تفرغت المئات من الصفحات التونسية منذ أول أمس للهجوم على الواعظ وجدي غنيم الذي يقدم عدة محاضرات دينية في تونس، اختزلها خصومه الكثيرون في صورة الرجل الداعي إلى ختان البنات وتهديد حقوق المرأة. منذ عدة أيام، بدأ ناشطون من اليسار والمجتمع المدني عموما وخصيصا من النساء في شن حملة مسبقة على وجدي غنيم الذي يتهمونه بأنه من دعاة ختان البنات، وهذه وحدها كانت موضوع عشرات المقالات ومقاطع الفيديو التي جمعها نشطاء المجتمع المدني للهجوم عليه والدعوة إلى منعه من زيارة تونس، بلد مجلة الأحوال الشخصية وحقوق المرأة. وعثر هؤلاء الناشطون على تصريحات وتسجيلات فيديو لهذا الواعظ قاموا بنشرها على نطاق واسع في الصفحات التونسية. وثمة شيء يمكن أن نلاحظه في هذا الهجوم هو انضمام العديد من الناشطين المقربين من النهضة إليه خصوصا عندما يتعلق الأمر بختان البنات وهي مسألة تواجه رفضا مبدئيا قويا لدى الأغلبية المطلقة من التونسيين واستنكارا حتى من المتدينين، حيث قرأنا في صفحة ناشط حقوقي قريب جدا من النهضة تعليقا على هذه المسألة: «ختان النساء عادة وثنية وجاهلية». في المقابل، كان أنصار وجدي غنيم في الصفحات التونسية أقلية، وحاول أغلبهم أن يتجاهل مسألة ختان البنات أو ينفيها، مع التركيز على مواقفه الدينية المعروفة في الأخلاق وفوائد الأخلاق الإسلامية بصفتها الحل للأزمات التي تمر بها المجتمعات العربية بالإضافة إلى مواقفه الرافضة لما يسميه العري والتفسخ وغير ذلك مما يجد القبول لدى الإسلاميين. ونشر أنصار الشيخ الواعظ صورا عن اكتظاظ قاعة القبة بصفته دليلا على أهمية الرجل وأهمية الخطاب الذي يروج له. ولا يجد خصومه خصوصا من اليسار صعوبة في توفير الحجج لمهاجمته واستنكار وجوده في تونس أصلا، تكتب ناشطة حقوقية من اليسار في صفحتها: «زيارة طهّار النساء تكلّفت علي تونس 20 ألف دينار دون احتساب مصاريف الإقامة، ألم يكن أهالي عين دراهم البؤساء أولي بهذا المال». وتكتب ناشطة معروفة وهي فنانة مسرحية في صفحتها: «أنا لا أستغرب إقبال بعض الرجال على سماعه، بل ذهاب بعض النساء، أريد أن أسألهن: من فيكن تقبل بختان ابنتها ؟». ينشر حقوقيون مواقف منسوبة إلى هذا الواعظ يعتبر فيها الديموقراطية كفرا، ومواقف أخرى كثيرة جعلته متهما بالإرهاب في عدة دول من العالم، بالإضافة إلى التهم التقليدية مثل الترويج للمذهب الوهابي والسلفية الصارمة التي تصل إلى التعارض مع قيم المجتمع المدني. كما ينشر ناشطون معروفون بالرصانة مقالات عن هذا الواعظ مثلما كتب محام شاب في صفحته: «استمعت لأوّل مرّة للدّاعية وجدي غنيم في مقطع طويل علي الفايسبوك ممّا يدعونه درس القبة في تونس، انطباعي الأوّل أنّه إنسان مسكين، يدافع عن خطاب مأزوم، منتهي الصلاحية التاريخية، مغترب عن عصره، تلك مأساته ومأساة جمهوره. وإذا كان خطاب هذا الدّاعية هو ما يفكّر فيه أنصار النهضة، فالأكيد أنّنا لسنا أمام ازدواجية في الخطاب كما يقال بل أمام جنون الخطاب وهذيانه». وعلى غرار هذا التعليق، سريعا ما يتحول النقاش إلى الهجوم على النهضة التي لم تعبر عن موقف رسمي من زيارة هذا الواعظ ولا من مواقفه المعلنة بخصوص النساء وختانهن وحقوق المرأة والحريات العامة وغيرها.