أفاق بعض متساكني منزل بورقيبة صبيحة أمس على مياه الأمطار وقد غمرت منازلهم بعد تواصل هطولها منذ الساعات الأولى من الفجر متسببة في حالة من الهلع للعائلات، وقد تدخلت الحماية المدنية بالامكانيات المتاحة. لم يكن تعاطي الديوان الوطني للتطهير فرع منزل بورقيبة مع الموضوع بالكيفية اللازمة وبعقلية ما بعد الثورة. في البداية تجدر الاشارة الى أن لجنة لمجابهة الكوارث تشكّلت بمنزل بورقيبة واجتمعت منذ قرابة الشهر والنصف وضمّت معتمد منزل بورقيبة باديس بن جدّو ومسؤول من ديوان التطهير فرع منزل بورقيبة ومسؤول عن فرع التجهيز بذات المدينة إضافة الى ممثل الحماية المدنية وتمّ الاتفاق على أن تتحرّك كل هذه المصالح تحت إمرة الحماية المدنية عند حصول الكوارث وكان هذا على الورق أما ميدانيا فإن الحماية المدنية تتحمل بنسبة كبيرة أعباء المسؤولية في حين أن البقية مثل ديوان التطهير لا يتحرك إلا بعد إلحاح وكأنه سيقدم عملا مجانيا للمواطن في حين أن المبالغ المقتطعة لفائدته من فاتورة استهلاك الماء تكفي وزيادة ليقوم بالتدخلات اللازمة.
وسائل الحماية المدنية غير كافية
في مثل وضعية الأمس عندما غمرت المياه بعض المنازل بمنزل بورقيبة وتينجة أول ما يتبادر الى ذهن المواطن هو الاستنجاد بالرقم 198، في حين أن ديوان التطهير بدوره معني بالأمر لذلك لا بد أن تتغيّر عقلية المواطن ويتجه أيضا الى ديوان التطهير لأن له تجهيزات عصرية وكافية لشفط الماء المتأتي من الأمطار في حين أن الحماية المدنية بإمكانياتها المتواضعة غير قادرة على الاستجابة الى كل النداءات وترتب تدخلاتها حسب حجم الضرر الحاصل وتضع سلامة المواطن في المقام الأول قبل سلامة الممتلكات، لذلك رجاء يا أعوان ديوان التطهير فرع منزل بورقيبة تحرّكوا في مثل الوضعيات التي جدّت بالأمس ولا يغلق بعض مسؤوليكم هواتفهم الجوالة لأن سلامة المواطن تعتبر مسألة لا يختلف فيه إثنان خاصة وأننا نعيش ثورة لا بدّ أن تقطع مع الممارسات البالية.
تمّ التنسيق بين معتمد منزل بورقيبة والحماية المدنية ومعتمد تينجة للتنسيق لمجابهة الأمطار الطوفانية التي غمرت مدينتي تينجة ومنزل بورقيبة ومن أشكال التنسيق هو إرسال سائق السيارة الادارية لبلدية تينجة ليكون همزة الوصل بين الأطراف المتدخلة، لكن هذا الأخير تعنّت ورفض قائلا «داري هزها الماء وأولادي أولى من الناس الآخرين».
الأنهج التي غمرتها المياه
عديدة هي الأنهج التي غمرتها المياه بمنزل بورقيبة وتينجة لكن سنأتي على أهمها وهي نهج محمد الجربي بمنزل بورقيبة قرب نهج قرطاج ونهج 9 أفريل الفاصل بين منزل بورقيبة وتينجة ونهج غاندي (على مستوى أفارج صالح موسى) وحومة الحواتةبتينجة ودوار البيليك. أما خارج منزل بورقيبة فقد تجمعت المياه بسبعة عوينات وأضرّت ببعض المساكن وطريق منزل بورقيبة ماطر وانقطعت حركة السيارات بين منزل بورقيبة وبنزرت.
كهل تعلق بشجرة
في الطريق بين أم هاني والبلاط على مستوى وادي بن حسين كان كهل يمتطي دراجته النارية وحاول عبور مكان تجمعت فيه مياه الأمطار لقضاء شؤونه الا أن المياه جرفته وسقط من فوق دراجته واستنجد بشجرة اعتلاها حتى لا يسقط وسط برك المياه وبقي على وضعه ذلك الى أن تمّ إنجاده من طرف بعض المواطنين عندما كانت الحماية المدنية في طريقها إليه بعد تدخلها بنهج محمد الجربي بمنزل بورقيبة.
عائلات بنهج محمد الجربي تستغيث
«الشروق» كانت حاضرة بنهج محمد الجربي بمنزل بورقيبة وعاينت مياه الأمطار وقد غمرت بعض المنازل ووصل ارتفاعها قرابة 50 صنتيمترا ونقلت أصوات بعض المتساكنين والبداية كانت بعبد الحميد الحكيري الذي قال إنه ليس من متساكني الحي ولكنه نزل ضيفا على احدى العائلات وشاهد بعينيه حجم الضرر الذي لحق بالعائلة التي زارها فحتى «العولة» جرفتها المياه والملابس تبلّلت وأضاف عبد الحميد أنه سخّر سيارته للاتصال بالجهات التي من المفروض أن تتدخل لكن لم يحضر منها سوى الحماية المدنية، أما ديوان التطهير فقد وصلوا الى المكان على الساعة الواحدة والنصف بعد الزوال. أما مليكة العليمي فتقول إنها تسكن بمنزلها منذ قرابة عشرين سنة وكلما تنزل الأمطار تتحول حياتها الى جحيم بعد أن أصبح مستوى طريق النهج أعلى من أرضية المنازل وقالت إنها في كل مرة تخرج المياه من منزلها بواسطة السطل مما تسبب لها في آلام متواصلة بيدها، وتواصل مليكة متحدثة بكل مرارة أن ابنها (عمره سنتان) تمّ إجلاؤه من فوق السطح بعد أن شرب كمية هامة من المياه التي غمرت المنزل وقد تمّ نقله الى المستشفى وتلقى الاسعافات الأولية لكن الى حدّ الآن مازالت وضعيته غير مستقرة. وتواصل مليكة قائلة بكل حرقة إن وضعية عائلتها تحت الصفر وتعتقد أن شيئا لم يتغير مقارنة بما قبل الثورة. وهي في انتظار أن ينظر إليها أصحاب القرار بعين الرحمة هي وجيرانها. أما محمد الشواشي (نجّار) ويقطن بنفس الحي وقد غمرت مياه الأمطار مسكنه فيقول إنه اقتنى تجهيزات للنجارة بقيمة 18 ألف دينار (قرض بنكي) وفي المرة الفائتة كادت تتلف مياه الأمطار هذه التجهيزات لولا ألطاف اللّه، أما بالأمس فإن مياه الأمطار حاصرت منزله من كل جانب وتسرّبت الى الداخل وهو يحمل المسؤولية لديوان التطهير الذي ربط القنوات بطريقة غير مدروسة.