استنكرت الصفحات التونسية أعمال الشغب والعنف التي شهدتها مدينة ماطر يوم الأربعاء والتي اختلط فيها التظاهر والاحتجاج بالأعمال الإجرامية والتخريب، كما تحدث ناشطون على الموقع عن مخاوف أهل المدينة من فقدان المصنع الذي يوفر قرابة 3 آلاف موقع عمل مباشر. شهدت العديد من الصفحات التونسية يوم أمس متابعة جيدة لتطورات الوضع في مدنية ماطر، وتم نشر صور عديدة ومقاطع فيديو مطولة عن الحضور الأمني الكثيف لفتح الطرقات وحماية الممتلكات وعن حضور ممثل النيابة العمومية لتحذير الناس من مغبة مخالفة القانون. يكتب ناشطون من مدينة ماطر إن الوضع انفرج قليلا وأن العمال الذين خرجوا للتظاهر قد عادوا إلى بيوتهم، فيما استمر أشخاص آخرون يرجح أنهم لا علاقة لهم بالمصنع أصلا في التظاهر وإغلاق الطرقات ومواجهة أعوان الأمن. فيما بعد، تم نشر معلومات كثيرة عن إيقاف أكثر من اثني عشر شخصا يتهمهم أعوان الأمن بالتورط في أعمال إجرامية وإحالتهم إلى القضاء. يكتب ناشط شاب من الجهة: «ماطر تشتعل سيدي الرئيس»، تعبيرا عن حزنه لانتشار العنف والغاز والرمي بالحجارة حتى أنه وعدد من أصدقائه لم يقدروا على مغادرة بيوتهم. كتب ناشط تونسي أصيل مدينة ماطر ومقيم بالمهجر: «رجاء نريد أن نعرف أسباب هذه المظاهرات»، لكنه لم يتلق جوابا شافيا، وأغلب الأجوبة تعتقد أن المشكلة بين عمال المصنع وإدارته قد وجدت منذ أيام طريقها إلى الحل، لكن أطرافا أخرى في الجهة أعادت الوضع إلى ما هو عليه، وعطلت العمل، فسادت الفوضى من جديد وتحولت إلى الطريق العام ثم حدثت أعمال شغب وإجرام حقيقي لا علاقة لها بالمطالب النقابية. وجدنا معلومات متناثرة في بعض الصفحات تقول إن المشكل قد اندلع بسبب التحقيق مع الكاتب العام للنقابة الأساسية لاتحاد عمال تونس لاتهامه بالتورط في تعطيل العمل بالمصنع، لكن دون تفاصيل حقيقية وواضحة. يكتب ناشط شاب من المدينة في صفحة تحمل اسم «ماطر»: أهالي ماطر يحبون مدينتهم، ومستعدون لتقديم أية تنازلات من أجل أن يستمر المصنع في العمل، لكن البعض ربي يهديهم». تكتب حقوقية تدرس بالجامعة: «أرجو من الشباب في ماطر التعامل بحكمة، قضيتكم عادلة ولكن لا تسمحوا للشياطين بتحريف مسارها». نجد تعاليق عديدة في نفس المجال، تنصح عمال المصنع وشباب المدينة بالحذر من أشخاص يريدون التصعيد وإغلاق المصنع وإغراق المدينة في البطالة والفراغ، تداولت عدة صفحات قريبة من ثلاثي الحكم نداء إلى أهالي ماطر جاء فيها: «ماذا بعد إغلاق المصنع ؟ لا تدعوا بعض المخربين يقطعون أرزاقكم، يجب أن نعلم جميعاً ونعي جيداً بأن كل هذا هو خراب وتخريب ممنهج في جميع جهات البلاد، على الجميع أن يتصدى لهؤلاء في هذا الظرف الحساس، الصراع بين الكبار لا يهم أهالي ماطر ويجب أن لا يذهبوا ضحية له». بحثنا في العشرات من الصفحات التونسية عن معلومات تفسر موقف النقابة التي دعت إلى هذا الإضراب أو رؤيتها لما حدث فلم نعثر على شيء، وثمة ثلاثة صفحات لنقابة اتحاد عمال تونس لم نجد فيها مقالات أو أخبار عن هذه التطورات بل وجدنا تعاليق تحمل هذه النقابة مسؤولية ما جرى في ماطر وخصوصا إغلاق مصنع الكوابل الألماني وتندد بما تسميه «التلاعب بأرزاق الناس بسبب المناكفات النقابية الفارغة»، بالإضافة إلى عدة تعاليق أخرى أكثر حدة، حتى أننا استغربنا كيف سمح المشرف على الصفحة بنشرها. والمشكل مع مثل هذه المنظمات أنها لا تعنى كثيرا بتحديث المعلومات التي تضعها في صفحاتها في الموقع الاجتماعي مما يسمح لخصومها بملأ الفراغ ونشر الأخبار وفق رؤيتهم. ثمة شعور عارم بالأسف في أغلب الصفحات لما حدث في ماطر، وما يمكن أن يحدث في عدة جهات أخرى بسبب غياب الحوار الاجتماعي وتوفر رصيد هائل من التوتر، وإن لم يتوفر هذا التوتر فثمة من هو جاهز لخلقه بأية طريقة.