شهدت البلاد خلال الأسبوع المنقضي العديد من مظاهر التوتّر والاحتقان والمواجهة بين أكثر من طرف سياسي واجتماعي، وعادت إلى الأذهان صور الحرق والعنف وتهديد الاستقرار الاجتماعي والأمن العام للبلاد. وبات من الواضح أنّ الفرقاء السياسيين والاجتماعيين عادوا لتحريك «ورقة الشارع» بما فيها من فوضى واهتزاز للضغط في اتجاه هذا الموقف أو ذاك وعلى خلفيّة بيّنة في تعقّد الملفات الوطنيّة الراهنة وعدم وجود وفاق حيال العديد منها على الأخص سبل تجاوز الأوضاع الاقتصاديّة والاجتماعيّة (ومنها غلاء المعيشة وتراجع المقدرة الشرائيّة للمواطن والتشغيل والتنمية في الجهات الداخليّة) هذا إضافة إلى مسائل جوهريّة مرتبطة بأفق الانتقال الديمقراطي والمواعيد السياسيّة والانتخابيّة المنتظرة وبداية صياغة فصول الدستور الجديد. إنّ الحراك السياسي وعوض أن يتّجه إلى الوضوح يزداد تشابكا بحيث يعجز المتابعون في ترصّد أجندة وخطط عمل مختلف الفاعلين سواء في السلطة أم في المعارضة، إذ لا يعكس المشهد الخارجي لذلك الحراك حقيقة ما تُخفيه الأطراف السياسيّة والاجتماعيّة من رؤى وتصوّرات للخروج من مختلف الأزمات. إنّ تواصل التجاذب الحزبي والفئوي الضيّق دليل انعدام رؤية سياسيّة واضحة وهو كذلك دليل عودة منطق ليّ الأذرع وكسر العظام بين مختلف الأطراف ، وهو الأمر الّذي دفع إلى ما وقع من أحداث وقد يدفع إلى المزيد منها في صورة عدم الاحتكام إلى منطق العقل وفي حال تواصل غياب صوت الحكمة والبصيرة النيّرة وتغليب المصلحة الوطنيّة فوق تلك الاعتبارات الضيّقة والذاتيّة المحدودة. وما من شكّ في أنّ مختلف الفاعلين السياسيين والاجتماعيين مطالبون اليوم بمراجعة خياراتهم والنأي بالصراع السياسي عن مطبات توتير الأوضاع العامّة في البلاد والكف عن إعادة تحريك الشارع وبثّ الفوضى. لا بُدّ للصراع السياسي أن يعود إلى مربّعه الأساسي والأصلي حيث تفعيل نقاط التوافق وهي عديدة والبحث الجدّي والمسؤول عن حلول للنقاط والمسائل الخلافيّة وهي قليلة