هل يتخلص الاتحاد المغاربي من جمود السنوات الماضية وتعود إليه الحياة كتجمّع اقتصادي وسياسي في مواجهة التجمعات الاقليمية والدولية المحيطة به والمجاورة له وفي زمن انتهى فيه دور الدول القطرية مهما ارتفعت مواردها الطبيعية او البشرية؟ عودة حراك الاتحاد المغاربي أشّرت اليها الدعوة الى عقد مؤتمر لوزراء خارجيته قبل نهاية الشهر القادم، أي بعد أيام من الاحتفال بالذكرى الثالثة والعشرين لقيامه، وغذتها الدعوة الصريحة للرئيس المرزوقي الى إحيائه خلال زيارته الى ليبيا التي كانت فاتحة جولاته لأقطار المغرب العربي الكبير. والأكيد أن الثورتين في تونس وفي ليبيا، اللتين أطاحتا بالنظامين الفاسدين، وأيضا الاصلاح السياسي في المغرب وانتخاب حكومة جديدة، وبدرجة التطوّرات الأخيرة الحاصلة في موريتانيا، دفعت الى التسريع بإحياء الاتحاد وانعاشه وتخليصه من المعوقات التي لازمته ومن القيادات المستبدة التي حكمته ولم تهتم الا بتنفيذ أجندات خاصة وتناست هموم شعوبها وانتظاراتهم. إن كلفة اللامغرب، وحسب تقديرات الخبراء الاقتصاديين تعادل 1٪ من النمو سنويا لكل قطر من الأقطار الخمسة، وهو ما يعني آلاف ملايين الدنانير الضائعة سنويا كان يمكن توجيهها الى معالجة العلل الاقتصادية والاجتماعية التي تعاني منها الدول الخمس وفي طليعتها البطالة والفقر والأمية التعليمية والتكنولوجية. وفي الحقيقة فإن إعادة الروح الى الهيكل المغاربي لا يمكن أن يتأتى من القيادات السياسية بمفردها، بل يجب أن يكون نتاج ضغط شعبي من مختلف مكوّنات المجتمع المدني وأساسا رجال المال والأعمال الذين يسعون الى الربح من خلال الاستفادة من فرص العمل والاستثمار في سوق كبيرة ومفتوحة توفّر تكاملا وتتطلب وجود مناخ من الاستقرار السياسي والاجتماعي وتشريعات تحفيزية ويسرا في التحرّك والتنقل الحرّ داخل الفضاء المغاربي. هذه المتطلبات تبدو مفقودة اليوم في ظل وجود المعابر والبوّابات الحدودية بين كل الأقطار المغاربية اضافة الى غلق الحدود بين الجزائر والمغرب وفرض التأشيرة على الشعبين منذ 17 عاما تقريبا كانعكاس للخلاف القائم بينهما حول ملف الصحراء الغربية. الأمل مازال قائما خاصة أن القيادات الجديدة في المنطقة متحمّسة للهدف الشعبي ومتطلعة الى تحقيقه تنفيذا لقناعات قديمة ثابتة وأيضا لرغبات في تنفيذ تطلعات شعوبها وتجنب احتجاجاتها وضغوطها.