شهدت جهة جندوبة حالة من الاستياء والحيرة منذ أيام بسبب قطع مياه الري عن المنطقة السقوية جراء تراكم مديونية الفلاحين وعجزهم عن تسديد الديون المتخلدة بذمتهم منذ سنوات، مقابل خوفهم أن تذهب «الصابة» سدى.
واقع قطع مياه الري عن المنطقة السقوية وتواصله سيعود بالوبال على الفلاح والدولة والمستهلك على حد السواء خاصة أن للمنطقة السقوية بجندوبة التي تمتد على أكثر من 45 ألف هكتار أهمية في الانتاج الوطني من الخضروات والحبوب وعدة منتوجات أخرى. بعد تعالي الاحتجاجات في صفوف الفلاحين وعزم الأغلبية منهم على مقاطعة الموسم الفلاحي وتحميل الوزارة ومندوبية الفلاحة المسؤولية فيما سيحل بهم وأمام هذا الوضع العصيب الذي لا يعلم أحد تداعياته وانعكاساته على الموسم الفلاحي وعلى السوق تعالت المساعي من هنا وهناك لتطويق المسألة حتى يعود النشاط للمنطقة السقوية ولا تتعاظم مأساة الفلاح الذي أنهكته هذا الموسم العوامل المناخية خاصة بمناطق سوق السبت العيثة بوسالم والتي داهمتها المياه والسيول في عدة مناسبات وأثرت على المزروعات وجرفت الكثير منها.
وكانت المفاوضات بين الفلاحين ووزارة الفلاحة والاتحاد الجهوي للفلاحين ومندوبية الفلاحة أفضى لحلول قد ترضي جميع الأطراف وتتمثل في طرح 30 بالمائة من مديونية الفلاحين وتسديدهم في غضون الأيام القادمة لعشرين بالمائة فيما يتم تسديد باقي الديون والمتمثلة في خمسين بالمائة على امتداد خمس سنوات. تباين آراء الفلاحين عدد من الفلاحين أكدوا ل«الشروق» استبشارهم لهذا الاجراء الذي يعد حلا للمعضلة وسيمكن الفلاح من العودة للنشاط بأريحية أكثر خاصة أن أيام قطع مياه الري والشروط التي وضعت في البداية كانت تعجيزية باعتبار استثنائية هذا الموسم الذي عانى فيه الفلاح الأمرين وعمق حجم ديونه وخسارته.
أما الشق الثاني من الفلاحين فانه تقبل الحل الذي أكدته وزارة الفلاحة بشيء من التحفظ على اعتبار امكانية التراجع عن هذا القرار من طرف الحكومة القادمة أو الترفيع من ثمن المتر المكعب من المياه والأسمدة والبذور والأدوية كطريقة لتغطية الديون. مع العلم أن عددا من الفلاحين تجمعوا أمام اتحاد الفلاحين وقاموا بتعليق لافتات احتجاجية على الوضع مطالبين بالحلول الجذرية لعودة النشاط للمنطقة السقوية. وبقطع النظر عن التبريرات فان مجموعة من الفلاحين عازمون بداية الأسبوع القادم على الاتصال بوزير الفلاحة للتفاوض معه حول الحلول الجذرية لحماية المنطقة السقوية وغلق عدة ملفات من التجاوزات القديمة.