بدأت مختلف اللجان داخل المجلس الوطني التأسيسي لقاءات مع عدد من الشخصيات الوطنية والمتخصصين في مجال القانون الدستوري وبعض التخصصات الأخرى... في أي إطار تأتي هذه الخطوة وما هي تأثيراتها من الناحية التقنية وأيضا السياسية في مسار صياغة الدستور؟
وقد استمعت لجنة الحقوق والحريات أمس إلى الأستاذ قيس سعيد كما ستستمع لجنة التوطئة والمبادئ العامة اليوم إلى أستاذ القانون الدستوري الصادق بلعيد ، ومن المنتظر أن تستضيف اللجان التأسيسيّة عددا آخر من الخبراء التونسيين على غرار السيّد عياض بن عاشور إضافة إلى شخصيات وطنية أخرى مثل السادة الشاذلي القليبي وأحمد بن صالح ومصطفى الفيلالي.
واعتبر بلعيد أنّ هذه الخطوة التي قامت بها كلّ لجان المجلس التأسيسي طيبة موضحا أنّ اللجان مكلّفة بصفة مشروعة بالقيام بمهامها ولكن ذلك لا يمنعها من أن تستأنس بآراء بعض الناس الذين لديهم الخبرة اللازمة لإدارة هذه المرحلة.
تداعيات على الدستور
وأكّد بلعيد أنّ من فوائد الاستماع إلى الخبراء إتقان العمل وإخراج دستور ذي جودة عالية، مشيرا إلى أنّ هذا التوجه يشمل أيضا استدعاء رجال سياسة معروفين في البلاد نظرا إلى تجربتهم ومعرفتهم لأمور السياسة في البلاد.
وأضاف بلعيد «هذه بادرة طيبة ونأمل أن تُعمّم على اللجان التشريعية لأنّ للأعمال التشريعية أيضا تقنياتها ونأمل أن تكون هذه السنة مستمرة في العمل التشريعي ببلادنا حتى بعد المجلس التأسيسي، فالمشرّع هو في الصدارة من الناحية المسؤولية التشريعية وبالتالي من الضروري أن يلتفت المجلس التشريعي القادم إلى أصحاب الخبرة.وردّا على سؤال حول نسق عمل اللجان المكلّفة بإعداد الدستور قال بلعيد إنّ اللجان لا تزال في طور تهيئة الإطار المناسب لكتابة الدستور، ومن المفيد ألّا يتم التسرع في هذه المرحلة خلافا للمراحل القادمة التي يجب فيها الإسراع بعد تبلور التصور العام والاتفاق على المبادئ الكبرى للدستور الجديد.
وقد استقبلت لجنة الحقوق والحريات في المجلس الوطني التأسيسي الأربعاء الماضي الأستاذ قيس سعيد من كلية العلوم القانونية والسياسية بتونس للاستماع إلى تصوراته في ما يتعلق بالحقوق والحريات في الدستور الجديد.
وأكد الأستاذ سعيد ضرورة الحماية الدستورية لجملة من الحقوق والحريات ضمن ميثاق تونسي للحقوق والحريات وأنه لا ينبغي أن يتحول الدستور إلى مجلات تتعلق بالحقوق، والمهم إيجاد آلية تمكن من تحقيق حتى ما هو موجود خاصة القضاء المستقل.
واستمعت لجنة القضاء العدلي والمالي والإداري من جانبها إلى مقترحات جمعية القضاة التي كان من بينها إحداث مجلس للعدالة والحوكمة يسمح لكل المتدخلين في الشأن القضائي بمتابعة مدى تطور مؤشرات العدالة إضافة إلى إحداث محكمة إدارية عليا تكون أعلى هيئة قضائية في القضاء الإداري عوضا عن مجلس الدولة.
وعقدت لجنة الإصلاح الإداري ومكافحة الفساد (وهي من اللجان الخاصة) عشية الجمعة الماضي جلسة للاستماع إلى أعضاء من اللجنة الوطنية لتقصي الحقائق حول الفساد والرشوة بشأن ما توصلوا إلى تحقيقه خلال مدة عملهم والاطلاع على ما تمخّض عن أشغال لجنتهم في رصد مظاهر الفساد في مختلف هياكل النظام السابق.
انفتاح على الخبرات
وقال المقرّر العام للدستور الحبيب خضر إنّ اللجان التأسيسية لديها الإمكانية للاجتماع مع كلّ الفعاليات والشخصيات التي ترى فائدة في الاستماع إليها وفي هذا الإطار يتنزّل ما تمّ من لقاءات وما يُنتظر أن يتمّ خلال الأسابيع المقبلة.
وأضاف خضر ل «الشروق» أنّ هذا التوجه يندرج في إطار انفتاح اللجان على عديد الخبرات السياسية والقانونية وأصحاب الاختصاص في مجالات متعدّدة ومختلفة ، والغرض من ذلك إتاحة الإمكانية لأعضاء هذه اللجان ومن ثمة المجلس التأسيسي بأن يستفيدوا من زخم الآراء والأفكار المتعلّقة بالدستور المنتظر الموجودة خارج المجلس، كما أنّ الاستفادة أيضا متّجهة للاستنارة بحصيلة تجارب ممتدّة في الزمن لبعض الشخصيات المشهود لها، وفي هذا الإطار من المنتظر استضافة ثلاثة وجوه سياسية بارزة كانت حاضرة في المجلس التأسيسي الأول (أحمد بن صالح وأحمد المستيري ومصطفى الفيلالي).
وأكّد خضر أنّ الاستماع إلى كلّ هؤلاء يأتي في إطار انفتاح المجلس التأسيسي على الموجودين خارجه في إطار ما يضبطه نظامه الدّاخلي.