قضية قطع مياه الري عن فلاحي مدينة تستور من ولاية باجة كانت لها تداعيات كبيرة خاصة بعد التحركات والاحتجاجات التي انتهت بقطع الطريق الوطنية رقم 5 لمدة ثلاثة أيام. ومن بين المطالب التي شدد عليها الفلاحون ايجاد حلول جذرية للزراعات السقوية. وفي محاولة لإيجاد حل للوضع واقناع الفلاحين بالتراجع عن موقفهم والجلوس الى مائدة التفاوض و استئناف موسم الزراعات السقوية في جهة تستور والسلوقية وقع اجتماع بين والى الجهة والكاتب العام للولاية والمندوب الجهوي للفلاحة من جهة وبين ممثلين عن الفلاحين المتضررين جراء قطع المياه الشروق كانت حاضرة وحاورت عددا من الفلاحين.
وقد علمنا من أحد الحاضرين وهو السيد لطفي فريحة مختص في الزراعات السقوية أن مسألة قطع المياه قد وقعت بصفة فجئية وبدون سابق أنذار منذ شهر ونصف تقريبا حتى أنه ذهب في ظن الفلاحين أن العملية كانت مجرد صيانة لسد سيدي سالم وقنواته وليست قطعا فجئيا للمياه المستخدمة للري وقد أعلمنا محاورنا أنها ليست المرة الأولى التي يقع فيها قطع المياه حيث دأبت المندوبية الجهوية للفلاحة على نفس التصرف في السنوات التي سبقت الثورة مما تسبب في أضرار كبيرة في قطاع الزراعة السقوية.
سنة 2011 كانت كارثية على الزراعة السقوية بجهة تستور حيث تكبد عديد الفلاحين خسائر فادحة في محاصيل الطماطم بعد أن فسد مجملها ولم يصل الى المرحلة النهائية للنمو جراء فقدان المياه الكافية للري وتعود الاسباب الى ضعف تدفق مياه وادي مجردة الى المساحات المزروعة بالطماطم فى سهول تستور والسلوقية نظرا لوجود مساحات أكبر بالقرب من الوادي على ملك شركة الإحياء«الغنيمة» مزروعة بشجر الزيتون.
الحادثة كلفت الفلاحين خسارة وصلت الى 600 ألف دينار من الطماطم وشملت أكثر من 30 فلاحا وحصل كل هذا في غياب أي تدخل للدولة ولم يقع جبر الأضرار الى حد يومنا هذا حسب السيد فريحة وهي من العوامل التي جعلت الكثير منهم عاجزين عن تسديد أقساط من ديون مياه الري.
مجمل الفلاحين الحاضرين كان لهم اعتراض على جملة الديون الملقاة على عاتق المجمع المائي والمخصص لمياه الري حيث بلغ الرقم مليارا و600 ألف دينار من المليمات المعلن عنها أثناء زيارة وزير الفلاحة للجهة , في حين أن الديون بلغت 800 ألف دينار فقط وهو حجم الاستهلاك الحقيقي للفلاحين هذا التضارب وحسب السيد فريحة قد ولد خلافا أثناء الجلسة بين المندوب الجهوي والمكلف بالمجمع المائي الذي اكد أن المليار مقسم الي نصفين النصف الاول هو ديون للفلاحين والثاني هي مبالغ كانت تعطى فى شكل دفوعات لصندوق 26/26 ودفوعات أخرى في النظام السابق وهو ما أعترض عليه المندوب.
من جهة أخرى صرح السيد ابراهيم فريحة أن السلط المعنية لم تكن موفقة في أدارة ألازمة وكان هناك تسرع في قطع مياه الري ولي ذراع الفلاح الذي أشترى البذور وصرف أموالا كبيرة استعدادا لبداية الموسم كما أن التنسيق والتواصل بين الفلاح والمندوبية والوزارة كان غائبا واقتصر الامر على جلسة مع الوزير بعد عملية قطع الطريق يوم الخميس 22 مارس. زد على ذلك غياب التحرك السريع لتفادي الازمة ولتدارك الامور قبل بداية الموسم وعدم اصدار مراسيم وقرارات كتابية سريعة يقع تطبيقها رغم أن قرار خصم 30 بالمائة من الدين كان إيجابيا جدا لكن كان على الوزير الاسراع بإرجاع المياه ثم التفاوض. كما طالب الفلاحون بمراجعة تسعيرة الري والتي تبلغ 88 مليما للمتر المكعب.
كل المحتجين كان لهم موقف سلبي من ردة فعل المندوب الجهوي للفلاحة الذي رفض ارجاع مياه الري قبل التفاوض وإعطاء فرصة للفلاحين لاستئناف الموسم رغم أن عددا لا بأس به منهم دفع تسبقة وجزءا هاما من الدين.
اشتكى فلاحو مدينة تستور من سياسة الدولة في قطع انتاج فصيلة من الزيتون تسمى الكوب والتى تساهم في تشغيل المئات من العاملين الفلاحيين, ولها مردودية اقتصادية عالية نظرا لجودة المنتوج وسهولة تسويقه محليا وخارجيا.
أحد الفلاحين قال لنا ان قرار المنع الصادر من وزارة الفلاحة سنة 2002 كان سببا فى تجميد تسعة فلاحين وقطع أرزاق عدد مرتفع من العاملين بحجة عدم ملاءمته مع التربة في حين أن نفس الفصيلة لازلت تزرع وتباع بطريقة عشوائية وغير منظمة في غياب أ ي رقابة من الدولة.