شيماء لا تقوى على تحريك يديها ولا على استعمالهما حتى في تغيير ملابسها، وكأنها لم تبلغ من العمر تسعة أعوام مأساة الطفلة شيماء الهداجي لا تنحصر عند هذا الحد بل تتعداه إلى الآلام التي تلازمها فتبكيها وتبكي معها أفراد أسرتها. كانت أمها تتحدث بكل لوعة وحرقة وكأنها تريد أن تثبت لنا أن صمتها قد طال وصبرها قد نفد ولم تعد قادرة على التحمل أكثر ممّا تحمّلت. هي عاشت مع زوجها وابنها البالغ من العمر عشر سنوات وابنتها ذات التسع سنوات حياة كلّها فقر وبؤس في منزل يفتقر للماء الصالح للشراب والنور الكهربائي. يوجد هذا المنزل داخل حقل في أقصى قرية «باطرو» التابعة لمعتمدية بني خلاد من ولاية نابل، لا جيران هنا تستعين بهم ولا أصدقاء ولا زائرين غير جحافل الجرذان التي تتوافد على منزلها حتى أنها أصبحت يائسة من القضاء عليها خاصة وأن منزلها قديم ومتهاو وكلّه حفر وجحور، تغلق نوافذه وأبوابه المهشمة بواسطة ورق مقوى (الكرذونة)، أمّا أثاث المنزل فهو عبارة عن جملة من الحشايا الممزقة والافرشة القديمة التي جاد بأغلبها أهل البر والاحسان. والد شيماء عامل يومي يقضي كامل يومه في الاعمال الفلاحية حتى انه يعمل ساعات اضافية ارضاء لصاحب الارض دون كلل أو ملل. أما الأم فبالرغم من حالتها الصحية المتدهورة وضعف بنيتها الجسدية، فهي لا تتوانى عن العمل مع زوجها حتى تعينه على اعالة اسرتها. لكن ما نكّد حياتهم وزاد الطين بلّة هو حرص الابوين الشديد على معالجة ابنتهما الوحيدة التي ساءت حالها منذ فترة طويلة حتى صارا عاجزين عن تحمّل رؤيتها وهي تئن وتتألم. تقول هذه الام الملتاعة ان ابنتها هذه ولدت بإعاقة عضوية حيث لا تستطيع استعمال يديها كغيرها من الاطفال، ولهذا فالأم هي التي تقوم على كل شؤونها وكأنها رضيعة في سنتها الاولى. هذه البنت لا تقدر على الاكل بمفردها ولا تقوى على تغيير ملابسها، لكن ما يؤلم والدتها حسب قولها هو معاناة البنت مع الالم الذي يشتدّ بها خاصة في الليل حيث تقضي العائلة كامل الليلة ساهرة محاولة التخفيف من ألمها بتمسيد يديها المصابتين تارة والاكتفاء بمواساتها تارة أخرى. وقد أفادنا والد المريضة انه ضحّى كثيرا في السعي إلى علاج صغيرته فخضعت إلى عملية جراحية على إحدى يديها في مستشفى عمومي لكن هذه العملية الجراحية لم تكلل بالنجاح فلم تتحسن حالتها الصحية. وأضاف أن الطبيب المعالج لابنته نصحه بضرورة اجراء العملية الجراحية في مصحة خاصة لاجل ضمان نجاحها فكان منذ سنوات يحاول وزوجته توفير ثمن العملية الجراحية لابنته لكن كثرة مصاريف التداوي والتنقل ومرض الزوجة ومصاريف الأسرة في مقابل محدودية المداخيل حالت جميعها دون ذلك. وناشدت الام جميع الجهات المحلية والجهوية والجمعيات الخيرية من خلال جريدة «الشروق» علّها تساعدها في علاج ابنتها التي سئمت رحلة العذاب والمعاناة والألم علها تعيش حياة طبيعية كغيرها من الاطفال.