دأب التونسيون على الاحتفاء بهذا العيد السعيد منذ انتشار الاسلام في تونس وتوطيد أركان المذهب المالكي وهو تعبير عن حبهم ووفائهم وتقديرهم لنبيهم ويأخذ هذا الاحتفاء بعدا خاصا في كل من جامع الزيتونة المعمور وجامع عقبة ابن نافع بالقيروان باعتبارهما رمز تأصيل الكيان الاسلامي وشاهدا على نقاوة وصفاء الدين المحمدي في ربوع المغرب العربي والتي جاءها من ينابيعه الأصيلة وتتنوع فقرات الاحتفال بين الصلاة والابتهال والانشاد والذكر والصلاة على الرسول وقد اعتاد التونسيون على هذه المناسبة انشاد قصيدة البردة والهمزية محبة للنبي المصطفى وفي ما يلي فقرات من هذين القصيدتين للشاعر البوصيري. قصيدة البردة مولاي صلي وسلم دائماً أبدا على حبيبك خير الخلق كلهم أمن تذكرجيرانٍ بذي سلمٍ مزجت دمعا جَرَى من مقلةٍ بدمِ أَمْ هبَّت الريحُ مِنْ تلقاءِ كاظمةٍ وأَومض البرق في الظَّلْماءِ من إِضمِ فما لعينيك إن قلتاكْفُفاهمتا وما لقلبك إن قلت استفق يهمِ أيحسب الصب أن الحب منكتمٌ ما بين منسجم منه ومضطرمِ لولا الهوى لم ترق دمعاً على طللٍ ولا أرقت لذكر البانِ والعلمِ فكيف تنكر حباً بعد ما شهدت به عليك عدول الدمع والسقمِ وأثبت الوجد خطَّيْ عبرةٍ وضنى مثل البهار على خديك والعنمِ يا هل ترى طيف من أهوى فأرقني الحب يعترض اللذات بالألمِ يا لائمي في الهوى العذري معذرة مني إليك ولو أنصفت لم تلمِ عدتك حالي لا سري بمستترٍ عن الوشاة ولا دائي بمنحسمِ محضتني النصح لكن لست أسمعهُ إن المحب عن العذال في صممِ إنى اتهمت نصيح الشيب في عذلي والشيب أبعد في نصح عن التهم فإن أمارتي بالسوءِ ما أتعظت من جهلها بنذير الشيب والهرمِ ولا أعدت من الفعل الجميل قرى ضيف ألم برأسي غير محتشم لو كنت أعلم أني ما أوقره كتمت سراً بدا لي منه بالكتمِ من لي برّدِ جماحٍ من غوايتها كما يردُّ جماح الخيلِ باللُّجُمِ فلا ترم بالمعاصي كسر شهوتها إن الطعام يقوي شهوة النَّهمِ والنفس كالطفل إن تهملهُ شبَّ على حب الرضاعِ وإن تفطمهُ ينفطمِ فاصرف هواها وحاذر أن توليه إن الهوى ما تولى يصم أو يصمِ وراعها وهي في الأعمالِ سائمةٌ وإن هي استحلت المرعى فلا تسمِ كم حسنت لذةً للمرءِ قاتلة من حيث لم يدرِ أن السم فى الدسمِ واخش الدسائس من جوعٍ ومن شبع فرب مخمصةٍ شر من التخمِ واستفرغ الدمع من عين قد امتلأت من المحارم والزم حمية الندمِ وخالف النفس والشيطان واعصهما وإن هما محضاك النصح فاتَّهِمِ ولا تطع منهما خصماً ولا حكماً فأنت تعرف كيد الخصم والحكمِ أستغفر الله من قولٍ بلا عملٍ لقد نسبتُ به نسلاً لذي عُقُمِ أمْرتُك الخير لكن ما ائتمرت به وما استقمت فما قولي لك استقمِ ولا تزودت قبل الموت نافلةً ولم أصل سوى فرض ولم اصمِ ظلمت سنة من أحيا الظلام إلى أن اشتكت قدماه الضر من ورمِ وشدَّ من سغب أحشاءه وطوى تحت الحجارة كشحاً مترف الأدمِ وراودته الجبال الشم من ذهبٍ عن نفسه فأراها أيما شممِ وأكدت زهده فيها ضرورته إن الضرورة لا تعدو على العصمِ وكيف تدعو إلى الدنيا ضرورة من لولاه لم تخرج الدنيا من العدمِ محمد سيد الكونين والثقلين والفريقين من عرب ومن عجمِ نبينا الآمرُ الناهي فلا أحدٌ أبر في قولِ لا منه ولا نعمِ هو الحبيب الذي ترجى شفاعته لكل هولٍ من الأهوال مقتحمِ دعا إلى الله فالمستمسكون به مستمسكون بحبلٍ غير منفصمِ فاق النبيين في خلقٍ وفي خُلُقٍ ولم يدانوه في علمٍ ولا كرمِ وكلهم من رسول الله ملتمسٌ غرفاً من البحر أو رشفاً من الديمِ وواقفون لديه عند حدهم من نقطة العلم أو من شكلة الحكمِ فهو الذي تم معناه وصورته ثم اصطفاه حبيباً بارئُ النسمِ منزهٌ عن شريكٍ في محاسنه فجوهر الحسن فيه غير منقسمِ دع ما ادعته النصارى في نبيهم واحكم بما شئت مدحاً فيه واحتكم وانسب إلى ذاته ما شئت من شرف وانسب إلى قدره ما شئت من عظمِ فإن فضل رسول الله ليس له حدٌّ فيعرب عنه ناطقٌ بفمِ لو ناسبت قدره آياته عظماً أحيا اسمه حين يدعى دارس الرممِ لم يمتحنا بما تعيا العقول به حرصاً علينا فلم نرْتب ولم نهمِ أعيا الورى فهم معناه فليس يرى في القرب والبعد فيه غير منفحمِ كالشمس تظهر للعينين من بعُدٍ صغيرةً وتكل الطرف من أممِ وكيف يدرك في الدنيا حقيقته قومٌ نيامٌ تسلوا عنه بالحلمِ فمبلغ العلم فيه أنه بشرٌ