ما الفرق بين حزب التحرير والسلفية؟، لماذا يصر حزب التحرير على أن مشروع دستوره هو المخلّص للبلاد؟.. أي مستقبل للحزب في تونس.. تلكم هي بعض الأسئلة التي جمعت «الشروق» بعضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير السيد وسام الأطرش.. ما الفرق بين حزب التحرير والسلفية؟ لقد أصبح الرأي العام في تونس يدرك الفرق بين حزب التحرير وما يسمى بالتيار السلفي، فحزب التحرير هو حزب سياسي عالمي عابر للقارات، يقوم على أساس الإسلام حين اشتغاله بالسياسة، وليس حزبا سلفيا كما يروق للبعض تصويره، وهو يمتلك رؤية مستقبلية للحياة السياسية في تونس وفي غيرها من بلاد الإسلام تضادد جميع الأطروحات العلمانية المنبثقة عن عقيدة فصل الدين عن الحياة، وهي رؤية كاملة متكاملة مستمدة من الكتاب والسنة وما أرشد إليه من إجماع الصحابة والقياس باجتهاد شرعي منضبط، لا من أقوال بعض علماء السلف. لذلك، دعني أؤكد لك أن ما تسمعونه من نعوت سلفية للحزب تصر جهات إعلامية على تكرار تداولها، ليست سوى وسيلة للتهرب من الصراع الفكري بإظهار الحزب في شكل جماعة لا تشتغل بالسياسة ولا تمتلك بدائل سياسية لواقعها، وإنما تريد إسقاط نفس الموروث الفقهي والتشريعي الذي عاشه السلف الصالح على واقعنا. وهذه الوسيلة وغيرها من تشويه متعمد أو محاولات إلصاق تهم استعمال العنف، أكدت الإفلاس الفكري والسياسي للقوى اليسارية والعلمانية في بلادنا، ولم تعد تنطلي على أبناء هذا الشعب الفطن الذي أدرك افتقاد جميع القوى السياسية وعلى رأسها الأحزاب الحاكمة لمنهجية ثورية تتماشى مع مستلزمات المرحلة الجديدة للأمة. ألا يهدد التنصيص على الشريعة في الدستور مكاسب الحداثة التي أرسيت في تونس طيلة العقود الماضية؟ إن أكبر مصيبة مرت بها الأمة بعد هدم دولة الخلافة، هي النظم العلمانية التي أقيمت على أنقاضها، فباسم الديمقراطية أذاقت هذه الأنظمة شعوب العالم الإسلامي صنوف أنواع الظلم والقهر والاستبداد، وباسم الحرية سلبت إرادتهم ونشرت بينهم الرذيلة ونزعت عنهم الحياء، وباسم الحداثة جهلتهم وورثتهم التبعية الفكرية والسياسية للغرب وأبعدت عنهم أحكام الشريعة الغراء فأذاقتهم الأمرين: مُرَّ فقدان دولتهم ومُرَّ تطبيق نظام ليس من جنس عقيدتهم. لذلك نرى بأنه وإن كان مجرد التنصيص على الشريعة في الدستور غير كاف لأن يكون الدستور إسلاميا، إلا أن افتعال النقاش في مسلمات لدى هذا الشعب المسلم (من قبيل هويته) لهي وصمة عار جديدة على جبين دعاة الحرية والحداثة وسائر المطبوعين بالثقافة الغربية والحضارة الغربية. إن الشريعة لا تنحصر في نظام العقوبات كما يصور ذلك البعض، وليست مجرد مادة توضع في الدستور ثم تخالف سائر المواد ما هو معلوم من الدين بالضرورة ليصاغ لنا دستورا علمانيا جديدا، ولكن الشريعة هي وحي من الله العليم الحكيم، وهي رسالة رحمة للعالمين دعانا الله سبحانه لنحيا في ظلها بالعدل والميزان، وبتطبيقها تتحقق للمؤمن سعادة الدنيا والآخرة بإذن الله، وهذا ما ندعو إليه المسلمين جميعا. قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنكم إليه تحشرون}. أي مستقبل لحزب التحرير في تونس؟ ما ينفرد به حزب التحرير عن سائر الأحزاب في تونس فضلا عن عالميته، أنه يخاطب الناس في قناعاتهم وأفكارهم، لا في أشكالهم وأجسادهم ولا في شهواتهم وجوعاتهم كما تفعل بعض التيارات اليوم عند الترويج لمشاريعها، هذا في صورة امتلاكها لمشاريع وبدائل نابعة من هوية هذا الشعب المسلم. وأعداء الأمة اليوم، يدركون هم قبل غيرهم مستقبل هذا الحزب العالمي المتجذّر فيها، لذلك تجدهم يستبقون أعماله وفعالياته بفرض قرارات منعه من النشاط «القانوني» عبر عملائهم في بلادنا قصد منعه من التواصل الشعبي والامتداد الجماهيري. ولكن حزب التحرير ماض في طريقه بإذن الله مقتديا برسول الله صلى الله عليه وسلم في إيجاد رأي عام على الإسلام إلى حين إقامة دولته. وهو هنا في تونس، يرى بأن أبناء هذا الشعب المسلم سيفاجئون الغرب وعملاءه في المستقبل القريب، بتأكيدهم على أن الدستور الإسلامي هو خيارهم الأوحد وأن تحكيم شرع الله هو بديلهم الأفضل. إلا أن من ينظرون من الخلف ولا يمتلكون مقومات القيادة والريادة، لا يمكنهم أن يروا بأن وعي هذا الشعب هو في طور التشكل والتبلور بأفكار الإسلام وأحكامه، وأنه قد حسم أمره في اختيار بدائله وتحديد بوصلة اتجاهه نحو إنجاز مشروع الأمة، لذلك لا تجدهم قادرين على رفع سقفات مطالبهم فيستمرون في انحنائهم أمام الغرب باسم المرحلية والواقعية، وأمثال هؤلاء هم أول الناس تفاجئا بإنجازات شعوبهم.