اعتبر أستاذ علم الاجتماع السياسي في الجامعة التونسية سالم لبيض أنّ تحليل المشهد السياسي الطلّابي اليوم يبدو ملتبسا نسبيا بسبب عدّة تعقيدات ناتجة عن معطيات سوسيو ديمغرافية وأخرى سياسية وتاريخية. وأوضح الأستاذ لبيض أنّ «المعطيات السوسيو ديمغرافية تتمثل بالأساس في توسّع القاعدة الطلّابية من بضعة آلاف في أواخر الثمانينات وبداية التسعينات من القرن الماضي إلى عدّة مئات من الآلاف حاليا، وهذا تزامن مع ضرب نظام بن علي لحرية العمل السياسي داخل الجامعة والتضييق خاصة على الفصائل السياسية الطلابية مما جعل البعض منها ينسحب بشكل نهائي من الساحة الطلابية طيلة العشرين سنة الأخيرة والأمر هنا يتعلق بالتنظيم الطلابي النهضاوي ومنظمته النقابية المعروفة بالاتحاد العام التونسي للطلبة. وأضاف أنه «في مقابل ذلك التحقت الفصائل الطلابية اليسارية والقومية بالاتحاد العام لطلبة تونس وبقيت تمارس نشاطها من خلال تلك المنظمة النقابية، لكن التغطية السياسية لتلك الفصائل كانت مقتصرة في واقع الأمر على بعض الكليات الكبرى ولم تتوسع لتحقق تماهيا مع القاعدة الطلابية الواسعة جدّا التي أفرزها التحول السوسيو ديمغرافي ولكن مع ذلك بقيت تلك الفصائل تحتل الواجهة الإعلامية لكل نشاط سياسي داخل الفضاء الجامعي. وتابع الأستاذ لبيض أنه «اليوم في ظل الثورة يبدو أنّ المشهد مُقبل على تحولات وربما تجاذبات تعود بنا إلى وسط الثمانينات، فرغبة الإسلاميين في العودة إلى الفضاء الجامعي بشقيهم النهضوي والسلفي تبدو متأكّدة وهذا الأمر يضع الفضاء الطلابي أمام صراع حادّ بين الاتحاد العام لطلبة تونس الذي يريد الحفاظ على احتكار ذلك الفضاء والاتحاد العام التونسي للطلبة العائد الذي يستند إلى حق التعددية النقابية في مُحاكاة للتعدّدية السياسية التي تعيشها البلاد والتعددية النقابية التي تعيشها الطبقة الشغيلة ومن هذا المنطلق يدافع عن حقه في العودة. وخلُص لبيض إلى القول إنّ «التحدّي المطروح اليوم هو إعادة الحيوية إلى الحركة الطلابية كمنبت تاريخي لمختلف التنظيمات السياسية وكممول للطبقة السياسية على اختلاف ألوانها بالكوادر، وهي الوظيفة التي شلّها نظام بن علي، وهذا يستدعي نوعا من المنافسة الشريفة والاعتراف بالآخر ونبذ العنف وعدم التعامل بلغة الاحتكار وبلغة الشرعية السجنية، وهذا في رأيي المخرج الوحيد للحفاظ على الفضاء الطلابي فضاء مشتركا يتّسع للجميع دون إقصاء من أيّ كان.»