ما الذي تغيّر في حركة «النهضة» وكيف تستعدّ الحركة لعقد مؤتمرها الذي يوصف على نطاق واسع بأنّه الأبرز والأشدّ خصوصية في تاريخها وكيف سيكون واقع الحركة بعد المؤتمر وفي ظلّ قيادة جديدة؟ تساؤلات كثيرة تتراكم قبل أشهر من مؤتمر «النهضة». الحركة التي تحوّلت في غضون أشهر من حركة تعمل في السرّ إلى حركة قانونية وذات امتداد شعبي واسع، ومن حركة مُلاحقة ومُضيّق عليها إلى حركة شريكة في الحُكم تعكف منذ أشهر على إعداد مؤتمرها الأول بعد هذه التطوّرات الجذرية في تاريخها، وقد تأجّل موعد عقد المؤتمر مرارا، لكنّ يبدو أنّ الرؤية بدأت تتّضح وأنّ المؤتمر سينعقد على الأرجح في شهر جويلية المقبل، ويبقى القرار في النهاية بيد الهيئة التأسيسية. وتعمل لجنة إعداد المؤتمر منذ أشهر، لكنها شهدت مؤخّرا تغييرا في تركيبتها بعد تولّي الدكتور عبد اللطيف المكّي (الذي كان رئيس لجنة إعداد المؤتمر) وزارة الصحّة في الحكومة الجديدة، وحلّ محلّه عضو المكتب التنفيذي للحركة رياض الشعيبي. ويجري الإعداد من حيث المضامين، أي إعداد اللّوائح وإجراء المشاورات على المستويين الجهوي والمحلّي، وسيكون الشعيبي مسؤولا عن متابعة انتخاب ممثلي الحركة وتلقّي الأفكار والمقترحات من منتسبي الحركة، وفق ما أكّده القيادي في الحركة العجمي الوريمي ل «الشروق». مؤتمر «تاريخي» وقال الوريمي إنّ «المؤتمر القادم ل «النهضة» سيكون مؤتمرا تاريخيا بكلّ المقاييس لأنّه أوّل مؤتمر يُعقد بعد الثورة وبعد حصول الحركة على تأشيرة العمل القانوني وبعد نجاح الحركة في الانتخابات وصعودها إلى السلطة، كما أنه أول مؤتمر سيلتئم فيه شمل أبناء الحركة بعد التفرقة بسبب السجون والمنافي والحصار، فهو إذن أوّل مؤتمر يُعقد في ظلّ هذه الأوضاع الجديدة، وسيكون مناسبة ليرى المتابعون للشأن السياسي ما هي التطورات التي حصلت في تجربة الحركة وخطابها ورؤيتها السياسية وما هو حجم التطوّر الذي عرفته برامج الحركة ومواردها البشرية». وردّا على سؤال حول حقيقة ما يروج من أنّ «النهضة» تتعمّد تأجيل عقد المؤتمر لأنّه سيكشف حجم الخلافات داخلها والاحتجاجات الصامتة من قيادات ومناضلين وجدوا أنفسهم اليوم في الصف الثاني قال الوريمي إنّ «الواقع يُفنّد هذا الكلام، وستُظهر الأشهر المقبلة بعد أن ذهب حوالي نصف القيادة السابقة إلى الحكومة أنّ هناك قيادات جديدة وسنرى حركة متجانسة وفيها تنوّع وتوافق حول مشروع وتماسك بين القيادة والقاعدة وليس فيها خلافات ولا صراعات». وأشار القيادي في الحركة إلى «تفاعل أبناء «النهضة» مع الأحداث والتطورات الأخيرة في البلاد حيث هبّوا صفّا واحدا لمساعدة المتضرّرين من موجة البرد الأخيرة وللتخفيف من حدّة هذه الأزمة، إضافة إلى الموقف المتميّز للحركة من زيارة الدّاعية وجدي غنيم» معتبرا أنّ «هناك شخصية ورؤية سياسية وخط سياسي واضح للنهضة كحركة وسطية مسؤولة وواعية بتحدّيات المرحلة وأولوياتها وبضرورة إيجاد أفضل صيغة ومعادلة لدورها كحزب سياسي وكشريك في الحكم وكطرف مساهم في صياغة الدستور الجديد للبلاد». مفاجآت وأكّد عضو المكتب التنفيذي ل «النهضة» أنّ «عدّة مفاجآت سيكتشفها الناس في المرحلة القادمة، من طاقات وكفاءات عالية» معتبرا أنّ الحركة «عائلة كبيرة ممتدّة ولها رصيد قيادي محترم ومتجدّد». وتحدّث الوريمي كذلك عن مكانة المرأة والشباب في الحركة خلال المرحلة القادمة مشيرا إلى أنّ لدى الحركة «جناح نسائي» بالغ الأهمية من حيث العدد ومن حيث مستواه ودرجة مساهمته وانخراطه في العملية السياسية وحياة الحركة إضافة إلى جيل جديد من الشباب الذي يمثّل احتياطيا مهمّا للحركة». وبخصوص أبرز الأسماء المرشّحة لخلافة رئيس الحركة الشيخ راشد الغنوشي، الذي أكّد مرارا أنّه لن يكون له أي دور قيادي في الحركة بعد المؤتمر، قال الوريمي إنّ الحركة ليست متعجّلة لتعيين خليفة للشيخ الغنوشي وإنّ هذا الأمر يهمّ القاعدة والمؤتمر هو الذي سيحدّد التركيبة القادمة دون وصاية من أحد، مؤكّدا أنّ هذا الموضوع ليس من أولويات المؤتمر القادم الذي يسعى بالأساس إلى إيجاد قيادة شرعية تحظى بالثقة والقبول، أمّا الأسماء فهي أمر ثانوي». وأكد الوريمي أنّ الغنوشي سيبقى فاعلا أساسيا في الحركة وفي الساحة السياسية عامة.