شرح السيد بيار لويجي برساني، رئيس الحزب الديمقراطي الايطالي في لقاء مع «الشروق» موقف حزبه من التجربة السياسية بتونس التي زارها وسط هذا الأسبوع معتبرا أنها «تشهد مسارا انتقاليا لا رجعة فيه». دعا السيد بيار لويجي برساني دول الشمال والجنوب الى العمل على إرساء فضاء تعاون حقيقي وشراكة بين بعضها البعض من أجل ايجاد حلّ لمشكل الهجرة السرية. ماهو الانطباع الذي تبدّى لك عن التجربة السياسية التونسية خلال زيارتكم هذه... وكيف تقيّمون هذه التجربة؟ بالتأكيد، النقطة الأساسية هنا أن تونس تشهد اليوم مسار انتقال ديمقراطي لا رجعة فيه... الانطباع الذي تبدّى لنا خلال هذه الزيارة أنّ مختلف الأطراف من الحكومة الى الأحزاب الى المجتمع المدني، مقتنعة بأنّ المرحلة تقتضي استكمال هذا المسار على أكمل وجه... كذلك لاحظت أن هناك نوعا من الاحساس بصعوبات المرحلة الحالية وبوجود بعض التحدّيات... لكن حتى أكون واضحا أقول أن هذه الاشكالية ليست إشكالية تونسية فقط، بل إنها في حقيقة الأمر عالمية... بما في ذلك بلدي ايطاليا، لكن هذه الصعوبات الاقتصادية والاجتماعية، أنا اليوم مقتنع تمام الاقتناع بأنها لن تكون عائقا أمام هذا المسار الديمقراطي. انطلاقا من تجربتكم السياسية في ايطاليا، أي نظام حكم ترونه أنسب بالنسبة الى تونس في المستقبل؟ ما آراه هنا أن أهم نقطة هو أن تكمل تونس مسارها في كتابة الدستور بأكبر قدر ممكن من التوافق مع من هو داخل الائتلاف الحكومي ومع من في المعارضة... هكذا كانت تجربتنا في ايطاليا... إذن أنا أنصح بالاهتمام بالتمثيلية السياسية... وما أقوله ينسجم مع نظام برلماني، لكنه ينجسم أيضا مع نظام رئاسي معدّل، المهمّ هو أن يكون هناك تفاعل مباشر بين الحياة السياسية والشعب. في علاقة بالموضوع التونسي الايطالي، ثمّة حديث يروج منذ يومين حول تنازل تونس عن حصتها من الغاز الجزائري لروما... هل لديكم معلومات وتفاصيل بهذا الخصوص؟ ما أؤكده أننا في ايطاليا حريصون على حسن استغلال الغاز رغم ما نواجهه من صعوبات في هذا المجال. العلاقة بين ايطاليا وليبيا، شهدت في عهدي القذافي وبرلسكوني مراوحة بين العداء والتخالف والصداقة... الآن كيف يبدو واقع هذه العلاقة... وماذا عن مستقبلها؟ نحن اليوم أعدنا العلاقات مع السلطات الليبية الجديدة... وبهذا المعنى فإنني أستطيع أن أعلن أن سياسة حزبنا التي لا تختلف بهذا الخصوص عن سياسة الحكومة، تركز على إقامة علاقات مع كل دولة في اطار الاحترام المتبادل، ولكن أيضا تأخذ في الاعتبار المتغيرات التي يشهدها العالم.. إذن ليس بامكاننا أن نفكر في إقامة علاقة مع ليبيا دون أن تكون ضمنها علاقة مع تونس أو المغرب... نحن مع تسهيل التواصل التجاري بكل أنواعه في منطقة المغرب العربي... ومن الواضح أن الوضع في ليبيا لا يزال يواجه الكثير من التحدّيات والمشاكل... لكننا مؤمنون بأن الوضع بهذا البلد سيتحسن لا محالة... وبأن ليبيا ستجد مخرجا من هذا المأزق ولا يمكن أن ننسى دور تونس في مساعدة ليبيا في هذا المسار الانتقالي. في ما يتعلق بسوريا، يبدو الصوت الايطالي وكأنه خافت نسبيا بالمقارنة مع دول أوروبية أخرى على غرار فرنسا وألمانيا مثلا... فماهي دواعي ذلك... وكيف تنظر ايطاليا الى الوضع بسوريا، من هذه الزاوية؟ نحن كحزب ديمقراطي، بالتأكيد مع الموقف الواضح... ومنذ الأيام الأولى كان موقف حزبنا واضحا وقوّيا جدا... نحن نريد أن تغير روسيا والصين موقفيهما لمصلحة الشعب السوري... وفي كل الأحوال نحن مؤمنون بأن الديمقراطية هي التي ستفوز في النهاية... لكن السؤال هنا هو كم عدد الأرواح؟ في الموضوع السوري أيضا قدمت الولاياتالمتحدة مبادرة تحت إسم «أصدقاء سوريا الديمقراطية»... فهل أنتم في ايطاليا معنيون بهذه المبادرة؟ في الحقيقة لم نطّلع بعد على تفاصيل هذه المبادرة حتى نحكم عليها ولكن ما أستطيع أن أقوله أننا مع أي مبادرة يمكن أن تفضي الى مخرج من الأزمة السورية. في أوروبا هناك اليوم بعض الأصوات التي تعلو من الحين الى الآخر محذّرة من صعود التيار الاسلامي الى الحكم بعد الثورات العربية، فهل هناك فعلا ما يبرّر مثل هذه المواقف برأيك؟ ليس لديّ أي شك، في أن الاسلام يتماشى مع الديمقراطية... النقطة هي أن أي حزب أيا كان عليه أن يثبت أنه بعد الكلام يجب أن ينتقل الى الأفعال... هذا هو الأساس في اعتقادي... وهذا هو المقياس الذي يمكن أن نحدّد به مدى قدرة أي حزب على النجاح. كيف تقاربون ملف الهجرة السرّية، وماهي برأيكم فرص تجاوز هذا الاشكال بين الشمال والجنوب في المرحلة القادمة؟ المشكل الأساسي هو أنه من الضروري خلق فضاء تعاون حقيقي وشراكة بين الدول لوجود نوع من الهجرة القانونية التي يمكن أن تحدّ من انتشار ظاهرة الحرقان... ونحن في الحزب الديمقراطي الايطالي كنا في الحقيقة من بين من انتقدوا السياسة غير الواقعية وغير العقلانية التي اتبعها رئيس الوزراء الايطالي السابق سلفيو برلسكوني في ما يتعلق بالهجرة السرية.