عاجل-أرقام الأطباء البيطريين في خدمة التونسيين في عيد الأضحى... تعرّف عليها    بالتفاصيل: هكذا يتم توزيع الأضاحي المدعومة في سرت    ميناء حلق الوادي: حجز أكثر من 10 آلاف حبة "إكستازي"..    جلسة عمل استعدادا للمشاركة التونسية في المعرض الكوني "اكسبو اوساكا 2025" باليابان    لمن يُعانون من مشاكل المعدة... نصائح ضرورية قبل تناول لحم العلوش في عيد الأضحى    نفاذ تذاكر مباراة المنتخب التونسي ونظيره المغربي الودية    عاجل- مباراة تونس و المغرب : كل ما تريد معرفته عن التذاكر والموعد و القنوات الناقلة    توصيات هامة لضمان سلامة الأضاحي و تخزين اللحوم..    الكاف: وزير التربية يتابع سير بكالوريا 2025    تعطّل تطبيق قانون تخصيص البنوك لقسم من أرباحها لاقراض الشركات الصغرى والمتوسطة    في معرضه الشّخصي الأوّل جمال عرّاس يرسم " جولة الألوان" بتقنية السكّين    11 سؤالا تشرح ما الذي يفعله الحجاج في يومي التروية وعرفة؟    روعة التليلي تتوج بذهبيتها الثانية في ملتقى الجائزة الكبرى للبارا ألعاب القوى بباريس    تونس تشارك في الدورة الثامنة للمنتدى العالمي للحد من مخاطر الكوارث المنعقدة بجنيف    جريمة مروعة: شاب ينهي حياة زوجة شقيقه وابنها طعنا بالسكين..!!    القضاء الماليزي يرفض وقف دعوى اعتداء جنسي ضد رئيس الوزراء    أحزاب إسرائيلية تقرر طرح قانون لحل الكنيست والذهاب لانتخابات مبكرة    ثماني سهرات فنية ضمن برمجة الدورة 49 من مهرجان دقة الدولي    مهاجم المنتخب المغربي ابراهيم دياز يغيب عن مباراة تونس الودية وعبد الصمد الزلزولي في دائرة الشك    حجّ 2025 تحت الرقابة الصارمة: منع التصوير والأعلام وملاحقة المخالفين    ''باش تنجح في تقديم مشروع التخرج ''PFE'' وتخلي انطباع قوي عند اللجنة''؟ هذه بعض النصائح    السعودية تشدد اجراءات الحج وتؤكد أنه لا دخول لمكة دون تصريح الحج..    يا تونسي، هل أنت مستعد ل''حجة علوش'' صحية؟ !    وزير السياحة يشدّد على ضرورة تكثيف الجهود في التّرويج الرّقمي عبر مزيد التعاون مع صانعي المحتوى والمؤثّرين    نسور قرطاج يحطّون الرحال في فاس: مواجهة نارية أمام المغرب بحضور 40 ألف متفرّج    الرابطة الأولى: الأولمبي الباجي يكشف عن موعد جلسته العامة الإنتخابية    يوم ''الوقفة'' تحت رحمة الغيوم: أمطار غزيرة متوقّعة بهذه المناطق التونسية    اعتذار رسمي لرئيس الاتحاد العالمي للملاكمة لإيمان خليف...تفاصيل    الساعة بزوز ملاين ونصّ: بلدية تونس ''أسعار مسبح البلفيدير في المتناول''    عاجل/ رئيس الدولة يتخذ قرار هام..وهذه التفاصيل..    عاجل/ خامنئي يحسمها ويعلن..    الاتحاد الأوروبي للصحفيين: الكيان الصهيوني قتل قرابة 200 صحفي خلال العدوان على غزة..    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    صور: وزير الشؤون الدينية يعاين ظروف إقامة الحجيج التونسيين بمكة المكرمة    مسجد باريس الكبير: اغتيال التونسي هشام ميراوي جريمة إرهابية معادية للإسلام    عملية زرع كبد ناجحة في مستشفى فطومة بورقيبة بالمنستير    مجلس وزاري مضيّق يتخذ هذا الاجراء..#خبر_عاجل    مع اقتراب العيد...''تمضية السكينة والساطور'' يصبح ''بزنس والأسوام بين 5 و10 دنانير فما فوق''    النقل البري: 92 سفرة إضافية وتأمين رحلات استثنائية بمناسبة عيد الأضحى    بعد قرار رئيس الدولة حل هذه الشركة وترسيم العمال: أول لتعليق من اتحاد الشغل..#خبر_عاجل    الحجاج يتوجهون الى مشعر منى لتأدية التروية…    لا تفوت بركة هذا اليوم.. أجمل دعاء ليوم التروية 2025 من السنة النبوية    وجيه الذكار يكشف: من 1900 طبيب تخرّجوا حديثًا 1600 هاجروا    محمد علي بن رمضان ينتفل رسميا الى الاهلي المصري    بمناسبة عيد الأضحى.. تعرف على الطريقة الصحية لتناول اللحوم لمرضى السمنة والسكري..    عاجل : الصحة السعودية تحذر الحجاج    طقس الاربعاء: الحرارة تصل الى 39 درجة بهذه المناطق    بن عروس : المصالح الطبية البيطرية تواصل برنامجها الميداني للمراقبة الصحية للاضاحي    نتنياهو: الثمن الذي ندفعه في الحرب باهظ    جالة الطّقس ليوم الأربعاء 4 جوان 2025    المنستير: نجاح عملية زرع كبد لطفل ال8 سنوات في مستشفى فطومة بورقيبة    آخر جوائزها من غزّة ... وداعا... سيدة المسرح سميحة أيوب    برنامج استثنائي للنقل    الدورة 49 لمهرجان دقة الدولي: آية دغنوج وجنجون وامال المثلوثي وعرض رقوج في الاختتام    حذاري من حجر الأساس للتطبيع مع الصهيونية    صفاقس.. لحم الخروف ب68 دينارا و البلدية تشن حملة على" الجزارة"    مبادرة إنسانية في جبنيانة: سائق نقل ريفي يرافق تلاميذ البكالوريا مجانًا    المؤرخ التونسي عبد الجليل التميمي يفوز بجائزة العويس الثقافية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في ظل التجاذبات السياسية والعقائدية : بين التحريم والتحليل أيّ مستقبل للفن في تونس؟
نشر في الشروق يوم 03 - 04 - 2012

في ظل التجاذبات السياسية والعقائدية التي نعيش على وقعها اليوم وبين التحريم والتحليل أي مستقبل للفن في تونس؟ سؤال فرضه واقع المبدعين التونسيين بعد الاعتداءات المتكرّرة التي تعرضوا لها منذ 14 جانفي.

فالأحداث التي شهدها المبدعون منذ 14 جانفي تدعو إلى أكثر من سؤال: من يقف وراء هذه الأحداث؟ هل يحق لهؤلاء المعتدين تجريم وتكفير من يمارس الفن؟ كيف يمكن التصدي لزحف التيار السلفي الذي يريد أن يقف ضدّ الابداع والمبدعين؟ استفهامات يجيبنا عنها أهل القطاع ممّن تعرضوا للاعتداء وعاشوا هذه الأحداث.
وقد تعرضت مجموعة من المسرحيين الأحد 25 مارس الماضي الى الاعتداء من طرف مجموعة من السلفيين، الحادثة جدت في شارع الحبيب بورقيبة أثناء احتفال المسرحيين باليوم العالمي للمسرح وتظاهر السلفيين ضدّ تدنيس القرآن الكريم.

وقد لقيت هذه الأحداث ردود أفعال متباينة من أهل القطاع الذين حمّلوا المسؤولية للحكومة التي لم تتخذ الاجراءات القانونية الصارمة ضد المعتدين وما أثار أهل المهنة موقف وزارة الداخلية المتمثل في منع التظاهر في شارع الحبيب بورقيبة وهم الذين كانوا يريدون ردّ الاعتبار للمسرح وللمسرحيين بالاحتفال من جديد أمام المسرح البلدي.

واقع ينبئ بالخطر

ويقول المسرحي حمادي المزّي هذا الواقع الذي يعيشه المبدع التونسي اليوم واقع ينبئ بالخطر. مضيفا أن الاختلاف لم يعد في الأفكار وإنما الخوف الكبير من هذا المدّ الهلالي ومن الفكر الظلامي الذي يحرم الابداع.

ويقول المزّي إن القضية اليوم لم تعد في الابداع وإنما في الصراع القائم بين طرف يريد أن يبدع وطرف يريد قتل الابداع محمّلا المسؤولية للحكومة التي لم تكن صارمة في مواقفها.

حمادي المزّي التقى ومجموعة من زملائه مع بن جعفر وعبّروا له عن تخوّفهم من هذا الوضع الجديد الدخيل على الفن التونسي، وحملوه المسؤولية في الوقوف ضدّ هذا التيار كمثقف ومناضل يضيف المزّي: «وطلبنا منه التنصيص في الدستور على حرية الابداع وتجريم الاعتداء على الفنانيين».

ومن جانب آخر أكد حمادي المزّي أن عملية الابداع مستهدفة وسوف يواجهونهم بالابداع مضيفا أنه لن يتراجع إلى الوراء ولا أحد سيحرمه من 40 سنة من النضال المسرحي وذلك لن يكون إلاّ بتكريس ثقافة التسامح على حدّ تعبيره.

الفنان مقداد السهيلي: قضيتنا ليس النقاب والتحليل والتحريم

يقول الفنان مقداد السهيلي حول موضوع تحريم وتحليل الفن في تونس إن هذه القضية ليست هي التي قامت من أجلها الثورة، بل قضيتنا الأساسية هي الشغل والكرامة وجرحى الثورة وأموال الشعب وجلب بن علي وليس النقاب والتحليل والتحريم يضيف السهيلي «نحن وللأسف سقطنا في الفخّ.. يريدون ابعادنا عن المسار الصحيح للثورة وقد نجحوا... هذه «فتوىالجوعان» ومن يريد تعميمها لا يعرف معنى الاسلام».

يؤكد مقداد السهيلي: «الرسول صلى اللّه عليه وسلم كان يحب الموسيقى والفن، وفي حديث صحيح يقول: «يذكر أن السيدة عائشة كانت تنصت لنشيد «طلع البدر علينا» ولمّا هم الرسول بالوقوف قالت له السيدة عائشة هل تعبت فأجابها لا تفرّجي..».

«يريدون غسل الأذهان بفتاوى مغلوطة» يقول السهيلي: «هم لا يعلمون أن تونس بلد الاسلام منذ قرون... هؤلاء يصطادون في الماء العكر».

مسألة سياسية بحتة

الدكتور محمد القرفي امتنع عن الحديث في هذا الموضوع أي تحليل وتحريم الفن واعتبر أن المسألة سياسية بحتة وقد أجمع البعض الآخر أن الابداع هو المؤسس للحضارات وأن الفنون هي التي تؤرخ لهوية الشعوب ولولا الفن والابداع لطُمست الهويات وتبخرت الحضارات والفن الهادف من أقوى الوسائل لبناء المجتمعات .

الكاتب الحرّ سليم دولة : مصادرة الأداء الجمالي ليست مقصودة

ومن جانبه يتحدث ويحلّل الفيلسوف والكاتب سليم دولة هذا الاشكال: «أنا لست متخوّفا، إذ ثمة إرهاب والذي هو الخوف المرضي يأتي من أكثر من جهة، إذ الكل يخاف الكل، الذين يخافون على إيمانهم ممّا يسمّونه «الجاهلية الجديدة والوثنية الجديدة» كأنما تقودهم ذهنية يثربية (نسبة إلى يثرب) وينظرون الى الفنون على أنها أصنام متنكرة «للات والعزّة» في حين أن حتى تلك الأوثان والأصنام وإن عبدت فهي لم تكن مقصودة لذاتها وإنما هي مجرّد وسائط بين العبد والمعبود، بين الرب والمربوب.

ألم تتمّ محاربة النص المقدس ذاته باتهامه بأنه لا علاقة له بالمقدس أصلا وأنه ليس وحيا وإنما هو «أساطير الأوّلين» ونسب صاحب الوحي الى السحر والكهانة معنى ذلك أن مقاومة الفن وفق أشكال أدائه المختلفة كان دائما تحت عين المراقبة والمعاقبة إذ أن مطلب الشريعة سواء في ذهنية «الجامع» أو الكنيسة أو الكنيس كان دائما موضع تحريم ويكفي أن نستحضر رواية «اسم الوردة» ل«أمبارتو إيكو» الايطالي الذي شخص فيها خطر الكنيسة على الفكر الحرّ والنظرة الدينية إجمالا للأعمال الجمالية.

مراقبة الضحك باعتباره سلاحا ناعما وفاعلا ضد المتجهّم الاستبدادي فكأنما الاحتفال بالحياة وإشاعة روح الفرح والمرح والمساءلة الجمالية للواقع السياسي تمثل خطرا على المحلوم به دينيّا. بقي أنّ محاولة مصادرة الأداء الجمالي والابداعي عموما في تونس لا يبدو لي أنها مقصودة لذاتها أو نتيجة خوف مرضي من الفن وإنما امتحان للقوة أو لهذه الكتلة السياسية أو لتلك. امتحان يتعلق بالطاقة التي لهذا الحزب أو لذاك على التعبئة وهنا يسقط الفن رهينة حسابات واستراتيجيات ومشاريع لا علاقة لها بالشأن الجمالي.

يبيّن لنا التاريخ أن الحاسة الجمالية وملكة الذوق لدى الانسان مهما حوصرت وأخضعت للمراقبة والمعاقبة فهي تعود متنكرة في صيغ تتخذ لها طابع المقدّس وتنتج أحيانا متعة حالية عالية الرهافة والجمال، إذ تجمع بين ما يُسمى في النقد الجمالي قطبي الجميل «Le beau» والجليل «Le sublime» فمن لا يعجب مثلا بأشعار محي الدين ابن عربي أو بالمولوية والرقص الصوفي المنسوب الى مولانا جلال الدين الرومي. ذلك الذي لم يمطئن لعقيدة ثابتة وإن كان لا أحد بامكانه أن ينفي عنه الرهافة الابداعية.

فقد قال أنطونيو قرامشي حول علاقة الفن بالساسة «إنه مهما كان حكم رجل السياسة على الفن حكما جميلا، فإنه يظل في نهاية التحليل حكما سياسيا وليس جماليا». هذا إذا كان حكمه جميلا على الجمال. فما بالنا إذا تعلق الأمر بالتلاعب بالقيم الفنية بذهنية «تحسين القبيح وتقبيح الحسن»، وفق عبارة صاحب كتاب «يتيمة الدهر» لأبو منصور الثعالبي.

اختلاف الفقهاء

وقد اختلف الفقهاء والشيوخ في تحريم وتحليل الفن حيث ارتأى البعض الى أن بعضه حلال وبعضه الآخر حرام. في حين هناك من حرّمه وهناك من حلّله بالرجوع الى الأحاديث النبوية والقرآن الكريم ولكلّ تأويلاته الخاصة، لكن يبقى الفن من أرقى التعابير التي بامكانها أن تلخص حضارات برمتها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.