عقدت الجمعية التونسية للصحة والبيئة اجتماعا دعت إليه الجمعيات والمؤسسات الصناعية إضافة إلى ممثلين عن الوكالة الوطنية للتصرف في النفايات كما ساهم الدكتور سمير المؤدب بمداخلة حول مساهمة الجمعيات في مفهوم بناء التنمية المستدامة. جمعية الصحة والبيئة هي جمعية علمية تكونت يوم 30 جويلية 2011 وتضم مجموعة من الاطارات والأطباء والمهندسين والكفاءات إيمانا منهم بضرورة العمل على ترسيخ الفكر والسلوك الصحي والبيئي لدى جميع مكونات المجتمع من مواطنين ومؤسسات وفقا لرؤية توافقية تحافظ على مصالح كل طرف متدخل وفي نطاق توجهات تراعي جميع الجوانب الاقتصادية البيئية والصحية والاجتماعية. في هذا اللقاء تم استدعاء أكثر من عشرة مؤسسات صناعية بمنزل بورقيبة لكن لم يحضر منها سوى شركة الفولاذ كما تم الاتصال بشركات نقل النفايات بالجهة المرخص لها من طرف وكالة حماية البيئة ولم يحضر منها احد. في بداية اللقاء الذي كان فيه حضور الضيوف والجمعيات متوسطا رحب رئيس الجمعية التونسية للصحة والبيئة بدر الدين جمعة بالحضور وقدم لمحة حول الوضع البيئي بمدينة منزل بورقيبة ثم أحال الكلمة إلى أحلام القبطني التي تطرقت إلى الاخلالات البيئية التي تعيشها منزل بورقيبة على عدة أصعدة صناعية وفلاحية وأنهت بالقول أن التحسيس بهاته الاخلالات يتدرج من الحل السلمي ليصل إلى رفع الأمر إلى القضاء . وفي بداية مداخلته أكد الدكتور سمير المؤدب أن الجمعيات قبل 14 جانفي كانت ديكورية ولم يكن بوسعها التطرق إلى موضوع الصحة والبيئة وحتى الدراسات فقد كان من الصعب الحصول عليها. وسابقا كان القرار منحصرا عند الإدارة عند تركيز مشروع دون النظر إلى الانعكاسات البيئية والمواطن يكتشف المشروع ويخضع إلى القرار ولا يحرك ساكنا. أما اليوم فان المواطن من حقه تقرير مصيره ضمن جمعيات وهو ما يعطي حجما للمجتمع المدني الذي له خاصيات كبيرة منها تواجده على الميدان وتأثره مباشرة بالموضوع وبالتالي تكون الإشكاليات التي يطرحها نابعة من صميمه. وبالتالي أصبح بإمكان المواطن في ظل الجمعيات أن يقف وجها لوجه أمام الإدارة ويدخل معها في صراع من أجل توجيه القرار نحو الأفضل. ولكي تكون كلمة المجتمع المدني مسموعة يجب أن يرتقي أداء الجمعيات إلى مستوى معين من الحرفية والمعرفة. مخاطر تهدد البيئة التنمية يجب أن تتماشى مع الثقافة فمثلا يلاحظ أن طريقة بناء المنازل اصبحت تتشابه من شمال البلاد إلى جنوبها (من حيث الشكل ومن حيث المواد المستعملة) وهذا غير مقبول لأن طريقة بناء منزل في عين دراهم ومنزل بورقيبة يجب أن تختلف عن نظيرتها بقبلي بسبب العوامل المناخية وخصوصيات كل جهة ولكن هذا لن يتغير بين عشية وضحاها بسبب تشبث رؤوس الأموال أصحاب شركات الاسمنت والآجر بأرباحهم الطائلة التي يجنونها. فترى مواد البناء تتنقل مئات الكيلومترات من الشمال إلى الجنوب دون أدنى اعتبار للجانب البيئي. من ناحية أخرى يقول الدكتور المؤدب أن الخوف كل الخوف أن يفرح الناس بالمشاريع الإقتصادية للقضاء على البطالة لكن على حساب البيئة وعلى حساب صحة المواطن ويضيف أن الظرف الذي تعيشه تونس حاليا يذكره بما وقع في أواخر الستينات عندما تم إنشاء مصانع دون إعطاء أدنى إعتبار للجانب البيئي. ومن التأثيرات الحقيقية للتلوث البيئي على الصحة قال الدكتور سمير المؤدب أن التونسيين لا يعطون هذا الموضوع حق قدره وخاصة فيما يتعلق بالمواد الغذائية فمن يعرف ماهي نوعية الأغذية التي يقدمها الفلاح للخروف؟ أو بماذا تتغذى الدجاجة؟؟ كما أن الأغذية الكيميائية التي تبدو في الظاهر أثمانها زهيدة يمكن أن تتكلف غاليا على المواطن إذا ما أثرت سلبا على صحته واستدعى الأمر للجوء إلى زيارة الطبيب وتناول الأدوية وما يمكن الإشارة إليه أن بعض المواد المستعملة في تونس ممنوعة في بقية دول العالم نظرا لمضارها الصحية. هذه هي الحلول وللقطع مع نقائص العهد الماضي يقول الدكتور المؤدب أنه لا بد للمجتمع المدني (جمعيات) من تطوير وسائله من ذلك توحد الجمعيات في شبكة واحدة مثلما هو معمول به في الدول المتقدمة أين تجد ما يناهز الخمسين جمعية باتصال دائم حيث يتم تبادل المعارف والمعلومات والمقترحات كما يجب تشريك المواطن في ما يخص تنمية جهته حتى لا ينتقم لتغييبه مثلما فعل إبان الثورة إضافة إلى ضرورة تسجيل الحق البيئي في الدستور وتقديم بدائل لأنماط التنمية المتعددة وأنهى المؤدب بالقول أن الجمعيات مطالبة بأن تتموقع بين المواطنين والإدارة حتى تكون وسيطا بينهما. أما سفيان الجربي (ممثل الوكالة الوطنية للتصرف في النفايات) فأوضح أن مركز التحويل بمنزل بورقيبة استقبل في ثلاث سنوات 55.230 طن باعتبار 50 طنا يوميا النفايات من منزل بورقيبة و12 طنا من تينجة. وشدد الجربي على أهمية إيجاد مشاريع للقضاء على البطالة مع ضرورة المحافظة على أهمية صحة المواطن قبل أن ينهي بالتأكيد على دور المجتمع المدني في التنمية المستدامة. وعن طبيعة العمل الذي تقوم به الوكالة حاليا قال الطواهري أن منظومة المراقبة حاليا غير مفعلة للأسباب التي يعلمها الجميع وعن طريقة تعاطي الوكالة مع المخالفات البيئية حين وجودها قال أن دور الوكالة ليس زجريا ويتوقف عند التحسيس فقط. وفي إجابة عن سؤال وجهته إحدى المتدخلات للطواهري حول النفايات الطبية لمستشفى منزل بورقيبة إن كان مآلها المركز الجهوي لتجميع النفايات ببنزرت (ببوزاريا) أجاب الطواهري بأن ذلك غير صحيح وأن النفايات المتأتية من مستشفى منزل بورقيبة هي نفايات مطعم المستشفى ولا دخل للنفايات الطبية فيها. حينها أضاف متدخل آخر وهل تعلمون أين تلقى النفايات الطبية لمستشفى منزل بورقيبة فأجاب الطواهري بأن لا علم له.