ارتبطت البداية القوية لمستقبل المرسى في هذا الموسم ونجاحه الى حدّ الآن في تأمين مرتبة مشرّفة ضمن كوكبة الطليعة بوجود المدرب الفرنسي «جيرار بوشي» الذي اتفقت بشأنه أكثر الآراء حول قيمة العمل الكبير الذي يقوم به في صلب الفريق.
«الشروق» التقت هذا المدرب للحديث حول مسيرة الفريق الى حدّ الآن والأسباب التي رافقت نجاح المرسى في التميّز خلال مرحلة الذهاب فكان الحوار التالي:
كيف تقيّم مسيرة المستقبل بمرور 13 جولة على انطلاقة الموسم؟
أعتقد أن النتائج التي تحقّقت الى حدّ الآن في سباق البطولة قد تجاوزت الأهداف التي رسمناها منذ البداية، حيث اقترنت النتيجة بحسن الأداء وعرفنا كيف نستغل بعض اللقاءات التي لعبناها على ميداننا لتأمين رصيد طيّب من النقاط ثم دعمناه ببعض الانتصارات الأخرى خارج ميدان الشتيوي ضد نادي حمام الأنف والملعب التونسي وكذلك الفوز الثمين الذي عدنا به من ملعب سوسة ضد النجم الساحلي.
من يقف وراء الظهور المميّز للفريق والمسيرة الموفقة الى حدّ الآن؟
مثلما تتوزع المسؤولية على كل الأطراف في حالات الاخفاق فإن النجاح كذلك هو نتاج طبيعي لمجهود مشترك، وفي وضعية فريق المرسى أعتقد أن المردود الايجابي والصورة الجديدة التي اكتسبها الفريق منذ انطلاقة هذا الموسم إنما هو ثمرة عمل كبير من جانب الاطار الفني وانضباط وروح انتصارية كبيرة تحلّى بها اللاعبون بالاضافة الى مصداقية في التعامل ورغبة كبيرة في النجاح وتحدّي الصّعاب من جانب الهيئة المديرة التي هيّأت أرضية طيبة للعمل ولم نشعر يوما أن الفريق يعاني من ضائقة مالية أو ما شابه.
إذا كانت كل الظروف مهيّأة وأسباب النجاح متوفّرة، ما الذي ينقص فريق المرسى حتى ينافس على الألقاب؟
هناك واقع يفصل بين الرجاء والرغبة في بلوغ الهدف فنحن صراحة لم نصل الى الحدّ الذي سننافس فيه على الألقاب قد نكون حقّقنا سلسلة من النتائج الايجابية واستطعنا بفضل عزيمة اللاعبين أن نتجاوز بعض العقبات لكن يبقى فريقي شابّ وهو في طور البناء وربما في موسمين أو ثلاثة يمكن أن نتحدث عن التتويجات لا ننسى أننا كنا في الموسم الماضي نصارع لأجل البقاء وبلوغ الهدف يجب أن يسلك الطريق الطبيعي والممنهج.
كأني بك أردت أن تقلّص من حجم الضغط على اللاعبين وأن لا تتعهّد بما يمكن أن يجعلك مطالبا بمزيد من النتائج الايجابية؟
الأمر صحيح الى حدّ ما، فإذا كانت النتائج السلبية والهزائم تحيل اللاعبين الى وضع نفسي صعب يحدّ من قدرتهم على العطاء فوق الميدان فإن الانتصارات كذلك تخلق للاعبين حالة من الانقياد الى الهزيمة، نحن أمام هذه الوضعية حرصنا كإطار فني أن نركز في عملنا على الجانب النفسي للاعبين الذين كنا نطلب منهم في كل اللقاءات اللعب على حقيقة امكاناتهم وتجنّب عنصر الثقة المفرطة.
تحدثت عن موسمين أو ثلاثة سيكون بعدها الفريق قادرا على التنافس من أجل اللقب، هل هناك استراتيجية عمل واتفاق بينك وبين الهيئة على بلوغ هذا الهدف؟
هناك برمجة واضحة وضعنا تفاصيلها باتفاق مع الهيئة المديرة ومشروع كبير في طريق الانجاز نهدف من ورائه الى إعداد فريق قوي نقطع به مع صورة الماضي ومع خيبات المواسم الفارطة، ويمكننا أن نراهن به على الألقاب.
هل يعني أن هناك اتفاقا بينك وبين الهيئة على مواصلة المشوار في الموسم القادم كمدرب للفريق؟
الهيئة المديرة للمرسى كانت حريصة على ضمان الاستمرارية بالنسبة الى مسألة الاطار الفني ومن جانبي أشعر براحة كبيرة وكل الظروف تدفعني للبقاء ومواصلة العمل لفترة إضافية.
كل الفرق الآن أصبحت تدرك أن فريق المرسى لم يعد سهل المنال والجميع سيقرأ لكم ألف حساب في قادم الجولات؟
فريقنا أصبح يجلب الاحترام وطبيعي أن تستعدّ لنا كل الفرق بشكل خاص جدا، وهذا ما سيجعل مهمتنا صعبة في باقي السباق، لكن هناك معطى إيجابي سيساعدنا من دون شك على مواصلة المسيرة بثبات وهو أننا سنلعب في راحة تامة بعيدا عن الصراع في أسفل الترتيب وبعيدا عن ضغط النتيجة وحتمية الفوز.
الظرف على ما يبدو مناسب جدا لتطعيم التشكيلة ببعض العناصر الشابة التي قد يستفيد منها الفريق في المواسم القادمة؟
بالعكس نحن قدمنا الى تشكيلة المرسى بعض العناصر الشابة التي أثبتت جدارتها باللعب مع الأكابر على غرار الحارس زياد الجبالي واللاعب عزيز المكي والظهير مروان الخلفي ونحن ماضون في هذا الاتجاه لكن بشيء من التروّي والتدرّج ولا يمكن في كل الحالات أن نغيّر خلال وقت قصير في هيكل الفريق فحتى الأحباء الذين يطالبوننا الآن بمنح الفرصة للشبان من الممكن جدا أن ينقلبوا علينا إذا لم يكن ذلك مرفوقا بالنتائج الايجابية فعقلية الجماهير التونسية في معظم الأحوال لا تهتم بطرق العمل والبرامج بقدر ما تتفاعل مع النتائج الحاصلة على الميدان.
فريق المرسى لم ينخرط بشكل جيّد في سوق مبادلات اللاعبين واكتفى في «الميركاتو» الشتوي بلاعبين فقط، فهل هي رغبة منك أم تقف وراءها الظروف المادية للفريق؟
شخصيا أرفض الانتدابات العشوائية وفي المرسى لا حاجة لي في انتدابات لتدعيم بنك الاحتياط، ولا حاجة لي الى لاعب لن يحمل في أقدامه الاضافة المطلوبة.
البطولة الآن في منتصف الطريق، فهل اتّضحت قليلا وجهة اللقب؟
يبقى الترجي الرياضي الفريق الوحيد الذي يمكنه أن يبلغ منصّة التتويج فهذا الفريق أكد على امتداد المواسم الأخيرة أنه رائد وعملاق الفرق على المستوى المحلي والقاري ولا شيء سيعيقه عن التتويج ببطولة هذا الموسم.
وكأني بك تجاهلت فريق النادي البنزرتي؟
بالعكس، نادي عاصمة الجلاء أشّر نتائجه في الموسم الفارط بأن دوره سيكون فاعلا في سباق البطولة لهذا الموسم واحتلاله لصدارة الترتيب الى حدّ الآن إنما هو تأكيد على جاهزيته للمنافسة على اللقب لكن في أحيان كثيرة تتفوّق الخبرة على الطموح.
كيف تقيّم مستوى البطولة الى حدّ الآن؟
البطولة بدون منافسة قوية بين أكثر من فريق تفقد طعمها وإثارتها ولا يمكن أن تستعيد ذلك إلا باستفاقة النادي الافريقي والنجم الساحلي.. أعتقد أن هذا الثنائي هو الوحيد القادر على منافسة الترجي لكن يبقى الاشكال بالنسبة إليهما هو عدم الاستقرار على المستوى الاداري والاضطراب الحاصل في محيطهما وتلك هي نقطة الاختلاف مع الترجي.