أكّد أمين عام المؤسسة العربية للديمقراطية محسن مرزوق أنّ العدالة الانتقالية تقوم أساسا على فتح ملفات الماضي، فطالما هناك انتهاكات لحقوق الإنسان حصلت وهناك ضحايا يطالبون بفتح ملفات معينة فيها وجاهة من منظور أنها تتعلق بانتهاكات جسيمة ومنظمة وذات طابع جماعي حصلت فمن البديهي الاستجابة إليهم وفتح هذه الملفات.
وبخصوص الفترة المعنية رأى مرزوق أنّها يجب أن تكون محلّ دراسة وأنه لا ينبغي طرح كلّ المراحل التاريخية في نفس الوقت، مقترحا تقسيم الفترة إلى ثلاث مراحل:
المرحلة الأولى تشمل ما حصل في الثورة الأخيرة وتبدأ من أحداث الحوض المنجمي عام 2008 إلى 14 جانفي 2011 لأن هذا الجرح مفتوح ويتطلّب المعالجة الفورية باعتبار أنّ هناك عملا أوليا قامت به لجنة تقصي الحقائق ويجب منح الهيئة المستقلة التي ستتشكّل تفويضا لمدة سنة مثلا للاشتغال استنادا إلى تلك الملفات، ثم نمر إلى المرحلة الثانية التي تشمل فترة حكم بن علي حيث يتم فتح ملف المساجين السياسيين والانتهاكات التي حصلت، أمّا الفترة الثالثة فتفتح ملف الماضي البعيد أي ما يمكن أن يكون قد حصل في فترة الحكم البورقيبي.
واعتبر مرزوق أنّ هذا التقسيم يمكن من عدم خلط المراحل التي تقتضي سياقات سياسية وتاريخية مختلفة.
وبخصوص قضية اليوسفيين رأى مرزوق أنّ مقاربتها مقاربة قضائية غير ممكن لأن أغلب الشهود ماتوا وأن المقاربة الممكنة والأساسية لهذا الملف هي المقاربة التاريخية والسياسية، موضحا أنّ «القضية حصلت داخل الحركة الدستورية وبالتالي تبقى مسألة سياسية، أمّا إثارتها الآن فهي سياسية وليست حقوقية بمعنى أنها محاولة استغلال سياسي خاصة ضد الباجي قائد السبسي ومحاولة منعه من العمل السياسي رغم أنني أتفهّم مطالب الضحايا اليوسفيين، فلا بدّ إذن من التمييز بين الجانب السياسي والجانب الحقوقي.
وردّا على سؤال حول احتمال طي صفحة الماضي دون قراءتها أو دون محاسبة المذنبين اعتبر مرزوق أنّ دولا عديدة عاشت فترات مماثلة لما تعيشه تونس وعقدت اتفاقات أغلقت بموجبها الملفات، ففي الشيلي تم مسار العدالة الانتقالية في إطار تسوية مع بينوشيه الذي استمر في الحكم لعشر سنوات وكذلك في جنوب إفريقيا لم تُفتح كلّ الملفات، فالمهم في العدالة الانتقالية ضمان عدم تكرار ما حصل مستقبلا».
وتابع مرزوق قائلا «بالنسبة إلى تونس وفي قضية اليوسفيين لا أحد قال إني غير مستعد لفتح القضية، وحتى تصريحات قائد السبسي الأخيرة التي قال فيها إنه لا فائدة من تقليب ملفات الماضي المقصود بها أن لا فائدة في ذلك من المنظور القضائي، ولمن لا يعلم فإن الباجي قائد السبسي هو الذي ساعد زوجة بن يوسف على الهروب والالتحاق بزوجها.
وخلص مرزوق إلى القول إن «المطلوب في تونس اليوم ليس قانون الصمت بل قانون الحكمة... الحكمة في تقسيم المراحل وتناولها، والحكمة في الحكم على القضايا وعدم التشفّي.