علينا الاعتراف أنّ الجمعيّة كانت تعاني خلال ذلك من أزمة حادّة بين أعضائها وكانت مهدّدة بسبب ذلك بالتوقف المؤقت أو النهائي. وكان ثمّة من دعا رئيسَها الدكتور محمّد الباردي إلى تجميدها أو التخلّي عنها.
غير أنّه وفي ظلّ الإصرار على استمرار هذه المؤسّسة الثمينة التي لا يمكن بأي حال من الأحوال التفريط فيها، حاولنا بقدر الإمكان التوافق على أدنى مستويات العمل. ويجب أن أذكّر بأن كاتب المقال وهو عضو في الجمعيّة، حرص بكلّ ما لديه من روح التقبّل والأخوّة والصّداقة على أن يستمرّ نشاط مركز الرواية مهما كانت التجاذبات الفكريّة والايديولوجيّة، لأنّ غايتنا ثقافيّة بحتة. ولذلك فإنّنا نعتبر إنجاز الدورة الأخيرة نجاحا وأيّ نجاح رغم بؤس التمويل ورغم دعوات التوقف والتجميد. ومن الواجب عليّ أن أنوّه بضيوف هذه الدّورة الّذين قبلوا المشاركة فيها وهم على علم تماما بأنّه ليس ثمّة أيّ مقابل مادّي من وراء مشاركتهم. وتجشّموا عناء السّفر من تونس وسوسة وصفاقس رغم البرد الشّديد والطّقس الرّديء من أمثال الأساتذة الجامعيين مصطفى الكيلاني ومحيي الدّين حمدي وأحمد السّماوي وكمال الزّغباني والصّحفي محمّد بن رجب ..
وفي المقابل تغيّب عن النّدوة من كان يريد السّفر إلى قابس عبر الطّائرة ومن كان يأمل في مقابل سخيّ كما هي العادة في السّابق. وكانت أعذار الغياب واهية في معظم الأحيان بل حتى مثيرة للضّحك أحيانا. واتضح أنّ البعض تغريه الموائد والبهرج قبل كلّ شيء، فإذا ما انفضّت الموائدُ وضعف البهرج وانقطع الهيلُ والهيلمان انفضّ. ولْنُشر أخيرا إلى أنّ جمعيّة مركز الرواية تستعدّ لعقد مؤتمرها وتجديد هيأتها في الأيّام المقبلة، ولكي لا تبدو وكأنّها حكر على أسماء معيّنة فإنّنا ندعو الجميع للحضور والمساهمة بل والانخراط فيها، سواء في ذلك الأكاديميون والروائيون والقصّاصون والإعلاميون، من الجهة أو من خارج الجهة. فهي ليست جمعيّة محلّية منغلقة بل مفتوحة على الوطن بأكمله وعلى الثقافة العربيّة في أوسع آفاقها.
وإنّا لنرجو أن تتذلّل عقبات التمويل في المقبل من الدّورات بعدما تذلّلت العقبات البشرية من خلال ما أظهره أعضاؤها من استبسال في المحافظة عليها والحرص على استمرارها. ولعلّ نجاح هذه الجمعيّة في البقاء والاستمرار إشارة كافية لبقيّة الجمعيّات الثقافية التونسيّة بأنّه بالإمكان البقاء على قيد الحياة والاستمرار بحيويّة الثورة التونسيّة ذاتها ما دام ثمّة جذوة من الإخلاص والصّدق. أمّا مَن يعملون ليل نهارَ على تعطيلها ليتلذّذوا بعد ذلك بالنّظر إليها وهي مُثخنة بالجراح وعاجزة، فإنّهم لن يفلحوا في ما يسعون إليه. انتهى