برج السدرية: افتتاح اول وحدة صناعية صينية مختصة في صناعة كابلات السيارات    ارتفاع طفيف في منسوب التحركات الاحتجاجية خلال شهر أوت 2025    突尼斯:中国首家汽车线束工厂在布尔杰塞德里亚工业区揭牌    نقابة الصحفيين تدعو رئيس الجمهورية إلى تفعيل اليوم الوطني لحماية الصحفيين    إسبانيا تعلن 9 إجراءات لوقف الإبادة في غزة    محمد علي بن رمضان يقود المنتخب الوطني إلى كأس العالم    عاجل: المنتخب التونسي يتأهّل لنهائيات كأس العالم    صدمة في منزل بورقيبة: كهل يعتدي على والدته البالغة 70 سنة    وزير التجهيز: استكمال مشروع الطريق السيارة تونس – جلمة سنة 2027    عاجل/ تقدّم أشغال الاستعداد لموسم الأمطار بنسبة 70%    قفصة: وقفة احتجاجية لاسلاك التربية احتجاجا على عدم تفعيل جملة من المطالب المهنية    سليانة: الادارة الجهوية للتجهيز تقوم بتعبيد وصيانة مجموعة من الطرقات المرقمة والمسالك الريفية    فرنسا على وقع أزمة سياسية جديدة مع احتمال سقوط حكومة بايرو    قبلي: وقفة احتجاجية ببهو المندوبية الجهوية للتربية    مؤشر الأسعار الدولية للمنتجات الغذائية دون تغيير يُذكر خلال شهر أوت 2025    تصفيات كأس العالم: التشكيلة الأساسية للمنتخب الوطني في مواجهة غينيا الإستوائية    الترجي الجرجيسي يفوز وديا على إتحاد تطاوين    المصارعان بن تليلي والعياشي يمثلان تونس في بطولة العالم 2025 بكرواتيا    المنتخب التونسي للتنس يواجه نظيره السويدي ضمن منافسات كأس دافيس للتنس (المجموعة 1)    فريجي شامبرز : لا يمكن التفكير مستقبلًا في ضخ أموال إضافية لفائدة النادي الإفريقي    عاجل: منحة جديدة ب100 دينار لكل صغير و120 للطلبة قبل العودة المدرسية... التفاصيل    عاجل/ القبض على الإبن المُعتدي على والدته في بنزرت    سوسيوس كليبيست: تنظيف المدارج والساحة ومحيط المسرح الأثري بأوذنة (صور)    بعد جائزة الأسد الفضي في فينيسيا.. 4 عروض لفيلم صوت هند رجب بمهرجان تورنتو    "الفنون والاعاقة ... من العلاج الى الابداع" عنوان الملتقى العلمي الدولي ال22 الذي ينظمه الاتحاد التونسي لاعانة الاشخاص القاصرين ذهنيا    أسعار الكراس المدعم لهذا العام..#خبر_عاجل    الهيئة الوطنية للمحامين تتولى قضية وفاة التونسي الذيبي في مرسيليا    عاجل/ عدد المشاركين أسطول الصمود العالمي لكسر الحصار عن غزة..وآخر الاستعدادات..    إصلاح الكابلات البحرية قد يستغرق أسابيع: هذه الدُول الأكثر تضررًا    قطر تخفّض أسعار 1019 دواء    شنيا تعرف على كمية''dentifrice'' الصحيحة للبالغين والأطفال؟    مباراة تونس اليوم ضد غينيا الاستوائية: كل ما تحتاج معرفته عن مدينة مالابو    من التراث الشعبي للتغيرات المناخية: ماذا تعرف عن ''غسّالة النوادر''؟    وزارة التجارة تُخزّن 12 ألف طن من البطاطا استعدادا للفجوة الخريفية    عاجل/ قاصر ينفذ هجوما في تركيا ومقتل شرطيين..    طقس متقلّب اليوم في تونس: خلايا رعدية وأمطار في البلايص هذه بعد الظهر    استراليا: علماء يكتشفون فيروسا خطيرا جديدا    كيف الوقاية من أمراض العودة إلى المدارس؟    غار الملح تستعيد بريقها الثقافي بعودة اللقاءات الدولية للصورة    جبل الجلود: إيقاف مجرم خطير محل 20 منشور تفتيش    عاجل/ هذه الدولة تقر إجراءات جديدة نصرة لغزة..    ألكاراز يهزم سينر ويحرز لقبه الثاني في بطولة أمريكا المفتوحة    هجوم مسلح في القدس يسفر عن سقوط قتلى وجرحى    شهدت إقبالا جماهيريا كبيرا: اختتام فعاليات تظاهرة 'سينما الحنايا' بباردو    الدورة 69 من مهرجان لندن السينمائي: 'صوت هند رجب' و'سماء موعودة' ضمن القائمة    المهدية..أبوابه بقيت مغلقة منذ 8 سنوات.. مطالب بتخصيص متحف دار البحّار ل«كنز المهدية» الإغريقي    نادي الحرس الوطني يحيي حفلا فنيّا ساهرا بمناسبة الذكرى 69 لانبعاث سلك الحرس    ''الخسوف الدموي'' للقمر يعود بعد سنوات...شوف شنيا أصلو في مخيلة التونسي    الخسوف الكلي يبدأ عند 18:35... إليك التفاصيل    الدورة الرابعة للصالون الدولي للسياحة والعمرة يومي 12 و13 سبتمبر الجاري بالعاصمة    ديوان الحبوب: بامكان الفلاحين "مقايضة" جزء من محاصيل القمح "ببذور مثبتة"    وزارة التجهيز والاسكان تنتدب...    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    توقعات الأبراج لليوم: بين الأمل والحذر.. اكتشف ماذا يخبئ لك الأحد    أمطار منتظرة الليلة بهذه المناطق..#خبر_عاجل    خسوف كلي للقمر في معظم الدول العربية بداية من ليلة الأحد    غدا.. خسوف كامل والقمر "دموي"    عاجل/ فيروس "إيبولا" يعود من جديد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الملف الثقافي : من الصنصرة والمراقبة الأمنية الى البلطجة والميليشيات - حرية الإبداع في خطر!
نشر في الشروق يوم 31 - 01 - 2012

كان الفنانون والكتّاب والمثقفون في مقدمة المتظاهرين الذين شاركوا يوم السبت الماضي 28 جانفي 2012 في المسيرة الحاشدة التي جابت شوارع العاصمة تونس للمطالبة بحماية حرية التعبير والابداع.
وتؤكد مشاركتهم أو تظاهرهم الذي يعد الثاني منذ 14 جانفي 2011 بعد الوقفة الاحتجاجية التي نظموها قبل أسبوعين أمام مقر المجلس الوطني التأسيسي للمطالبة بحماية الحقوق الثقافية أن حرية الابداع والتعبير عموما في تونس باتت مهددة ومحاصرة. فمن يهدد حرية الابداع في تونس وكيف وما هي مطالب المبدعين الذين كثيرا ما حلموا بالحرية؟ أسئلة سنحاول الاجابة عنها في هذا الملف.
المبدعون في مسيرة المطالبة بحماية الحريات
لم تكن مشاركة الفنانين والكتّاب والمثقفين في مسيرة يوم السبت الماضي لأجل المشاركة فحسب او من اجل مساندة المتظاهرين بمختلف أطيافهم وفئاتهم، وإنما لشعورهم بالخطر وتعرضهم للمضايقات والهرسلة التي بلغت في بعض الأحيان حد الاعتداء بالعنف والتهديد بالقتل مثلما حدث مع المخرج نوري بوزيد في أفريل من العام الماضي لما قال إنه من أنصار اللائكية. فتم تعنيفه من قبل شخص وصف بالمجهول.
كما حرض أحد مغنيي الراب في حفل لحزب حركة النهضة على قتله منددا بفيلمه الاخير «آخر فيلم».
تعنيف المبدعين
ولم يكن نوري بوزيد الوحيد الذي تعرض للاعتداء بالعنف منذ 14 جانفي 2011 بسبب آرائه وأفكاره فقد تعرضت المغنية أماني السويسي في ديسمبر من العام الماضي الى الاعتداء بالعنف من قبل شخص وصف كذلك بالمجهول. كما تعرض عناصر فرقة أولاد المناجم في نفس الشهر اي في ديسمبر 2011 الى الاعتداء بالعنف من قبل مجموعة قال رئيس الفرقة و قتها انها من التيار السلفي. وكان ذلك في حفل أحيته الفرقة في مدينة سيدي بوزيد بمناسبة احياء الذكرى الاولى للثورة بالجهة.
مضايقة أساتذة التربية الفنية
وتعرض العديد من التشكيليين وأساتذة التربية الفنية الى حوادث مشابهة مثل أستاذ التربية المسرحية بالكاف رجب مقري الذي تعرض للاعتداء بالعنف من قبل مجموعة وصفت بالسلفية. كما تعرضت زميلته جليلة بن يحيى وهي أستاذة مسرح ايضا الى المضايقة والتهديد من قبل مجموعة وصفت كذلك بالسلفية لا لشيء سوى لكونها امرأة تدرّس مادة فنية.
وفي شهر ماي من العام الماضي تعرضت الفنانة التشكيلية المهاجرة مفيدة فضيلة الى محاولة تعنيف في شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة لأنها كانت تحمل لافتة كتب عليها «التونسي الخارق» في اشارة الى قوة الشعب التونسي الذي قام بالثورة وله من الذكاء في اختيار الشخص الذي يمثله في المجلس التأسيسي.
وفي شهر نوفمبر من العام الماضي أيضا قامت مجموعة توصف بالسلفية بالاعتداء على أستاذة تربية تشكيلية فاطمة جغام وذلك في احد المعاهد الثانوية بحي التضامن.
كما هاجمت مجموعة من الطلبة الملتحين في نفس الفترة تقريبا، المعهد العالي للفنون والحرف بالقيروان مهددة أساتذته بالقتل بسبب منسوخات للوحات الفنان العالمي ميكائيل انجيلو.
وفي نفس الفترة فزع أساتذة وطلبة معهد الفنون الجميلة بتونس من تهديد كتب على جدار معهدهم يتضمن «سننتقم منكم يا كفرة... ا& أكبر».
كما تعرّض عديد من الكتاب والمفكرين الى مضايقات وتهديدات وحملات تكفير مثل الشاعر محمد الصغير أولاد أحمد، والمفكّر محمد الطالبي...
وتبقى حادثة أو واقعة «أفريك آرت» التي هاجم فيها ملتحون محسوبون على السلفيين القاعة لما عرضت فيلم «لائكية إن شاء ا&» للمخرجة نادية الفاني، الحادثة الأكثر شهرة حيث تم تهشيم بلور القاعة والاعتداء بالعنف على عدد من المتفرجين. ووصفت المخرجة وقتها بالملحدة والكافرة. ودعا المهاجمون الى اباحة دمها.
حرية الابداع مهددة
وتعكس كل هذه الحوادث أو الجرائم التي تعد في الحقيقة، غريبة عن المجتمع التونسي، ولم يسبق أن شهدتها البلاد حتى في أحلك فتراتها السياسية، واقع حرية التعبير في تونس، والحريات بشكل عام التي باتت مهددة، وتنذر بخطر كبير يمكن ان يعود بالبلاد الى ديكتاتورية جديدة، دينية.
فمن سياسة «الصنصرة» و«المراقبة الأمنية» التي كان ينتجها النظام السابق ضد المبدعين بتعلة حماية الأمن العام للبلاد، تطوّرت الرقابة على الابداع والمبدعين الى اشكال اكثر حدة وعنف تنفذها مجموعات وميليشيات تقف وراءها تيارات دينية متشددة تتخذ من «الهوية» و«المقدس» ذريعة لتشريع سلوكها وممارساتها المناقضة غالبا لتعاليم الدين الاسلامي السمحة.
وترى هذه التيارات في الفن والابداع شركا وكفرا. كما تعتبر الفنانين والمبدعين زنادقة وكفارا لابد من اقامة الحد عليهم.
وإذا كان الفنانون والكتاب والمثقفون قد سارعوا الى تصدر الصفوف الاولى للمتظاهرين في مسيرة السبت الماضي للمطالبة بحماية حرية الابداع، والحريات بشكل عام، وقبلها في وقفة احتجاجية أمام مقر المجلس الوطني التأسيسي للمطالبة بحماية الحقوق الثقافية، فذلك ليس احتجاجا على ما يتعرّضون إليه من مضايقات واعتداءات بالعنف، فحسب، وإنما احتجاجا كذلك على صمت الحكومة على ما يتعرضون اليه، والذي يعد في نظرهم كنوع من التواطؤ مع هذه المجموعات والتيارات الدينية المتشدّدة...
والمطلوب اليوم، بعد تنامي العداء للمبدعين، وخصوصا من التيارات الدينية المتشددة، هو اسراع الحكومة بسن قوانين تجرّم عدم الاعتراف بحرية الابداع والمبدعين، كما يجب تضمين حرية الابداع والتعبير في الدستور الذي يعدّه المجلس الوطني التأسيسي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.