لم يكتمل أمس النصاب القانوني لانعقاد الجلسة العامة الخارقة للعادة التي دعت إليها هيأة المحامين، التي كان يفترض أن تنعقد وسط العاصمة، وتقرّر تأجيلها إلى يوم 5 ماي المقبل لتنعقد مهما كان عدد الحاضرين. الجلسة كانت مخصّصة للإجابة عن سؤال «هل تقبل بأن يتولى الأستاذ شوقي الطبيب خطة العميد للمدة النيابية المتبقية» عبر التصويت، الاّ أنّ الحضور المكثّف لم يستطع، كما جرت العادة في المحاماة، أن يجمّع 2541 محاميا، وهو الرقم السرّي الذي يعني ثلث العدد الجملي للمحامين الذين لهم حق التصويت وعددهم 7621، وهي شروط القانون المنظّم لمهنة المحاماة، الذي يقضي بإرجاء الجلسة العامة في حال عدم اكتمال النصاب وانعقادها في أجل لا يقلّ عن 15 يوما وتعقد بمن حضر.
الجلسة العامة الخارقة للعادة التي لم تنعقد أمس حضرها 477 محاميا، رغم أنّ عدد الحاضرين حسب التقديرات يتجاوز الست مائة، اذ فضّل بعض المحامين الحضور جسديا دون الحضور قانونيا، بعدم الإمضاء على وثيقة الحضور.
ورغم عدم الانعقاد الاّ أنّ الجلسة العامة أبلغت رسائل مهمّة، عبّر عنها الحاضرون برفع شعارات ترفض تقسيم المهنة، خاصة بعد أن دعا العميد شوقي الطبيب، متأثرا، زملاءه بأن يتّقوا الله في المحاماة، وكان الرسالة تتمحور حول واجب التصدّي لكلّ محاولات ضرب وحدة هذه المهنة التي عجز بن علي خلال مشروع تقسيم المهنة إلى هيئات حسب الجهات، اذ ألقى العميد المتنازع حول شرعيته كلمة اعتبر أنّ الاختلاف حول تأويل الفصلين 56 و 60 من المرسوم المنظّم لمهنة المحاماة تحوّل الى خلاف ثمّ الى أزمة، وقال، إنّه في صورة التصويت لفائدته فإنّه سيعمل وفقا للبرنامج الذي كان قد عرضه سابقا، بالدفاع عن المهنة وشبانها والتركيز على التكوين وعدم مركزة نشاط الهيئة، واذا لم يحظ بثقة زملائه قال إنّه سيعمل من موقع عضو الهيئة.
الجلسة لم يحضرها رئيس الفرع الجهوي للمحامين بتونس الأستاذ محمّد نجيب بن يوسف، أقوى الخصوم بالنسبة إلى العميد الطبيب، كما لم يحضرها الكاتب العام المقال الأستاذ رشاد الفرين الذي تمّ نعويضه بالأستاذ بوبكر بالثابت الكاتب العام الجديد، ولم يحضر أيضا الأستاذ محمّد رشاد البرقاش رئيس الفرع الجهوي للمحامين بسوسة الموجود في مهمّة بالخارج ، والأستاذة ريم الشابي عضو مجلس الهيئة.
فيما حضر بقيّة الأعضاء وخاصة الأستاذة سعيدة العكرمي، ذات الوزن المهم في مثل هذه الموازين، وفتحي العيوني، أحد أبرز الرافضين لعمادة شوقي الطبيب وهو الذي نقل الخلاف الى القضاء، الذي لم يسانده استعجاليا، ومازال ينتظر الحكم الأصلي.
والأهم في «مشروع» الجلسة العامة الخارقة للعادة، هو الالتفاف المثير للانتباه حول مجلس الهيئة الحالي برئاسة العميد شوقي الطبيب، اذ رفعت شعارات تدين التدخّل في شأن المحاماة، وكانت الأجواء «ساخنة» ذكّرت بالأجواء التي كانت تدار فيها الجلسات العامة تحت حصار جماعة بن علي في مهنة المحاماة، أيام الأساتذة الحبيب عاشور ومحمود المهيري وعبير موسى وكريم جوايحية وغيرهم... وقد علّق أحد المحامين قائلا وكأنني أراهم يعودون ولكن بوجوه جديدة وبتصوّرات جديدة لكن بنفس الأسلوب.
المحامون اليوم وجّهوا رسالة مضمونة الوصول بأنّ ضرب وحدة المهنة أمر صعب المنال يخضع للقول «لو»، ولكن يبدو أنّ الرسالة غير المعلنة أيضا، بأنّ الصراع الذي قلنا في «الشروق» سابقا إنّه قد يفضي إلى مهنة برأسين، قد قطعت الرأس الثاني الذي لم يبق أمامه غير العودة إلى الإجابة عن السؤال المقدّر.