«الشروق» فتحت بهذا الخصوص باب النقاش مع شخصيات تونسيةوفلسطينية... واقع الحال أن السؤال الذي تردد على ألسنة بعض السياسيين وخاصة من التيارات اليسارية ببلادنا تمحور خصوصا حول من وجه الدعوة إلى إسماعيل هنية للقدوم إلى تونس...فهل هي دعوة رسمية أم «شخصية» أم كل ما في الأمر أن هناك «خلطا» وتداخلا بين صلاحيات الحكومة...وحركة النهضة نعم ... ولكن ...ولعل هذا بالضبط ما عبر عنه السيد أحمد إبراهيم، رئيس حركة التجديد الذي أكد في تصريحات ل «الشروق» أمس أنه لا يعارض هذه الزيارة من أساسها بل إنه يعتبرها دعوة إيجابية تعبر عن وقوف الشعب التونسي كله مع فلسطين ولكنه تساءل عما إذا كانت هذه الزيارة بدعوة من الحكومة أم من حركة النهضة وأضاف «نحن نقيم علاقات مع سفارة فلسطين وسلطتها وكان بالإمكان التشاور والتنسيق مع كل الأطراف حتى لا يعتقد أي طرف أن هناك تجاهل لها. وتابع «منظمة التحرير هي الممثل الرسمي الوحيد... وكان من المفترض أن يكون هناك مجهود وحرص تونسيان على تجاوز الانقسام الفلسطيني وليس تكريسه» وأوضح «كان ضروريا أن يقع التنسيق بين كل الفلسطينيين بما من شأنه أن يساعدهم على القفز على خلافاتهم وانقساماتهم ويوفر لهم مناخا إيجابيا يساعدهم على تحقيق الوحدة وليس العكس . الجدل مرفوض الأستاذ سمير ديلو، المتحدث الرسمي باسم الحكومة التونسية رفض في تصريحات له هذه الانتقادات التي وجهت إلى حكومة على خلفية دعوتها لإسماعيل هنية مؤكدا أن الحكومة لم تخطئ في هذه الدعوة. وأضاف «لا يتعين أن تثير هذه الزيارة أي جدل إلا إذا كان سياسيا أو حزبيا خاصة وأننا لسنا بصدد مراجعة للخيارات السياسية أو الديبلوماسية التونسية الأساسية. وتابع لقد استدعينا شخصية وطنية فلسطينية لها تاريخها..وهي إسماعيل هنية...هذا الرجل المجاهد بالاضافة إلى كونه يرأس حكومة شرعية». لكن مثل هذا الجدل لم يكن في الحقيقة «تونسيا» فقط بل كان فلسطينيا أيضا ذلك أن زيارة هنية إلى تونس لم ترق على ما يبدو للسلطة الفلسطينية التي لم تخف «تبرّمها» وغضبها من هذه الخطوة. علاقة تاريخية وفي هذا الصدد قال اللواء جبريل الرجوب ، القيادي البارز في حركة «فتح» في تصريحات ل «الشروق» عبر الهاتف من رام الله إن سلطته ترحب بأي انفتاح مع القوى السياسية الفلسطينية خاصة وأن البيت الفلسطيني يعيش في هذه الفترة أجواء مصالحة ترتكز على الشراكة السياسية والوحدة الوطنية التي تبقى أساسها وحدة الشعب الفلسطيني ووحدة قيادته وأيضا وحدة تمثيله الوطني الذي عنوانه منظمة التحرير الفلسطينية. وقال في رده على أسئلة «الشروق» حول ما إذا كانت السلطة الفلسطينية غاضبة فعلا من هذه الزيارة «إن إسماعيل هنية هو من قيادات حركة «حماس» التي هي جزء أصيل من النسيج الاجتماعي والسياسي الفلسطيني معربا عن أمله في أن يكون الربيع العربي لصالح تكريس المصالحة وليس لصالح تكريس الانقسام وحول ما إذا كانت مغادرة السفير الفلسطيني السيد سلمان الهرفي لتونس تزامنا مع وصول هنية إلى بلادنا تعبيرا عن احتجاج رسمي فلسطيني على هذه الخطوة قال الرجوب «إن السفير الفلسطيني لم يغادر لهذا السبب وأن علاقة فلسطينبتونس هي علاقة تاريخية ومتجذرة فيها وحدة دم وحسن رعاية وضيافة على مدار سنوات طويلة وان هذه العلاقة لن تهتز مهما حدث». وأضاف السفير سليمان الهرفي غادر في رحلة مقررة مع الرئيس إلى جنوب إفريقيا...لكن لا أخفي في الحقيقة أنه كان من الأفضل أن تكون السفارة على علم بهذه الزيارة وتابع صحيح أن الخطوة لم تكن إيجابية كثيرا لكن علاقاتنا مع تونس لم تتأثر أو تنقطع...ولن نترك تونس التي لنا معها علاقة تاريخية نرى أن التغيير الذي حصل فيها يجب أن يكون حتما لصالح تعزيزها». وأضاف في تاريخنا لم نقبل في حياتنا حتى من النظام التونسي السابق أن ينتصر ل «فتح» على حساب «حماس» وكنا نطالبه دائما بأن ينتصر لوحدانية منظمة التحرير الفلسطينية أما إسماعيل هنية فهو رئيس حكومة مقالة وكان من المفروض أن يستقبلوه حسب الأصول» . دعوة كريمة الأستاذ أسامة حمدان القيادي البارز في حركة «حماس» رأى في تصريحات ل «الشروق» عبر الهاتف أن الزيارة التي أداها هنية إلى تونس كانت تعبيرا صادقا يعكس التزام الشعب التونسي بقضية فلسطين. وقال «نحن ننظر إلى هذه الدعوة الكريمة بتقدير بالغ ونعتبر أنها امتداد لمسيرة الشعب التونسي في نضالاته من أجل القضية الفلسطينية. وأكد أن «هذا الشعب الذي استطاع أن يتحرر بفضل أبنائه ورجاله نجح أيضا في رسم صفحة مشرقة في تاريخ الأمة وقال أسامة حمدان إننا نعبر عن فخرنا واعتزازنا الكبيرين بعظمة هذا الشعب التونسي وبوقفته العظيمة إلى جانب فلسطين في نضالاتها من أجل التحرر من الاحتلال مضيفا: «إن الحفاوة التي استقبل بها هنية في تونس أثلجت صدورنا وأكدت أصالة الشعب التونسي وتمسكه بقضية فلسطين وعكست أيضا إرادة شعبية عظيمة ستترجم قريبا إلى أفعال. ورأى حمدان أن في وجدان الفلسطينيين بكل أطيافهم وانتماءاتهم رصيدا هائلا من المحبة للتونسيين الذين كانوا ولا يزالون في طليعة المهتمين والمتطلعين إلى تحرير فلسطين من ربقة الاحتلال الصهيوني الظالم.