السدود التونسية تبلغ نسبة امتلاء قدرها 35,6% في منتصف جويلية: تحسن ملحوظ مقارنة بالعام الماضي    تونس – تراجع إنتاج النفط وزيادة الاعتماد على الغاز: حدود النموذج الطاقي الحالي    ألعاب القوى – ملتقى هوسدن 2025: العيوني يحتل المركز الخامس    طقس الأحد: الحرارة تصل الى 46 درجة    العودة الجامعية 2025-2026: وزارة التعليم العالي تكشف عن الرزنامة الرسمية    استراحة شعرية .. قصيدة «أنت لست سوى أنا»    قصيدة «المرأة المسلسلة»    تاريخ الخيانات السياسية (20) .. المقنّع الخراساني ، وادّعاء الألوهية    خطوة "سريعة" من زوجة الرئيس التنفيذي "الخائن" بعد الفضيحة    انتداب أصحاب الشهائد المعطّلين: مقترح جاهز لكن التصويت مازال    صفاقس: تزويد المركز الصحي الأساسي الوسيط بتجهيزات طبية متطورة    سيدي بوزيد: الاتحاد الجهوي للشغل يطالب بتحسين وضع قطاع النقل بالجهة    وزير الشؤون الدينية يشرف على اجتماع تقييمي لموسم الحج ويؤكد مواصلة تطوير الخدمات لفائدة الحجيج    كميّات الحبوب المجمّعة تتجاوز 11 مليون قنطار حتّى 17 جويلية 2025    غلق جزء من الطريق الجهوية 36    هل سمعت ب''أم الشوالق''؟ شجرة زيتون في الكاف تحمل أسرار التونسيين    برمجة فعاليات الدورة الثانية للمهرجان الوطني الحاج منصر للفروسية والتراث    مدنين: الدورة الجديدة للمهرجان الدولي للاسفنج بجرجيس :سهرت متنوعة ومفتوحة مجانا للجمهور    الإعلان عن انطلاق موسم جني الحلفاء    أريانة .. إجراءات للتوقّي من مرض الجلد العقدي لدى الأبقار    الجلسة العامة الانتخابية للنجم الساحلي: قائمة وحيدة مترشحة برئاسة زبير بية    الكاف : حجز كمية من المخدرات مخفية في ابواب سيارة    الجيش الملكي المغربي يتعاقد مع اللاعب التونسي أشرف الحباسي    وفاة الأمير الوليد بن خالد بن طلال بعد أكثر من 20 عاما في غيبوبة    قبلي: المركز الفني للزراعات الجيوحرارية يعتزم إحداث وحدة تابعة له بالجهة (رئيس مجلس ادارة المركز)    الوحدة المختصة للحرس الوطني تفوز بالمرتبة الثانية في مسابقة عالمية للرماية بالسلاح الناري في الصين    السفارة اليابانية تقلّد تونسيين وسام الشمس المشرقة    دليل التوجيه الجامعي يُتاح النهار هذا.. حضّر روحك    عاجل/ عملية دهس في مدينة أمريكية..وهذه حصيلة الضحايا..    مسرحية "لاموضى" تحصد ثلاث جوائز ضمن مهرجان "ليالي المسرح الحرّ" بالأردن    عاجل: صفقة جديدة لتعزيز وسط ميدان النادي الإفريقي    ترامب يحذر: بريكس "ستنهار سريعا" إذا شكلت يوما ما أي كيان فاعل    كيفاش تحمي البيسي متاعك من السخانة؟    بدّل الجافيل بحاجات طبيعية تنظف وتفوح!    السجن 8 سنوات لمسؤول سابق في قضية فساد بالصناديق الاجتماعية    افتتاح المقر الجديد لمركز علوم وتقنيات التراث بالحلفاوين    2.7 مليون قنطار من الحبوب: باجة تُنعش الأمن الغذائي الوطني    بعد النزول بمعدل القبول ل 14... التعليم النموذجي وحتمية إعادة الهيكلة    عاجل/ في علاقة بغزة: ترامب يعلن..    من الأكشن إلى الكوميديا: أحدث الأفلام الجديدة على "نتفليكس"..    عاجل/ استشهاد 29 فلسطينيا من طالبي المساعدات في غزة بنيران إسرائيلية..    كيف تبني علاقة صحية مع طفلك؟ إليك 6 نصائح بسيطة وفعّالة    شراكة تونسية – عراقية لفتح أسواق دوائية جديدة وتعزيز السيادة الصحية    الرابطة الأولى: اليوم سحب رزنامة الموسم الجديد    كأس أمم إفريقيا لكرة القدم للسيدات - منتخب المغرب يبلغ المربع الذهبي بفوزه على نظيره المالي 3-1    النادي الافريقي ينفي انهاء التعاقد مع المدرب محمد الساحلي    اليوم: الحرارة تصل إلى 44 درجة    البطولة الافريقية للجيدو: تونس تحرز اللقب القاري    تونس تجمع كفاءاتها الطبية بالخارج: ملتقى وطني يبحث عن حلول للهجرة الصحية    جلسة عمل بولاية تونس لمتابعة تنفيذ 3 مشاريع معطلة    الرئاسة السورية تعلن "وقفا شاملا لإطلاق النار" وتحذر من خرقه    واشنطن: اتفاق بين إسرائيل وسوريا على وقف إطلاق النار    في يوم شديد الحرارة...الحماية المدنية تُحذّر    قيس سعيّد: دُور الشباب تحوّلت إلى أوكار... والرياضة تحتاج تطهيرًا عاجلًا    الشيخ العلامة يونس بن عبد الرحيم التليلي (فريانة) .. موسوعة علوم ومعارف عصره    تاريخ الخيانات السياسية (19) الرّاوندية يتخذون المنصور إلاها    عاجل: للقادمين من تونس نحو المروج: تغييرات في المسالك المرورية نهاية الأسبوع    أستاذ تونسي يُفسّر ''ناقصات عقل ودين''    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الملف الثقافي : من الصنصرة والمراقبة الأمنية الى البلطجة والميليشيات - حرية الإبداع في خطر!
نشر في الشروق يوم 31 - 01 - 2012

كان الفنانون والكتّاب والمثقفون في مقدمة المتظاهرين الذين شاركوا يوم السبت الماضي 28 جانفي 2012 في المسيرة الحاشدة التي جابت شوارع العاصمة تونس للمطالبة بحماية حرية التعبير والابداع.
وتؤكد مشاركتهم أو تظاهرهم الذي يعد الثاني منذ 14 جانفي 2011 بعد الوقفة الاحتجاجية التي نظموها قبل أسبوعين أمام مقر المجلس الوطني التأسيسي للمطالبة بحماية الحقوق الثقافية أن حرية الابداع والتعبير عموما في تونس باتت مهددة ومحاصرة. فمن يهدد حرية الابداع في تونس وكيف وما هي مطالب المبدعين الذين كثيرا ما حلموا بالحرية؟ أسئلة سنحاول الاجابة عنها في هذا الملف.
المبدعون في مسيرة المطالبة بحماية الحريات
لم تكن مشاركة الفنانين والكتّاب والمثقفين في مسيرة يوم السبت الماضي لأجل المشاركة فحسب او من اجل مساندة المتظاهرين بمختلف أطيافهم وفئاتهم، وإنما لشعورهم بالخطر وتعرضهم للمضايقات والهرسلة التي بلغت في بعض الأحيان حد الاعتداء بالعنف والتهديد بالقتل مثلما حدث مع المخرج نوري بوزيد في أفريل من العام الماضي لما قال إنه من أنصار اللائكية. فتم تعنيفه من قبل شخص وصف بالمجهول.
كما حرض أحد مغنيي الراب في حفل لحزب حركة النهضة على قتله منددا بفيلمه الاخير «آخر فيلم».
تعنيف المبدعين
ولم يكن نوري بوزيد الوحيد الذي تعرض للاعتداء بالعنف منذ 14 جانفي 2011 بسبب آرائه وأفكاره فقد تعرضت المغنية أماني السويسي في ديسمبر من العام الماضي الى الاعتداء بالعنف من قبل شخص وصف كذلك بالمجهول. كما تعرض عناصر فرقة أولاد المناجم في نفس الشهر اي في ديسمبر 2011 الى الاعتداء بالعنف من قبل مجموعة قال رئيس الفرقة و قتها انها من التيار السلفي. وكان ذلك في حفل أحيته الفرقة في مدينة سيدي بوزيد بمناسبة احياء الذكرى الاولى للثورة بالجهة.
مضايقة أساتذة التربية الفنية
وتعرض العديد من التشكيليين وأساتذة التربية الفنية الى حوادث مشابهة مثل أستاذ التربية المسرحية بالكاف رجب مقري الذي تعرض للاعتداء بالعنف من قبل مجموعة وصفت بالسلفية. كما تعرضت زميلته جليلة بن يحيى وهي أستاذة مسرح ايضا الى المضايقة والتهديد من قبل مجموعة وصفت كذلك بالسلفية لا لشيء سوى لكونها امرأة تدرّس مادة فنية.
وفي شهر ماي من العام الماضي تعرضت الفنانة التشكيلية المهاجرة مفيدة فضيلة الى محاولة تعنيف في شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة لأنها كانت تحمل لافتة كتب عليها «التونسي الخارق» في اشارة الى قوة الشعب التونسي الذي قام بالثورة وله من الذكاء في اختيار الشخص الذي يمثله في المجلس التأسيسي.
وفي شهر نوفمبر من العام الماضي أيضا قامت مجموعة توصف بالسلفية بالاعتداء على أستاذة تربية تشكيلية فاطمة جغام وذلك في احد المعاهد الثانوية بحي التضامن.
كما هاجمت مجموعة من الطلبة الملتحين في نفس الفترة تقريبا، المعهد العالي للفنون والحرف بالقيروان مهددة أساتذته بالقتل بسبب منسوخات للوحات الفنان العالمي ميكائيل انجيلو.
وفي نفس الفترة فزع أساتذة وطلبة معهد الفنون الجميلة بتونس من تهديد كتب على جدار معهدهم يتضمن «سننتقم منكم يا كفرة... ا& أكبر».
كما تعرّض عديد من الكتاب والمفكرين الى مضايقات وتهديدات وحملات تكفير مثل الشاعر محمد الصغير أولاد أحمد، والمفكّر محمد الطالبي...
وتبقى حادثة أو واقعة «أفريك آرت» التي هاجم فيها ملتحون محسوبون على السلفيين القاعة لما عرضت فيلم «لائكية إن شاء ا&» للمخرجة نادية الفاني، الحادثة الأكثر شهرة حيث تم تهشيم بلور القاعة والاعتداء بالعنف على عدد من المتفرجين. ووصفت المخرجة وقتها بالملحدة والكافرة. ودعا المهاجمون الى اباحة دمها.
حرية الابداع مهددة
وتعكس كل هذه الحوادث أو الجرائم التي تعد في الحقيقة، غريبة عن المجتمع التونسي، ولم يسبق أن شهدتها البلاد حتى في أحلك فتراتها السياسية، واقع حرية التعبير في تونس، والحريات بشكل عام التي باتت مهددة، وتنذر بخطر كبير يمكن ان يعود بالبلاد الى ديكتاتورية جديدة، دينية.
فمن سياسة «الصنصرة» و«المراقبة الأمنية» التي كان ينتجها النظام السابق ضد المبدعين بتعلة حماية الأمن العام للبلاد، تطوّرت الرقابة على الابداع والمبدعين الى اشكال اكثر حدة وعنف تنفذها مجموعات وميليشيات تقف وراءها تيارات دينية متشددة تتخذ من «الهوية» و«المقدس» ذريعة لتشريع سلوكها وممارساتها المناقضة غالبا لتعاليم الدين الاسلامي السمحة.
وترى هذه التيارات في الفن والابداع شركا وكفرا. كما تعتبر الفنانين والمبدعين زنادقة وكفارا لابد من اقامة الحد عليهم.
وإذا كان الفنانون والكتاب والمثقفون قد سارعوا الى تصدر الصفوف الاولى للمتظاهرين في مسيرة السبت الماضي للمطالبة بحماية حرية الابداع، والحريات بشكل عام، وقبلها في وقفة احتجاجية أمام مقر المجلس الوطني التأسيسي للمطالبة بحماية الحقوق الثقافية، فذلك ليس احتجاجا على ما يتعرّضون إليه من مضايقات واعتداءات بالعنف، فحسب، وإنما احتجاجا كذلك على صمت الحكومة على ما يتعرضون اليه، والذي يعد في نظرهم كنوع من التواطؤ مع هذه المجموعات والتيارات الدينية المتشدّدة...
والمطلوب اليوم، بعد تنامي العداء للمبدعين، وخصوصا من التيارات الدينية المتشددة، هو اسراع الحكومة بسن قوانين تجرّم عدم الاعتراف بحرية الابداع والمبدعين، كما يجب تضمين حرية الابداع والتعبير في الدستور الذي يعدّه المجلس الوطني التأسيسي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.