بعد جمود طويل تعود اليوم اللجنة الرباعية للاجتماع في العاصمة الأردنية بحضور الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي... الاجتماع جاء تتويجا لمبادرة أردنية ويهدف الى اعادة اطلاق ما يسمى مفاوضات السلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين. اجتماع آخر.. وابتسامات صفراء ومصافحات وربما قُبل باردة أمام عدسات المصورين وسقف أمنيات وتطلعات سرعان ما ستتبدد حين تصطدم بصخرة التعنت الصهيوني.. تلك الصخرة التي تكسّرت عليها حتى الآن كل قرارات الشرعية الدولية وكل المحاولات الأممية والدولية لإيجاد مخرج يعيد للشعب الفلسطيني حقوقه الوطنية المشروعة. ومع هذا، فإن جامعة العرب تحضر بالغياب ومعها تختفي كل الأصوات العربية بالصدفة التي تصمّ آذاننا بالحديث عن ضرورة احترام الحريات وحقوق الانسان حين يتعلق الأمر بسوريا مثلا. ومع أن لا أحد من المحرّضين على سوريا يمتلك الحقيقة فإنهم أبدوا من «الحزم» ومن «الحرص» على تأديب النظام السوري وحتى ازاحته ما يوحي بتشبع هؤلاء ومنهم جامعة العرب حتى النخاع بمبادئ التحرر والانعتاق... وهنا تكمن المفارقة العجيبة : أين يذهب هذا الحزم وأين تختفي هذه الحماسة حين يتعلق الأمر بالكيان الصهيوني الغاصب الذي يحتل كل فلسطين ويخضع نصف شعبها لأبشع صنوف الاحتلال الاستيطاني ويشرّد نصفه الآخر في المنافي والشتات؟ أين تختفي دعوات الحصار والمقاطعة؟ وأين تتبخّر لجان المراقبة والمتابعة؟ وأين يتوه التحريض ودعوات التدويل؟ هل أن الشعب الفلسطيني ليس شعبا عربيا حتى تساعده على استرداد حقوقه أم أن الكيان الصهيوني قد أصبح «دولة صديقة» ولا تحتل الأراضي الفلسطينية ولا تقهر شعبها؟ هذه الأسئلة وغيرها، مطلوب استحضارها قبل اجتماع عمّان وبعده... ومتى وفرنا اجابة شافية لها فإننا قد نفلح في فك لغز هذا الحماس الأمريكي الغربي لتقويض النظام في سوريا مثلا مقابل هذا الصمت المريب عن انتهاكات الصهاينة وهي تتواصل منذ أكثر من ستة عقود.