الإشكال يقوم أساسا في المدة الزمنية المتاحة هكذا باشر عبد الحميد الجلاصي نائب رئيس حزب حركة النهضة بالرد عن سؤالنا حول وعود النهضة الانتخابية بين المعلن والمنجز مضيفا أن النقاش كان قائما في البداية حول المهمة السياسية الجديدة وهي مهمة تأسيسية. وذلك وفقا لما آتفق عليه كما اتفقنا أنه لابدّ من حكومة تدير شؤون البلاد ويتولى المجلس التأسيسي الدور التشريعي والرقابي. كما قال الجلاصي ما حصل في أذهان الناس هو كلّ ما روّج في الحملة الانتخابية «وفي تقديري النهضة كانت واضحة في حملتها الانتخابية ونحن لا نعد إلاّ بما نستطيع تحقيقه والبرنامج الذي قدمناه في حملتنا برنامج طويل المدى ونحن نسعى في 2012 الى وضع الأسس في الانطلاق الاقتصادي وبالتالي شعارنا في 2012 هو تعبيد الطريق من أجل اصلاحات أكبر في ظرف زمني أكبر».
وأوضح نائب رئيس الحركة أنّ أحزاب «الترويكا» اتفقت منذ البداية على الاصلاح خلال نقاشاتها لكن هذا الاصلاح غير ممكن حاليا بالحجم الكثيف «والتحدّي الذي نواجهه اليوم هو كيف يمكن اجراء اصلاحات في ظرف محدد».
ويرى المتحدث «أن حكومة «الترويكا» نجحت الى حدّ الآن في الخفض من الاعتصامات التي أدت الى ايقاف نشاط مصانع كما أوقفت نشاط المجمع الكيمياوي وشركة فسفاط قفصة وهي اليوم بصدد اعادة الثقة للمؤسسة الامنية نحو أمن جمهوري ونحن حريصون على استمرار التحالف الثلاثي كإشارة جيدة للاستقرار السياسي».
وحول عدم الأخذ بعين الاعتبار بالوثيقة الاقتصادية المشتركة التي صاغها خبراء ممثلون للأحزاب الثلاث في اعداد البرنامج الحكومي وانفراد النهضة بتقديم مقترح قانون المالية التكميلي قال الجلاصي في برنامج الحكومة كانت هناك خيارات صعبة وقراءة الميزانية التكميلية أهم ما فيها أن تكون قراءة سياسية فبقدر تحفيز رأس المال بقدر إعطاء البعد الاجتماعي أهميّة. وأوضح أنّه تمّ تسجيل مؤشرات جيدة في المجال الاقتصادي من ذلك زيادة في مؤشرات الموسم السياحي مقارنة بمؤشرات 2010 كما ارتفعت نوايا الاستثمار وأن عرض قانون المالية التكميلي على المجلس التأسيسي خلال الاسبوع القادم يعني أن الحكومة أصبح لديها برنامج وخارطة طريق. وأضاف «أسمح لنفسي بالقول إنّه هناك بعض البطء لكن هناك نوايا ومن ضمن مطالبنا تسريع الاجراءات فيما يتعلق بالمقدرة الشرائية للمواطن».
التزام بالوعود
ردّا عن سؤالنا حول عدم الالتزام بما جاء في النقطة 50 من البرنامج الانتخابي للحركة والقاضية ب«التعامل بالحكمة وتجنّب الانفراد بالقرار وسيادة العقلية التوافقية...» والذي برز من خلال تعيينات المسؤولين على رأس المؤسسات الاعلامية العمومية دون تشاور مع الشريكين في الحكم وكذلك تسمية ولاّة من أبناء الحركة أجاب الجلاصي «لا للمزايدة ولابدّ من ثقافة سياسية فبعد كل انتخابات هناك طواقم ما بين الاداري والسياسي يتمّ تغييرها فهم سيكونون أيادي تنفيذية مقتنعة بالبرنامج وتريد تنفيذه وهذا يحصل في الولاياتالمتحدةالامريكية وفي فرنسا وغيرها ففي الولاياتالمتحدة هناك 10 الآلاف من التغييرات تتم بعد الانتخابات هذا أمر عادي لكن مع مراعاة الكفاءة.
وبيّن أن التقييم لا بد أن يقوم على مدى التزام المسؤول بصفة رجل الدولة لا رجل الحزب وبالتالي تقييم أدائه وتعامله أثناء أداء مهمته وأضاف «حتّى لا نزايد على بعضنا البعض هناك سياسيّون حين تولوا حقائب وزارية في الحكومات السابقة التي تحظى بشرعية التوافق قاموا بتعيينات من لونهم السياسي لكننا اليوم أمام حكومة تتمتع بالشرعية الانتخابية».
وعن سؤالنا حول النقطة 41 من البرنامج الانتخابي الداعية الى «ضمان الحريات الاعلامية وحماية الاعلاميين ضدّ كل أنواع الاعتداء» أجاب عبد الحميد الجلاصي «لأننا ذقنا الاستبداد وتسلّط علينا الاستبداد بأشكال مختلفة نحن نعرف جيّدا طعم الحرية فهي مكسب لنا ومكسب للبلاد».
وذكر انّ في المسار الثوري قد تقع أحداث ما «وهذا ممكن لكن إن وجدت تجاوزات نحن نرفضها أيّ كان التونسي الذي تمّ الاعتداء عليه سواء اعلامي أو حقوقي أو مواطن عادي أو غيره فلا أحد مسموح له بإحداث دولة موازية والطرف الوحيد الذي بإمكانه استعمال العنف في اطار القانون هي الدولة».
وبعد صمت قصير يضيف «أنا لا أرى الصحفيين مستهدفين كفئة وأنا ضدّ الفوبيا والشعور باضطهاد أي فئة» مؤكدا أن القادمون الجدد للحكم بصدد التدرّب على الديمقراطية. وحول مدى تطبيق الوعد الذي جاءت به النقطة 37 الداعية الى «احترام الحرمة الجسدية للمواطن وتجريم التعذيب وسن قوانين صارمة لمعاقبة كل من يتورط فيه» وذلك على خلفية ما جدّ من أحداث عنف أثناء تفريق الامن لمظاهرة 9 أفريل وتصدّيه لاعتصام في حي الملاحة برادس قال الجلاصي «أتفهّم ذلك الموقف ولا أبرره ونحاسب كلّ من يتجاوز لكن نتفهم عامل الزمن». وانتقد الجلاصي «الجزء من الصورة» الذي روّجه الموقع الاجتماعي فايسبوك أو بعض القنوات التلفزية والتي تظهر الامن في ثياب المعتدي قائلا «هذا جزء من الصورة وما يجب أن نعلمه هو أن الامن كان محكوما بعقيدة أمنية أخرى قبل الثورة ثمّ إنّ لدى وزير الداخلية مشروع إصلاحي لكنّه يتطلب الوقت ونحن نتكلّم دوما عن عامل الوقت لأنه مهم جدّا».
كما انتقد عبد الحميد الجلاصي أيضا تقييم عمل الحكومة بعد 100 يوم مبرزا أن الأمر سيكون مقبولا لو تمّ في ظروف تتميّز بالاستقرار «لكننا في مسار ثوري وهناك عدم استقرار» وانتقد أيضا الحكومة ومن ورائها الإعلام قائلا إنّ «الحكومة تعاني من مشكلة تواصل مع الناس وهو دور يؤديه الإعلام».