حرصها على تنفيذ التوصيات التي أمكن للخبراء إنجازها، كان لا متناهيا... مؤمنة بأن منطقة شمال افريقيا هي الرافعة الأساسية لكامل القارة السمراء لكي نرى في يوم من الأيام إفريقيا قطبا للتنمية يتنادى العالم من أجل الاستثمار فيها...فهي قارة غنية بمواردها الطبيعية لكن النمو فيها مازال بطيئا... هي تونسية بخطة مسؤولة أممية...طوال الاجتماعات التي شهدتها الرباط بدت السيدة كريمة بونمرة بن سلطان متفائلة وهي تتنقل بين الاجتماع والآخر...تبدي ملاحظاتها تارة كمسؤولة عن المكتب الإقليمي للأمم المتحدة الخاص بشمال إفريقيا وتدلي بدلوها طورا بوصفها خبيرة ومواطنة تنتمي إلى هذه المنطقة...التقيتها في هذا الحوار مع «الشروق» على إثر اختتام الدورة السابعة والعشرين للجنة الخبراء الحكوميين بالرباط لدول شمال إفريقيا وقد كشفت النقاب عن أهمية الدراسات والمقترحات التي تقدم بها الخبراء في هذه الدورة...دورة تعتبرها السيدة كريمة بونمرة بن سلطان استثنائية، بما أنها تتم في ظروف متغيرات سياسية في أكثر من بلد عضو في هذه المنطقة.
وتضيف إن التوصيات التي توفق إليها الخبراء المتجالسون في اجتماعات الرباط والتي تحضر بدورها لإجتماع وزاري على مستوى الدول السبع تنتمي إلى نوعين من التوصيات الأولى تخصّ الدول الأعضاء : تونس والجزائر والمغرب وموريتانيا وليبيا والسودان ومصر والثانية تهم اللجنة الاقتصادية لإفريقيا وتحديدا مكتب شمال إفريقيا... التي تترأسه السيدة كريمة.
وتضيف في ردها على سؤالنا الاستفساري بخصوص كيفية تطبيق هذه التوصيات إنه وعلى مستوى الدول، يكون الأمر على مستويين واحد منظور والثاني إستراتيجي...وتضيف إن الأمر ليس سهلا بالنسبة للجنة والتطبيق من ذلك أن الأمر يحتاج أساسا إلى وضع آليات للتقييم...وهنا بيّنت كيف أن مكتب شمال إفريقيا، ينسق مع المنظمات الإقليمية مثل اتحاد المغرب العربي... اضافة إلى عملية تشبيك بين مختلف الخبراء عبر الدول السبع المكونة لمنطقة شمال إفريقيا...إضافة إلى مجال البحث العلمي حين يدخل على الخط عبر ملتقى سنوي الأكاديميون والباحثون في مجالات التجارة والاقتصاد حيث يأتي هؤلاء الباحثون مع فرق البحث التي يقودونها...كما تعمل اللجنة الأممية على جمع المعلومات لتوفير بنك لها يهم المعطيات الأساسية لكوكبة الدول التي تكون شمال إفريقيا...كيف يمكن ضمان التواصل بين الجهوي (شمال افريقيا) والقارّي (إفريقيا)؟ هذا هو السؤال الذي تحاول كل الأطراف أن تصل إليه... تقول السيدة كريمة إن هناك مرحلتين فيه تدخل من الأممالمتحدة عبر منسق لنظام الأممالمتحدة وكذلك المساعدة في عملية الانتقال الديمقراطي عقب الثورة التونسية...وقد قابلت شخصيا عدة وزراء في تونس حيث لنا كأمم متحدة آلية لفائدة هذا البلد أو ذاك» إذ يكون ذلك من خلال الطلب والتنسيق كذلك على أن عملنا هذا يتم من خلال العلاقة مع الحكومات وكذلك مع المجتمع المدني في كل بلد معني بمواضيع هذا الاجتماع» اجتماع الرباط...
أما عن موضوع الاندماج الجهوي فإن السيدة كريمة بونمرة بن سلطان ترى أنه ليس خيارا، بل هو حتمية لأن صاحب القرار السياسي في هذا المجال «لا يجب أن يفكر بمنطق البلد والوطن بل بمنطق الجهة برمتها»...وتضيف إن هذا الأمر ليس خيارا بل هو قدر المنطقة في عالم أضحى فيه التنافس قويا والتواصل أقوى...وهنا شددت على أن الدول بإمكانها أن ترفض القضايا السيادية على أن الأممالمتحدة وفي جميع مجالات تدخلها لا تمس بهذا الأمر معتبرة أن بناء فضاءات مثل المغرب العربي أو شمال إفريقيا لا يتم بالعواطف بل انطلاقا من المصالح مبينة أن كلفة اللامغرب أعلى من كلفة تشكيل المغرب العربي...وهنا تعول السيدة بونمرة بن سلطان كمسؤولة أممية عن مكتب جهوي على الطاقات الشابة كاشفة النقاب عن أن «لشمال إفريقيا رأس مال بشري متعلم أغلبه من الشباب وهو الذي بامكانه أن يجعل من إفريقيا برمتها قارة متقدمة» لأن لها نسبة عالية من الشباب وأضافت أن آلية الأممالمتحدة، من خلال ما تقوم به كمكتب اقليمي انتقلت من الأربع سنوات برمجة إلى سنتين وذلك حتى يكون لها مدخل للمعلومات...
السيدة كريمة بونمرة بن سلطان تشدد أيضا في باب العلاقات الاقتصادية والتجارة وضرورة إقامة قطب للتنمية لا بد من تنويع النشاط الاقتصادي بين مختلف مكونات منطقة شمال إفريقيا قصد خلق قاعدة للتكامل وفي آن واحد تسهيل الشراكة مع الآخر وتقصد الاتحاد الأوروبي أساسا...ولم تنف في هذا الباب فرصا متاحة الآن أمام المنطقة وتذكر آسيا لأننا نرصد «أن نصيب منطقة شمال إفريقيا في الاستثمار الآسيوي هي قليلة جدا...» في الختام قالت المسؤولة الأممية إنها على ثقة في أصحاب القرار السياسي وفي الشعوب لأنها ترنو من خلال التحولات والثورات التي تغير من خلالها واقعها إلى أن تجعل من إفريقيا برمتها قطبا للتنمية... أين بالامكان رؤية اقتصاد مقام على العقلانية ومنطقي من حيث أدواته وأهدافه» التي من شأنها أن تبرر الطموح الذي يسكن أبناء المنطقة وهنا اعتبرت أنه ومن منطلق فلسفي فعلينا أن نأخذ مسافة من لوحة فنية حتى نرى أبعاد التناسق والجمال فيها..ومن هنا مبعث تفاؤل السيدة كريمة بونمرة بن سلطان التي أبدت حرصا وحماسا غير عاديين عند المداولات والجلسات حتى تكون أعمال الخبراء براغماتية ومنطقية وقابلة للتطبيق.