يمثّل تحديد موعد الانتخابات القادمة تحدّيا كبيرا أمام الائتلاف الحاكم، لكن هذا الموعد سيكون مرتبطا بعدّة اعتبارات منها مدّة عمل المجلس التأسيسي وتحديد شكل النظام السياسي وتحديد مصير هيئة الانتخابات والإعداد اللوجستي واستعداد الأحزاب لهذا الموعد. صرح رئيس الحكومة السيّد حمادي الجبالي في مقابلة صحافية أمس بأن الانتخابات العامة المقبلة يجب أن تجرى قبل شهر جوان 2013. وقال الجبالي «نعتبر أن الانتخابات المقبلة يجب ألا تجرى بعد جوان 2013... من الأفضل أن تنظم في 9 أفريل (يوم عيد الشهداء في تونس) أو في نهاية جوان بعد انتهاء السنة الدراسية و الجامعية «. وأضاف الجبالي «نأمل بشدة أن يقوم المجلس الوطني التأسيسي بالجهد اللازم لتسريع عملية صياغة الدستور « مقرّا في الوقت ذاته بالتباطؤ في معالجة بعض الملفات. إحياء الهيئة وكشف الجبالي أنّ الحكومة قررت تفعيل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات وأنّ هناك اتفاقا ضمنيا على إعادة تعيين كمال الجندوبي مهندس انتخابات الثالث والعشرين من أكتوبر، على رأسها . وكان لطفي زيتون المستشار السياسي لرئيس الحكومة قال إن «هناك اتفاقا بين أحزاب الترويكا على تحديد خارطة طريق سياسية لطمأنة الرأي العام والمستثمرين في الداخل والخارج وإنه تم اقتراح تاريخ 20 مارس من العام المقبل لإجراء الانتخابات ولكن ليس تاريخا نهائيا. وتحدّث زيتون عن أن هناك نية للإبقاء على المناضل الحقوقي كمال الجندوبي رئيسا للهيئة العليا للانتخابات قائلا إنّ المجلس التأسيسي هو من سيقرر هوية بقية الأعضاء.» ودعت مختلف مكونات الساحة السياسية وخصوصا من فريق المعارضة مرارا الحكومة إلى حسم موقفها من هيئة الانتخابات متهمة إيّاها بمحاولة تهميش هذه الهيئة والتنكّر للدور الذي قامت به خلال انتخابات 23 اكتوبر 2011 والمجهود الكبير الذي بذلته لإنجاحها. وكانت الهيئة قد راسلت الحكومة، وقدمت لها انطلاقا من تجربتها في الإشراف على انتخابات 23 أكتوبر خارطة طريق حددت فيها أهم القضايا المطلوب معالجتها في المستقبل وفي مقدمتها ضرورة إحداث هيئة دائمة ومستقلة للانتخابات وهي «تنتظر استجابة ملموسة من الحكومة لمقترحاتها العملية» في هذا الشأن. وقال رئيس الهيئة كمال الجندوبي إنه «بقدر ما نتأخر في اتخاذ قرار في هذا الخصوص يَفتح الآفاق أمام التونسيين في المستقبل ويعزز ثقتهم في سلامة الخيار الديمقراطي الذي انتهجته تونس بعد الثورة فإننا «نعمق الحيرة والشكوك»، داعيا السلطات الحالية إلى مواجهة متطلبات المرحلة واتخاذ «القرارات الجريئة» المطلوبة في هذا الشأن. وأعرب عن الأمل في ان يتم في أقرب وقت ممكن سن قانون محدث لهيئة مستقلة للانتخابات، موضحا أنه بالإمكان أن تنطلق هذه الهيئة في كل ما يتعلق بتسجيل الناخبين والتكوين حتى قبل أن يتم سن قانون الانتخابات. وتتعلّل بعض الأطراف بأنّ تحديد موعد الانتخابات قبل سنّ الدستور الجديد وتحديد نظام الحكم وسن القانون الانتخابي غير ممكن لكنّ الإجماع شبه حاصل على أنّ عمل الهيئة يجب أن يبدأ في أقرب الآجال لأنّ إجراءات استكمال التسجيل والتحضيرات اللوجستية تتطلّب أشهرا طويلة ويجب أن تبدأ قبل إعداد الدستور وسن القانون الانتخابي من أجل كسب الوقت. استعدادات الأحزاب ويمثّل الموعد الانتخابي القادم اختبارا جدّيا لمختلف الأحزاب، سواء منها تلك التي توجد اليوم داخل الائتلاف الحاكم أم تلك التي لم تنل حظّها في انتخابات 23 أكتوبر 2011 وتسعى اليوم إلى الانخراط في ائتلافات وجبهات حزبية استعدادا للاستحقاق الانتخابي القادم. واعتبر الناطق الرسمي باسم حزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات محمد بنور أنّ «الأمور لا تزال غير واضحة حتى الساعة، فلا القانون الانتخابي جاهز ولا نظام الدولة تحدّد، فالأولوية إذن هي إعداد الدستور خاصة بعد حسم الفصل الأول بما يعنيه ذلك من إسراع في العمل على إنهاء صياغة الدستور الجديد». وأشار بنور إلى أنّ موعد 20 مارس 2013 كما اقترح التكتل وغيره من الأحزاب ذلك سيكون موعدا مقبولا وممكنا. وأكّد بنور أنّ الجميع متفق على أنه يجب الإسراع بإجراء الانتخابات وأنّ نقطة الغموض الأساسية هي تحديد الموعد دون معرفة شكل النظام ودون سن قانون انتخابي، فالشعب لا يعرف إن كان سينتخب رئيسا أم برلمانا سيتولى تعيين الرئيس إذا كان النظام المتفق عليه برلمانيا والأمر الوحيد الذي نحن متأكدون منه هو إجراء انتخابات تشريعية. وأشار بنور إلى ضرورة الإسراع في تعيين الهيئة المشرفة على الانتخابات. وردّا على سؤال حول ما إذا كان حزب التكتل جاهزا للمواعيد الانتخابية القادمة وما إذا كانت وضعية الحزب الحالية ستؤثر على حظوظه في السباق الانتخابي القادم قال بنور إنّ وضعية الحزب عادية ومواقفه واضحة وما حدث خلال الأسابيع الأخيرة كان أزمة مفتعلة لم تؤثر على سير عمل الحزب ونشاط قواعده وهياكله. ويرى مراقبون أنّ الأحزاب التي تعمل اليوم على تشكيل ائتلافات حزبية تطالب الحكومة بوضع جدول زمني ورزنامة عمل للمرحلة القادمة لأنها لا تبدو مستعجلة لإجراء الانتخابات ريثما تنتهي عملية الغربلة وتتضح الرؤية بشأن تركيبة المشهد السياسي الجديد.