مع عودة التحكيم الأجنبي.. تعيينات حكام الجولة 5 "بلاي أوف" الرابطة الاولى    استقالة متحدثة من الخارجية الأميركية احتجاجا على حرب غزة    الرابطة الأولى.. تعيينات حكام مباريات الجولة الأولى إياب لمرحلة "بلاي آوت"    ماذا في لقاء سعيد برئيسة اللجنة الوطنية الصلح الجزائي..؟    أخبار المال والأعمال    سليانة .. رئس الاتحاد الجهوي للفلاحة ...الثروة الغابية تقضي على البطالة وتجلب العملة الصعبة    وزير السّياحة: تشجيع الاستثمار و دفع نسق إحداث المشاريع الكبرى في المجال السّياحي    «الشروق» ترصد فاجعة قُبالة سواحل المنستير والمهدية انتشال 5 جُثث، إنقاذ 5 بحّارة والبحث عن مفقود    تنزانيا.. مقتل 155 شخصا في فيضانات ناتجة عن ظاهرة "إل نينيو"    زيتونة.. لهذه الاسباب تم التحري مع الممثل القانوني لإذاعة ومقدمة برنامج    لدى لقائه فتحي النوري.. سعيد يؤكد ان معاملاتنا مع المؤسسات المالية العالمية لابد ان يتنزل في اختياراتنا الوطنية    اليابان تُجْهِزُ على حلم قطر في بلوغ أولمبياد باريس    سوسة.. دعوة المتضررين من عمليات "براكاجات" الى التوجه لإقليم الأمن للتعرّف على المعتدين    إثر الضجة التي أثارها توزيع كتيّب «سين وجيم الجنسانية» .. المنظمات الدولية همّها المثلية الجنسية لا القضايا الإنسانية    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    حركة النهضة تصدر بيان هام..    بالثقافة والفن والرياضة والجامعة...التطبيع... استعمار ناعم    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    تراجع الاستثمارات المصرح بها في القطاع الصناعي    جندوبة.. المجلس الجهوي للسياحة يقر جملة من الإجراءات    منوبة.. الإطاحة بمجرم خطير حَوّلَ وجهة انثى بالقوة    برنامج الجولة الأولى إياب لبطولة الرابطة الاولى لمحموعة التتويج    اقتحام منزل وإطلاق النار على سكّانه في زرمدين: القبض على الفاعل الرئيسي    قبلي: السيطرة على حريق نشب بمقر مؤسسة لتكييف وتعليب التمور    الفنان رشيد الرحموني ضيف الملتقى الثاني للكاريكاتير بالقلعة الكبرى    من بينهم أجنبي: تفكيك شبكتين لترويج المخدرات وايقاف 11 شخص في هذه الجهة    البطلة التونسية أميمة البديوي تحرز الذهب في مصر    مارث: افتتاح ملتقى مارث الدولي للفنون التشكيلية    تحذير من هذه المادة الخطيرة التي تستخدم في صناعة المشروبات الغازية    وزيرة التربية : يجب وضع إستراتيجية ناجعة لتأمين الامتحانات الوطنية    وزارة التعليم العالي: تونس تحتل المرتبة الثانية عربيًّا من حيث عدد الباحثين    سليانة: أسعار الأضاحي بين 800 دينار إلى 1100 دينار    الرئيس الفرنسي : '' أوروبا اليوم فانية و قد تموت ''    تتويج السينما التونسية في 3 مناسبات في مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة    جريمة شنيعة: يختطف طفلة ال10 أشهر ويغتصبها ثم يقتلها..تفاصيل صادمة!!    قبلي : اختتام الدورة الأولى لمهرجان المسرحي الصغير    باجة: تهاطل الامطار وانخفاض درجات الحرارة سيحسن وضع 30 بالمائة من مساحات الحبوب    وزير الشباب والرياضة يستقبل اعضاء فريق مولدية بوسالم    الڨصرين: حجز كمية من المخدرات والإحتفاظ ب 4 أشخاص    قيس سعيّد يتسلّم أوراق اعتماد عبد العزيز محمد عبد الله العيد، سفير البحرين    الحمامات: وفاة شخص في اصطدام سيّارة بدرّاجة ناريّة    التونسي يُبذّر يوميا 12بالمئة من ميزانية غذائه..خبير يوضح    أبرز اهتمامات الصحف التونسية ليوم الخميس 25 أفريل 2024    سفينة حربية يونانية تعترض سبيل طائرتين مسيرتين للحوثيين في البحر الأحمر..#خبر_عاجل    بطولة مدريد للماسترز: اليابانية أوساكا تحقق فوزها الأول على الملاعب الترابية منذ 2022    كاس رابطة ابطال افريقيا (اياب نصف النهائي- صان داونز -الترجي الرياضي) : الترجي على مرمى 90 دقيقة من النهائي    هام/ بشرى سارة للمواطنين..    لا ترميه ... فوائد مدهشة ''لقشور'' البيض    أكثر من نصف سكان العالم معرضون لأمراض ينقلها البعوض    الجزائر: هزة أرضية في تيزي وزو    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    تونس: نحو إدراج تلاقيح جديدة    هوليوود للفيلم العربي : ظافر العابدين يتحصل على جائزتيْن عن فيلمه '' إلى ابني''    في أول مقابلة لها بعد تشخيص إصابتها به: سيلين ديون تتحدث عن مرضها    دراسة تكشف عن خطر يسمم مدينة بيروت    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    خالد الرجبي مؤسس tunisie booking في ذمة الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من أجل مغرب عربي اجتماعي موحد
الذكرى الحادية والعشرون لتأسيس الاتحاد النقابي لعمّال المغرب العربي: إعداد الحبيب الشابي
نشر في الشعب يوم 04 - 12 - 2010

يُحيي شغالوا المغرب العربي الكبير يوم 7 ديسمبر 2010 الذكرى الواحدة والعشرين لتأسيس الاتحاد النقابي لعمّال المغرب العربي وهم بين مرارة واقعات الواقع واحلام واقعات الوعي الجماعي المشترك لمستقبل تبدو فيه الارادة المتماهية مع حركة التاريخ والمجتمع وقادرة على إذابة كتل الثلج التي تغلّف عوائق تجاوز الراهن السياسي والاقتصادي والاجتماعي الاقليمي.
واقعات الواقع في المغرب العربي الكبير تشير إلى عطالة مستفحلة في المؤسسات الرسمية وإلى انحباس الحلول التشريعية على أرض وحّدتها الجغرافيا وجزأها الاستعمار إضافة إلى تراجع مذهل في حجم التبادل التجاري بين بلدان المنطقة لا يتجاوز 2٪.
أما واقعات الوعي الممتدة من إرادة الشغالين وقوى الانتاج منذ سنة ,1989 من ذلك الجيل المناضل في الحركة النقابية والمهووس بقضايا الجماهير والمكتوي بنيران صديقة في أحلام أصحاب العرق المالح «والخبز الحافي».
الشغالون بالفكر والساعد لم تتجاوز أحلامهم المسموح به سياسيا في الممكن المتاح حاليا للنظام الرسمي المغاربي في تبادل عملة موحدة والتنقل دون بوّابات التوحد حول نظام تغطية اجتماعية وتساوي فرص العمل وتبادل الخبرات والمنتوجات وأخيرا رؤية القادة في المغرب العربي جنبا إلى جنب يحوّلون هذا الحلم إلى فضاء حيوي يعزّز أواصر التعاون والأخوة ويدعم القدرات الرمزية والمادية ويعلو بسقف البناء الديمقراطي ويوسع من فضاء التنفس بأوكسيجين الحريّة فالشعوب «المغاربية» التي وحدتها اللغة والجغرافيا والدين، مازالت تنتظر سوقا تحميهم من تفاقم البطالة والتداين والتوريد والهجرة السرية الى الضفاف الشمالية للمتوسط حيث يتم تصدير وحدات التفكك والتجزئة ونشر قيم العزلة والانشطار.
شعوب أو شعب المغرب العربي بقوى انتاجه ومؤسساته العمالية أصبح يحلم عوضا عن الحكومات والدول التي تواجه تحديات في الدّاخل والخارج دون هوادة، وتعزف لحن الجماهير الكادحة على إيقاعات زمن الحروب والتدمير والأزمات الاقتصادية والمالية المتتالية.
زمن لا تقدر أن تهجر فيه الحكومات شعوبها أو هو زمن لا تقدر الشعوب كلّها أنّ «تحرق» دفعة واحدة فلا شعب دون دولة تعزّز شعوره بالانتماء وتحرص على حماية كرامته البشرية ولا دولة بلا شعب يحْيى ويموت في أرض مقبلة على تحويل المقابر إلى جنائن والبحار إلى ندى والفضاء إلى عزّة تنشد «نموت نموت ويحيى الوطن»، وهل يمكن ان يحيى الوطن وحيدا يتيما بلا شعب؟!
٭ الذكرى الواحدة والعشرون
من أجل مغرب اجتماعي موحد
تمرّ يوم 7 ديسمبر الجاري 21 سنة على تأسيس الاتحاد النقابي لعمّال المغرب العربي، هذا الهيكل الذي بدأ عُودُهُ يشتد رغم تعثر المسيرة المغاربية وسينعكس هذا على مختلف الهياكل المغاربية والقوى التي تناضل على اختلاف مواقعها من أجل لمّ الشمل وتوحيد الصف والكلمة، ويبدو أن جيل التأسيس والبناء بات في حاجة إلى حمل المشعل بعد تسليمه للأجيال الصاعدة التي بدأت أحلامها تضيق وإرادتها تفتر وشغلها يتراجع ووعيها ينكمش.
إنّ الاتحاد النقابي المغاربي لم يولد بقرار فوقي ولا هو إفراز لملابسات ظرفية أملتها المرحلة، بل هو ثمرة نضالات طويلة خاضها جيل الرواد الذين آمنوا مبكّرا بوحدة المصير وترابط الشغالين في كل الأقطار المغاربية، فتجنّدت القوى العمالية من أجل الحرية والكرامة متحدّية الاستعمار وجبروته، تائقة إلى العدل والحرية.
I ظروف النشأة ومراحل التأسيس
1) الوعي الجنيني وبدايات الوحدة:
كان الشهيد فرحات حشاد أبرز المؤثرين من جيل الرواد في ذاك الحراك النقابي حيث دعا مبكرا إلى تأسيس كنفدرالية عمالية توحد عمال أقطار المغرب العربي ضد الاستعمار وتوجّه النضالات الوطنية اتّجاهًا يخدم المصالح الوطنية بما فيها مصالح الشغالين إذ بادر في منتصف الأربعينات بالاتصال بالزعماء النقابيين والوطنيين المغاربة وبطلبة شمال افريقيا بفرنسا وبذل جهدا كبيرا لبعث جبهة نقابية تهدف إلى توحيد العمل النقابي المشترك ضد الاستعمار وتوجيه النضالات الوطنية نحو التحرر والانعتاق والوحدة. لقد ناقشت الوفود المغاربية التي حضرت فعاليات المؤتمر الوطني الرابع للاتحاد العام التونسي للشغل سنة 1951 فكرة تكوين منظمات نقابية وطنية مستقلة بكامل الأقطار المغاربية وبعث الاتحاد النقابي لشمال افريقيا وفي هذا الإطار تمّت دعوة وفد من ليبيا من قبل الاتحاد العام التونسي للشغل وحث أعضاءه على معالجة قضاياهم الاجتماعية مما كان له الأثر لاحقا حيث تم تكوين اتحاد نقابات العمال الليبيين.
إن هذا التضامن بين الشغالين أربك سلطات الاستعمار خاصة عندما اندلعت تلك المظاهرات الحاشدة في الدار البيضاء على إثر اغتيال حشاد يوم 5 ديسمبر ,1952 وسقط عديد الشهداء في تلك المواجهات مع قوات الجندرمة الفرنسية، وقد كان لدمائهم في تلك الحوادث دلالات خالدة لبدايات توحد القوى العماليّة في مختلف أقطارنا.
ثم كانت لقاءات طنجة التاريخية وقد بدأت باجتماع قادة المنظمات النقابية المغاربية أيام 21 ,20 و22 أكتوبر 1957 من أجل بلورة خطة مشتركة لتصفية مخلفات الاستعمار في كل من تونس والمغرب، وكانت الجزائر لا تزال ترزح تحت نير الاستعمار الفرنسي. وحضر ذلك اللقاء نقابيون من تونس والجزائر والمغرب وليبيا، وتمت صياغة وثيقة بتاريخ 23 أكتوبر 1957 تعتبر من النصوص التأسيسية، بعدها بعام اجتمعت الأحزاب السياسية المغاربية (تونس الجزائر والمغرب) بطنجة لتشكل حلقة حاسمة وفاعلة في مسار التضامن والاندماج التي عرفتها حركات التحرر الوطني.
كما تجسدت وحدة النضال مرة أخرى عند اختطاف زعماء جبهة التحرير الجزائرية الذين كانوا على متن طائرة في طريق عودتهم إلى تونس مقر الحكومة الجزائرية المؤقتة، إذ أجّجت حادثة الاختطاف مشاعر السخط التي عبّرت عنها تلك التحركات المكثفة عند انعقاد المؤتمر النقابي الافريقي بمشاركة الاتحاد المغربي للشغل والاتحاد العام التونسي للشغل واتحاد عمال ليبيا.
وفي بدايات الستينات احتضنت مدينة صفاقس اجتماعا تنسيقيا يوم 6 أوت 1961 انتهى بتشكيل لجنة اتصال تكوّنت من الاخوة المحجوب بن الصديق والهاشمي البناني من المغرب وعبد القادر معاشو ومحمد سناف من الجزائر وأحمد التليلي والحبيب عاشور من تونس، وذلك لمواصلة الكفاح من أجل تحرير كامل المنطقة المغاربية واخلائها من القواعد العسكرية.
ثم انعقدت اجتماعات يومي 28 و29 جويلية 1969 بدعوة من الاتحاد العام التونسي للشغل وبمشاركة المنظمات النقابية في كل من المغرب وليبيا والجزائر وذلك لضبط خطة مشتركة لتشييد صرح المغرب العربي، وتمّ الاتفاق على جدول أعمال وضبط روزنامة اجتماعات دورية تعقد في شهر جويلية من كل سنة تباعا في أحد الاقطارالمغاربية.
ولكن ذلك لم يتمّ إلاّ بعد الاجتماع المنعقد يومي 27 و28 فيفري 1975 بالدار البيضاء بمشاركة الإخوة الحبيب عاشور من تونس وعبد القادر بنيقوس من الجزائر والمحجوب بن الصديق من المغرب والشيخ ماء العينين من موريتانيا علما بأن اتحاد عمال موريتانيا حضر لأول مرة مثل تلك اللقاءات المغاربية، وتمّ في ذلك الاجتماع تقييم حصيلة نشاطات لجنة التنسيق النقابي منذ تكوينها في طنجة سنة 1957 والاتفاق على إعادة تنشيطها مع تأكيد توسيع مجالات تحرّك القوى النقابية بالمنطقة إلى الحياة السياسية والتنموية اقتصاديا واجتماعيا وتنظيم ندوتين الأولى بالجزائر والثانية بتونس.
ثم كان لقاء الجزائر يومي 1 و2 سبتمبر 1975 وقد جمع المنظمات النقابية بكل من تونس والمغرب وموريتانيا والجزائر.
واحتضنت مدينة صفاقس لاحقا يوم 4 أوت 1977 اجتماع لجنة التنسيق النقابي المغاربي بحضور الأمناء العامين لاتحاد العمال الموريتانيين (الشيخ ماء العينين ومحمد عبد الرحيم ولد الحنشي) والاتحاد المغربي للشغل (المحجوب بن الصديق وحسن البزوي) والاتحاد العام للعمال الجزائريين (عبد القادر بنيقوس والحسن بن عيسى) والاتحاد العام التونسي للشغل (الحبيب عاشور والصادق بسباس ) والاتحاد العام لعمال الجماهيرية (حميد أبو بكر جلود وعبد الله محمد البصال).
وانعقد بعد ذلك لقاء أميلكار بحضور ممثلين عن كل الاتحادات النقابية وذلك يومي 5 و6 سبتمبر .1982
ثم اجتمعت اللجنة النقابية لبلدان المغرب العربي في الثاني عشر من ماي 1984 بدار الشعب ساحة غرة ماي بالجزائر.
وانعقد لقاء يومي 28 و29 أوت 1989 بتونس بحضور ممثلين عن المنظمات النقابية بكل من تونس والجزائر والمغرب وليبيا.
وتم إثر ذلك الإعلان عن ميلاد اتحاد نقابي يضم الاتحادات النقابية للشغالين وقد تعذر على الوفد الموريتاني آنذاك الحضور.
وتم تكوين لجنة تحضيرية تضم ممثلا عن كل اتحاد قطري لإعداد مشروع قانون أساسي ونظام داخلي ومشروع بيان يحدد توجهات الاتحاد وتعرض جميعها على المؤتمر التأسيسي.
2) المؤتمر التأسيسي:
انعقد المؤتمر التأسيسي بالدار البيضاء يومي 6 و7 ديسمبر ,1989 ولذلك التاريخ بالذات معان ودلالات ذات بعد تاريخي إذ يصادف إحياء الطبقة العاملة بالمغرب العربي ذكرى استشهاد فرحات حشاد أكبر دعاة الوحدة النقابية المغاربية إذ كانت هذه المدينة المناضلة قد شهدت انتفاضة شعبية يوم 8 ديسمبر 1952 تنديدا بعملية الاغتيال ومطالبة بالتحرّر والانعتاق وقد سقط العديد من العمّال خلال هذه الأحداث الأليمة.
II المكاسب والإنجازات الحاصلة
إنّ الاتحاد النقابي لعمّال المغرب العربي لم يأت نتيجة قرارات فوقية مثلما ذكرنا آنفا بل هو نتاج طبيعي لإرث نضالي مشترك وحراك نقابي موصول مازالت تعيشه الساحة العمّالية المغاربية على امتداد تاريخها الطويل.
لقد شكّل الاتحاد على امتداد العقدين الماضيين أداة نضالية متميّزة من أجل تحقيق حلم بناء المغرب العربي الكبير. وناضل النقابيون داخل منظماتهم ضمن أطر اتحادهم المغاربي من أجل تجاوز العراقيل والتحدّيات التي تواجه هذا المشروع الحضاري... وسوف يحفظ التاريخ لهذا الاتحاد أنّه بالرغم من محدوديّة الامكانيات وبالرغم من المصاعب استطاع أن يبقى فاعلا ومؤثّرا في مجريات الأحداث من خلال المواقف التي ما انفك يعبّر عنها في كلّ المناسبات والمحافل الإقليمية والدولية ومن خلال الإنجازات الكثيرة التي تحقّقت والتي تؤكد جميعها على الحيوية التي تميّز الحركة الثقافية المغاربية ومدى تمسّكها ببناء اتحاد المغرب العربي.
ولئن ناضلت الحركة العمّالية طيلة العشرينية الماضية في ظروف صعبة وجدّ معقّدة.. فإنّ المسيرة المغاربية ظلّت للأسف تراوح مكانها، فنشاط الأمانة العامة لاتحاد المغرب العربي يكاد يكون منعدما، والعلاقات بين بعض الأقطار تتميّز بالفتور والجفاء إضافةً إلى تسارع الأحداث ودخول بلدان المنطقة مشتتة في اتفاقيات شراكة مع العملاق الأوروبي الموحّد.
وبرغم خيبة الأمل التي شهدها اتحاد المغرب العربي فقد واصلنا نحن النقابيين ما بدأناه في الدار البيضاء في شهر ديسمبر 1989 تاريخ انعقاد المؤتمر التأسيسي للاتحاد النقابي لعمّال المغرب العربي والذي أدّى إلى صياغة هويّة نقابية مغاربية فرضت نفسها على الساحتين الإقليمية والدولية وأصبح اتحادنا طرفا لا يمكن تجاهل دوره إقليميا ودوليا ممّا جلب له تقدير واحترام الهيئات والمؤسسات الدولية فاكتسب صفة ملاحظ في منظمتي العمل العربية والدولية وهو أحد مؤسسي المنتدى النقابي الأورومتوسطي.
كما تمّت صياغة ميثاق اجتماعي مغاربي موحّد كانت قدْ أعلنت ميلادَه النقابات الوطنية الخمسة لاتحاد عمّال المغرب العربي في غرّة ماي 1991 دفاعا عن الحقوق الأساسية للعمّال المغاربيين وتجسيما لعلاقات الاتحاد مع المؤسسات المدنية والجمعيات الحقوقية من أجل تطوير وتفعيل مكونات المجتمع المدني المغاربي باعتباره إحدى الآليات المهمّة في الوحدة والبناء.
كما وقعت بلورة مرجعية نقابية مغاربية من خلال إنجاز عديد الندوات المشتركة التي صارت تنتظم بالتداول بين الأقطار المغاربية.
وتشكلت لجنة المرأة العاملة المغاربية سنة 1995 وقامت بالعديد من الأنشطة في مجال المرأة المغاربية من أجل تفعيل دورها والارتقاء بوضعها الاجتماعي والمهني.
وأحدثت لجنة مغاربية للشباب العامل سنة 2006 سعت إلى ربط الصلات بين كافة فئات الشباب بالمنطقة المغاربية وقامت بالعديد من الملتقيات والندوات وقد أنهت مؤخرا إنجاز فعاليات الجامعة النقابية المغاربية الرابعة.
ولعلّ أهم حدث عاشته الحركة النقابية المغاربية على مدى العقدين الماضيين يتمثّل في مشاركة الاتحاد النقابي لعمّال المغرب العربي لأول مرّة في اجتماع ملجس وزراء خارجية الدول المغاربية المنعقد في جويلية 2006 بالجزائر بما يعدّ اعترافا صريحا من قبل الحكومات المغاربية بالاتحاد النقابي المغاربي ممثّلاً للطبقة العاملة المغاربية وشريكًا اجتماعيًّا في مسار الاندماج .
ويصدر الاتحاد مجلّته «أحداث ومواقف» بصفة دورية ممّا ساهم في نشر ثقافة نقابية مغاربية وعزّز مكانة الاتحاد فكانت المجلة بحقّ لسان حال المنظمة وصوت الحركة العمّالية لسان حال المنظمة وصوت الحركة العمّالية المغاربية في الداخل والخارج كما وقع إحداث مكتبة نقابية مغاربية تمثّل نواة لانشاء مركز مغاربي للتوثيق والدراسات.
كما تمّ بعث ثمانية اتحادات مهنية مغاربيةشملت قطاعات: النسيج والبناء والنقل والتكوين المهني والبريد والاتصالات والشباب والرياضة والطباعة والإعلام والثقافة وتحوّلت فيما بعد إلى تنسيقات مغاربية قطاعية.
كما انجز الاتحاد دراسات استشرافية وقطاعية وقام بتنظيم عديد الندوات حول مستقبل التنمية بالمنطقة المغاربية ومجالات الاندماج والتكامل بين أقطارنا.
وقد أثمرت علاقاته الدولية نتائج دالة حيث متّن الاتحاد صلاته بالنقابات الدولية وأرسى علاقات تعاون في مجال التكوين مع النقابات الأمريكية والنرويجية والكندية والاسبانية ومنظمتي العمل العربية والدولية في مجالات الهجرة والمفاوضة الجماعية وملاءمة أنظمة الحماية الاجتماعية كما قام بدور مهمّ وبمساهمة نشيطة في التحاق الاتحاد العام للعمّال الجزائريين بالسيزل سابقا والتي تسمّى حاليا CSI. كما اضطلع الاتحاد بدور فعّال في الدفاع عن الديمقراطية والحريات العامة وحقوق الانسان والأقطار المغاربية وشكّل حصنا منيعا ضدّ التطرّف والإرهاب ودفع الثمن غاليا لإعلاء صوت قيم الحداثة والتسامح والحرية من خلال استشهاد أحد أبنائه البررة ورئيسه السابق المناضل المغاربي الكبير الشهيد عبد الحق بن حمودة.
ورغم فشل المسار على المستوى الرسمي فإنّ ذلك زادنا إصرارا على مواصلة هذه المسيرة النقابية الموحّدة بما يسمح بالجزم أنّ الوحدة المغاربية ممكنة ضرورية ومتأكدة.
وقد نجحنا في تذليل عديد الصعوبات، فالأشقاء الجزائريون والمغاربة وغيرهم من الأشقاء المغاربيين مازالوا مثابرين على الالتقاء والاجتماع وحريصين على توحيد كلمتهم داخل البيت النقابي المغاربي في كنف الوفاق والمودّة رغم كلّ الخلافات.
كما لا يفوتنا أن نسجّل المواقف الثابتة والمبدئية التي ما انفك الاتحاد يعبّر عنها في كلّ المنابر والمناسبات حيث انبرى مدافعا صلبا من أجل كسر الحصار الظالم على ليبيا وناهض بقوّة الحرب العدوانية على العراق وظلّ مساندا لقضية العرب الأولى القضية الفلسطينية حتّى اليوم.
والاتحاد النقابي لعمّال المغرب العربي مازال يواصل مهامه ويستعدّ لتنظيم مؤتمره الاقليمي الخامس في سنة 2010 الذي نعمل جاهدين على جعله تظاهرة فعّالة للمطالبة بإننقاذ اتحاد المغرب العربي وتفعيل دوره تحقيقا لحلم الوحدة والديمقراطية والازدهار.
٭ الأخ عبد المجيد الصحراوي الأمين العام المساعد بالاتحاد النقابي لعمال المغرب العربي بين المستحيل والأمل تأتي إرادة الشغالين
إن شعوب منطقة المغرب العربي تواجه اليوم وبعد مرور 21 سنة على تأسيس اتحاد دول المغرب العربي لحظة تاريخية صعبة مازالت تراهن على وجود مؤسسات مغاربة فاعلة تكون الاطار الامثل لتطوير مسار الاندماج المغاربي على غرار المجلس الاقتصادي والاجتماعي المغاربي، والبرلمان المغاربي، وغيرها من الهيئات والمؤسسات، التي يفترض ان تستوعب الطاقات والقوى الحية بأقطارنا للاسراع بإنجاز اهداف معاهدة مراكش.
ان بناء اتحاد المغرب العربي يمثل أولوية ملحة للحكومات والاحزاب والنقابات ومختلف مكونات المجتمع المدني بوصفه خيارا استراتيجيا لبناء منطقتنا وتلبية تطلعات شعوبنا الى الحرية، والعدالة، والرفاه، والاندماج الاقليمي وهو ما يتطلب توحيد المواقف والاستراتيجيات بين دول المنطقة لمواجهة المتغيرات السياسية والاقتصادية الاقليمية والدولية ومختلف الشراكات المطروحة على المنطقة وخاصة اتفاقيات الشراكة مع الاتحاد الاوروبي حتى يكون صوتنا موحدا في مواجهة التكتلات الكبرى، وأنتم تعلمون أن تكلفة تأخر البناء المغاربي اي «اللامغرب» اقتصاديا واجتماعيا تتمثل على المستوى الاقتصادي في ضعف المبادلات التجارية وضعف الاستثمارات التي تؤدي الى ضياع مئات الآلاف من مواطن الشغل.
لقد أصبح البناء المغاربي من الاهداف الحيوية لازدهار شعوب المنطقة، وهو ما يحتم على جميع مكونات المجتمع المدني بأقطارنا اخذ المبادرة فغي هذا المجال وذلك ببعث مؤسسات مغاربية غير حكومية تنفذ برامج مغاربية في نطاق شراكة متواصلة بين هذه المؤسسات، فالمجتمع المدني يتضمن النقابات العمالية والجمعيات المهنية والثقافية الرياضية والاحزاب السياسية وجمعيات حقوق الانسان وجميع شرائح المجتمع واذا تكاثف عمل هذه المكونات وازداد نشاطها اصبح من الممكن بعث فضاءات مغاربية في جميع المجالات بما يجعل الحكومات مضطرة إلى تقنين هذه الفضاءات، والاعتراف بدورها خصوصا اذا اصبح العمل المغاربي واقعا يعيشه المواطن المغاربي وجزءا من حياته اليومية.
كما ينبغي تدعيم التنسيق مع مختلف مكونات المجتمع المدني من اجل تعزيز التحولات الديمقراطية والدفاع عن الحريات النقابية والمدنية واحترام حقوق الانسان وهو ما يستوجب تعزيز نقاط الالتقاء بين الاطراف المدنية لدفع الحوار الاجتماعي والمدني والسياسي وتعزيز قدرة مكونات المجتمع المدني على التأثير في مجمل مسارات التعاون بين مختلف مكونات الفضاء المغاربي. وفي هذا النطاق تم بعث منتدى اجتماعي مغاربي لتعميق الصلة بين مكونات المجتمع المدني دفاعا عن قيم الحداثة والرقي الاجتماعي.
لقد أثبتت التجارب المريرة التي شهدتها المنطقة ان الاصلاحات الاقتصادية لا يمكن ان تحقق النتائج المرجوة منها او الصمود امام الضغوطات الخارجية والمصاعب الداخلية الا اذا اقترنت بالاصلاحات السياسية التي تقطع مع الانفراد بالرأي وقمع الحريات وتتيح المجال امام حرية التعبير وبناء المؤسسات الديمقراطية التي تُيسّر المشاركة الشعبية وتحمي اقطارنا سواء من التدخل الاجنبي في شؤونها او من مخاطر التطرف والعنف والفوضى الاجتماعية.
وبهذه المناسبة أدعو الى الاسراع بعقد القمة المغاربية خلال سنة ,2010 بما يتيح تفعيل المؤسسات الاتحادية، وضمان حرية تنقل العمال والمواطنين المغاربة، وإزالة الحواجز الجمركيّة في وجه السلع، ورؤوس الاموال ووضع آليات لإقامة المشاريع المشتركة في اطار سوق مغربية موسعة تكون قادرة على استيعاب ما يسببه الثقل الديمغرافي من ضغط على سوق الشغل. واستفحال البطالة، وفتح آفاق واعدة للشباب تقيه ويلات الهجرة السرية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.