هل تفلح تونس في إعادة الروح إلى الكيان المغاربي الذي دخل في موت سريري منذ سنوات؟ الإمكانية واردة، ومسعى إذابة الجليد انطلق وتجاوز العقبة الكأداء بات متاحا في ظل رغبة الأقطار الخمسة في إنشاء فضاء إقليمي قوي يكون قوة إقناع وتفاوض أمام بقية الاتحادات والكيانات الإقليمية، خاصة وأن الجميع مدركون أن كلفة اللامغرب باهظة وأن لا أحد من الأقطار الخمسة قادر على رفع التحديات بمفرده ودون تكامل أو تعاون مع بقية بلدان الاتحاد. وإذا كانت الوحدة المغاربية مطلبا شعبيا يعود إلى بداية القرن الماضي فان تجسيمه الفعلي كان قبل 23 عاما فقط ليبقى هيكلا فارغا عديم الجدوى, بل أن الرؤساء والملوك السابقين عرقلوا اجتماعات القمة نتيجة خلافاتهم وأساسا حول قضية الصحراء الغربية التي كانت وراء تدهور العلاقات بين الجزائر والمغرب وغلق الحدود بينهما. وإذا صحّ وعد الرئيس منصف المرزوقي بعقد لقاء قمة بين بوتفليقة ومحمد السادس وتم إثره الاتفاق على ترك ملف الصحراء لقرار أممي, فإن عقد القمة الرئاسية يكون ممكنا وبالتالي تطرح كل الملفات على طاولة المفاوضات لينطلق تاريخ جديد للمنطقة يدفع العمل المشترك في كل المجالات وييسر إقامة سوق مشتركة ويدعم إمكانية توحيد السياسات والخيارات الكبرى. ومن المنتظر أن يكون موضوع عقد القمة المغاربية أبرز النقاط التي سيتناولها اجتماع مجلس وزراء الخارجية الذي سيتزامن انعقاده مع الذكرى الثالثة والعشرين لبعث الهيكل المغاربي, ولو أن بعض الأطراف تربط عقد القمة باتفاق الرئيس الجزائري والملك المغربي برعاية تونسية. ولا شك أن الحراك السياسي والاجتماعي الذي عرفته البلدان الخمسة والذي أفضى إلى تغيير النظامين التونسي والليبي ووصول حكومة جديدة في المغرب وقرب تنظيم الانتخابات في الجزائر سيدفع مسار العمل المغاربي خاصة وأن الحكومات الإسلامية في تونس وليبيا والمغرب تمتلك نفس التوجهات والانتظارات لمستقبل المنطقة. فهل تكون تونس مرة أخرى المبادرة بإعادة الروح إلى الجسم المغاربي, رغم إنها كانت في السنوات الماضية حريصة على البناء المغاربي وحافظت على تميز علاقاتها بكل البلدان المغاربية سياسيا واقتصاديا ولم تكن سببا في حصول التوتر الذي خلق الجمود.