في مرات كثيرة تجمعني مجالس بالصدفة مع كتاب وجامعيين ويقودنا الحديث إلى مسالك الأدب ودروبه وتذكر بعض العناوين في مسار الحديث والأسماء فأسمع تحليلات ومواقف صريحة بإمكانها أن تثير عواصف من الجدل والنقاش وتنتج معارك أدبية تحرّك سواكن الحياة الثقافية. ولكني أفاجئ غالبا برغبة أصحاب هذه الآراء والمواقف بأن تبقى آراؤهم ومواقفهم للمجالس فقط والمجالس بالأمانات كما يقال ويعتذرون عن امكانية نشرها أو على الأقل نشرها منسوبة إليهم. إن هذا السلوك لا نقدي بالمرّة لأنه يتخفى خلف الحسابات الضيّقة والمجاملات التي لن تضيف شيئا لحياتنا الثقافية التي غاب فيها النقد وأصبح الجميع في سلّة واحدة يستوي في ذلك من أفنى عمره في القراءة والكتابة ومن مازال في الصفحات أو الصفحة الأولى من الكتابة بل في أكثر من مناسبة أفاجئ ببعض الشبان الذين يقدمون أنفسهم كعباقرة لا أحد ينافسهم في الكتابة وكأن الابداع عدو ريفي أو مقابلة في الملاكمة أو المصارعة الحرة. إن كل الأمراض التي أصابت حياتنا الثقافية والتي زرعت الكثير من عقلية الأذى وضيق الصدور بالاختلاف والتشنج اللامبرر كل هذا كان نتيجة غياب السلطة النقدية ففي غياب هذه السلطة يغيب المرجع ويصبح الجميع سواسية لا فرق بين مبدع وآخر.. فلماذا الخوف أيها النقاد؟