في مثل هذا اليوم، وقبل 47 عاما بالتمام والكمال، ولد الحلم.. حلم التحرير والعودة مع أول رصاصة يطلقها أول ثائر فلسطيني معلنا بداية مشوار طويل مع غاصب محتل غاشم مثل ولا يزال أنكى وأتعس وأبغض صنوف الاحتلال.. إنه الاحتلال الاستيطاني. غرة جانفي 1965 ولدت «أنبل ظاهرة عرفها التاريخ العربي الحديث» على حد وصف الزعيم الخالد جمال عبد الناصر.. ظاهرة جاءت لتشعل شمعة أمل في ليل عربي طويل.. ليل عربي تأخر صبحه عقودا تاهت معها القضية في سراديب السياسة والتنازلات.. لقد كانوا ثلة من الرجال في حركة فتح حملوا حلم شعبهم الفلسطيني الصابر وحلم شعبهم العربي من المحيط الى الخليج في رؤية آلة الاحتلال الصهيونية تتزحزح عن صدر فلسطين الحبيبة، فلسطين السليبة. ومن رحم فتح توالدت حركات وفصائل المقاومة التي تحولت الى حليب يرضعه الأطفال مع حليب الأمهات الصابرات.. أمهات قارعن الصبر فهزمنه بالضربة القاضية... ولازلن يقدمن طوابير الشهداء وكلّهن اصرار على التمادي الى حين رفع راية فلسطين على أسوار القدس كما حلم وبشّر بذلك القائد الرمز الشهيد ياسر عرفات... 47 عاما... كبرت الثورة.. ومعها كبرت المؤامرة.. وتوالت الأمواج الهادرة.. موجة تدمي المحتل.. وموجات تثخن الشعب الفلسطيني بالجراح.. ذهبت رموز وحلّ آخرون ومازال الفلسطيني يقبض على الحلم بإصرار وعناد الثائرين.. حلم كبر ليأخذ حجم دولة صارت قاب قوسين أو أدنى رغم جور الصهاينة الغاصبين وجبروت الأمريكان المتصهينين. ويظل الفاتح من جانفي شمعة أمل تهدي شعبا وأمة إلى سبيل التحرير والعودة.. وتظل الثورة الفلسطينية بكل أطيافها أنبل ظاهرة عرفتها الأمة العربية وان كره الصهاينة وحلفاؤهم من عرب الجغرافيا الى صدّام... في ذكرى استشهاده في مثل يوم أمس وقبل 5 سنوات بالتمام والكمال فجعت الأمة العربية في واحد من رجالها الشجعان وقادتها الأفذاذ الذين حلموا بأمة عربية قوية وناهضة ونذروا العمر حتى آخر لحظاته في سبيل تحقيق الحلم وإعلاء راية الأمة. إنه الرئيس الشهيد صدام حسين الذي مضى في طريق التحدي والشموخ الى الآخر، يقوده إيمانه بأمته وإصراره على عروبة فلسطين من النهر الى البحر. لقد ظلّ يطارد هذا الحلم في زمن كثرت فيه الرايات والبوابات وصارت فلسطين كائنا هلاميا يتقلص ويتقلص ليأخذ حجم محميات بشرية يريدها الصهاينة أشبه شيء بقطعة الجبن الفرنسية التي يحبس داخلها الفلسطينيون بالحواجز والدوريات وبالمستوطنات وبالطرق الالتفافية. أن تحلم بفلسطين حرة من النهر الى البحر في زمن الانكفاء هذا.. وأن تقصف الصهاينة بصواريخ السكود فتلك «خطيئة لا تغتفر عند الصهاينة وعند المتصهينين».. فكان الغزو المشؤوم لبلد الرشيد وكان الاحتلال الغاشم لعاصمة الرشيد.. وضاق العراق بالمحتل وبضائع وعملاء المحتل.. الى أن وقع الأسد أسير الثعالب.. ليقدموا على نحره يوم عيد النحر غير عابئين بمشاعر أمة بأسرها. لقد استشهد... وخرج من الحياة بعد أن خرج من كرسي العراق ليدخل ا لتاريخ شهما معززا مكرّما يحفظه في كتبه وسيره ويرويها للأجيال على مرّ التاريخ.. أما الثعالب والغربان، فإلى مزابل التاريخ.. ولو بعد حين.