شن التونسيون على الموقع الاجتماعي حملة واسعة وغاضبة ليلة أول أمس على صفحة قناة العربية تعليقا على الجزء الأول من الوثائقي الذي يحمل عنوان «الهروب من قرطاج» بسبب ما بدا لهم من هزال محتواه ومخالفته للكثير من الحقائق التي يعرفها الجميع عن تطورات الثورة التونسية. ناشطون كثيرون كتبوا إنهم انتظروا بشوق رؤية هذا العمل الوثائقي الذي تم بثه عند التاسعة من ليلة الخميس على قناة العربية، وقبل أن ينتهي الشريط، انطلق التونسيون من عقالهم على الموقع الاجتماعي ضد القناة وضد معدي الفيلم وخصوصا المؤلف، في حملة تعاليق حادة بسبب ما يسمونه من «تلاعب بحقائق التاريخ، وبتاريخ الثورة التونسية». وعند الصباح، كان عدد التعاليق على صفحة قناة العربية قد تجاوز 26 ألف تعليق، استعرضنا ما أمكننا منها فلم نعثر فيها على عبارة رضا واحدة عن هذا العمل الدرامي الذي حظي بالكثير من المال والإشهار ليخلف في النهاية حالة غضب وخيبة أمل عارمة لدى التونسيين. أكثر عبارات التعاليق تكرارا هي «مهزلة»، لكننا سوف نجنّب السادة القراء الحديث عن مئات آلاف التعاليق التي تحتوي شتائم أو كلاما مخلا بالآداب، وفي المقابل، ثمة تعاليق جادة، تتناول هذا العمل الوثائقي بالنقد مثل زميل تونسي مقيم في الخليج اعتبر أن النص والحوار كانا متدنيين جدا، وذكر مثلا ما جاء في كلام ابنة بن علي التي تقول عن أحد مسؤولي الدولة: «قال لنا بعظمة لسانه»، لأنه لا اللغة العربية التي كتب بها الحوار ولا اللهجة التونسية تحتمل هذه العبارة. يكتب ناشط جامعي من العاصمة: «النص ساذج جدا، لا حرفية فيه، لم يحمل لنا أية معلومة مهمة باستثناء المحاولة البائسة لتصوير بن علي في صورة رجل يحاول إنقاذ البلاد، أداء الممثلين سطحي خصوصا في ظل نص الحوار الذي لا علاقة به بالحقائق التي يعرفها التونسيون جميعا، هذا العمل إساءة للثورة التونسية». وبصفة عامة، اعتبر التونسيون على الموقع نص الجزء الأول بعيدا جدا عن الحقائق، وقدم بن علي ومن حوله في هيئة أشخاص طيبين مظلومين كانوا يرهقون أنفسهم لإنقاذ البلاد من الفوضى والعنف وأعمال التخريب. تكتب ناشطة تونسية شابة: «فيلم بكل صراحة يندى له الجبين، ما هذه المسخرة التي تختزل ثورتنا في بعض مشاهد مضحكة بل الحقيقة مبكية وتافهة ؟ سيناريو تمثيل وإخراج فاشل، إلي مزبلة التاريخ الإعلامي يا...!»، ويكتب ناشط سياسي من اليسار: «العربية تقدمت في البهامة، مبروك لها زعامة قائمة القنوات الغبية، العربية طلعت أخت تونس 7 بالرضاعة». وكتب ناشط نهضوي: «رسالة إلى مسؤولي القناة: لا تحرجوا أنفسكم ببث البقية لإنقاذ ما بقي من علاقتكم بالشعب التونسي». وكما هي عادة التونسيين على الموقع، فقد أبدعوا في اختراع التعاليق والنكت التي تعبر عن غضبهم، كثيرون اختاروا الممثل الذي يقدم القهوة في الشريط أحسن ممثل لأنه لا يتكلم على الأقل وليس بحاجة إلى نص حوار، وكان أكثرهم ظهورا كما لو كان في إشهار عن القهوة، فصمم أحدهم شعارا لقناة العربية مع عبارة: «العربية، قهوة ليك وقهوة ليا، الآن سوف تحشش أكثر»، وكتب ناشط شاب ساخرا: «في الحلقة القادمة، سوف يصرخ بن علي: يزي من القهوة، يزي من القهوة، القهوة ما عندهاش مبرر». أما آخر نكتة فجاء فيها: «بعد أن أنهيا متابعة فيلم العربية، سأل أبو جهل أبا لهب: لماذا لم يذكر الجماعة البوعزيزي؟ فأجابه أبو لهب: البوعزيزي أم زبير بيّة؟ فضحك الاثنان ومعهما التلكوموند وانفجر بن علي ضحكاً وطلب سوكوبراس من القهواجي متاع الداخليّة». لقد قلنا لكم منذ البداية: أكثر من 26 ألف تونسي تجندوا للسخرية من هذا العمل الذي رأوا فيه سخرية من ثورتهم.