بدمها ارتسمت بغداد تُحدّق في وجهها الجاثي على ضفّة لا تشبه دجلة على صفحة.. لا تعكس ماء الفرات قد كانت هنا الارض والرحلة.. والشعر.. والنخلة الواقفة على صبرها.. قد كانت هنا عشتار تزهو عروسا لتمّوز تراود العشّاق بألوان سحرها.. قد كانت هنا بابل العظيمة يذكرها العابرون في متون ذكرها.. فكيف الطريق الى القصيد في صمتها؟ وكيف يناجي العاشق البدر في ليلها؟ وكيف يراود الظل المحرّف أحلى شموسها..! آه لبغداد الحزينة تحت النعال البغيضة يُقفر وجهها.. آه لبغداد العنيدة صار الزمان طعانا عليها يُلجم بالمكر خيلها.. في شرقها ابتعدت بغداد تروي لنا الجدة الحانية بعد صلاتها.. أسطورة بابلية تحاكي الزمان المعتّق في وجدها.. وتظل تسأل : أين الطيور المغرّدة لتشدوفي فجرها؟ وأين الزوارق الحالمة لتمرح في نهرها؟ بل أين النُواسيّ لينتشي في حدائق أعنابها؟ فآه لبغداد التي ضحك الحاقدون خلف أحزانها.. ما كانوا أدركوا صدق السقوط لولا صرخة طفلها.. ما كانواجرّبوا شكل الجراح لولا الدمعة الثائرة ورقصة النار في أجسادها.. من جُرحها انتفضت بغداد أقسم الطفل والشيخ على الغضب.. فلا الشوق أنسى الفتى أشواقها.. ولا الشيب أنسى الشيخ أقدارها.. عهد على بغداد دفء الخلاص