره.

محامية تسأل بن سوسية

إثر هذه المكافحة توجهت المحامية جزار للمتهم النقيب عياش بن سوسية الذي قال انه شاهد من أطلق النار على الشهيد وجدي السائحي جاثما على ركبة ونصف ويطلق النار السؤال التالي:»آش كان يلبس على رأسو؟» فأجابها:» بعد ما ضرب نحى(نزع) الزي والشعار». ثم حصلت نقاشات حادة نسبيا بين عدد من المحامين والقاضي.

الشهود يفجرون قنابل من الوزن الثقيل

استمع القاضي بعد ذلك لشهادات عدد من الشهود والجرحى، فكانت البداية بسماع شهادة عادل السائحي شقيق الشهيد وجدي السائحي الذي أكد ان عدة مداهمات حصلت في ساعة متأخرة من مساء يوم 11 جانفي 2011، وأضاف أنه شارك في مسيرة يوم 12 جانفي وشاهد في حدود منتصف النهار خالد المرزوقي يتحوز بسلاح شطاير وكذلك المنصف العجيمي الذي جثا على ركبة ونصف، وأكد أنه حين حضر الجلسة الفارطة سمع العقيد المنصف العجيمي يقول أنه كان مصابا يوم 12 جانفي و»عندي غرز» وهو ما يتطابق مع الضابط» الذي شاهدته في ذلك اليوم جاثيا على ركبة ونصف وكنت صرحت بهذه الاعترافات منذ سبعة أشهر لحاكم التحقيق حين قلت له: » ريت ضابط على ركبة ونصف وفي يدو شطاير وعندو غرز في شاربو دون أن أعرف هويته»، كما تعرف هذا الشاهد على خالد المرزوقي حين لمحه جالسا بين المتهمين.
القاضي استمع بعد ذلك لشهادة شاهد يدعى أيوب، فقال:» يوم 6 جانفي شاركنا في مسيرة وتم إيهامنا أن مسؤولا سيأتي لسماع مشاغلنا يوم 8 جانفي وعندما لم يأت قررنا الاحتجاج فسمعت أثناء المسيرة ضابطا يأمر أعوانه عبر مضخم صوت »أضرب الكرتوش» فسقط حينها الشهيد مروان الجملي».
الشاهد سمير المرواني قال أن المحتجين التقوا يوم 6 جانفي مع يوسف عبد العزيز وأعلمهم بأنه سيطلب زيارة مسؤولين لتالة ولكن ذلك لم يحصل «فشاركنا في مسيرة سليمة سقط أثناءها الشهيد مروان الجملي بالرصاص قرب المفترق فنقلناه إلى المستشفى ثم نقلنا جثمانه إلى منزل عائلته ونحن نهتف»لا إله إلا الله والشهيد حبيب الله» وحاملين لمراويل بيضاء لنبرز أن مسيرتنا سلمية ولكن فجأة سمعنا أحد الضباط يأمر أعوان بإطلاق النار علينا عبر مضخم صوت بقوله»أضرب.. أضرب» ونفس صوت يوسف عبد العزيز».

إيقاف 13 عون أمن

الشاهدة عواطف الزمالي فجرت قنبلة من الوزن الثقيل عندما اعترفت بأن نظام المخلوع ألقى القبض على 13 عون أمن رفضوا التوجه إلى تالة وإطلاق النار على المحتجين، وقالت:» لقد لمحت وائل الملولي يتحوز على شطاير (تعرفت عليه يوم الجلسة) ويخلع سرواله في الطريق العام وينزله للاستفزاز «، وأضافت:» لقد تم إيقافي من طرف ربح السماري وعذبتني ثم اقتادوني إلى القصرين حيث عثرت على 13 عون أمن أحدهم زميل دراسة أعلمني أن الأعوان الموقوفين رفضوا التوجه إلى تالة وطلق الرصاص.
أما الشاهد عصام العمري فذكر أنه لمح كلا من يوسف عبد العزيز وخالد المرزوقي يوم 8 جانفي متأهبين ثم أطلقا النار كما لمح الملازم أول وائل الملولي »يهبط في سروالو ويرقص في الطريق العام يوم 4 أو 5 جانفي».
وأضاف أنه شاهد المنصف العجيمي وخالد المرزوقي يوم 12 جانفي في وضع إطلاق النار، قبل أن يسقط الشهيد وجدي السائحي»ولكن لا أدري من أطلق النار عليه، وأشار أنه أجرى عدة اتصالات هاتفية مع نعمان العايب أكد له فيها أنه إذا اوقف العجيمي فإنه سينطق بالحقيقة، وطلب مكافحته بنعمان العايب.
وأثناء مكافحة بين هذا الشاهد ويوسف عبد العزيز أكد الأخير أن الاتهام باطل»فأنا لم أكن في ذلك المكان ولم أطلق النار» وأكيد أن الجلسة القادمة قد تأتي بمستجدات أخرى قد تفضي إلى كشف الحقيقة الغائبة خاصة بعد الاستماع لشهادة سمير الطرهوني.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.