«إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بدّ أن يستجيب القدر» قالها شاعر الحياة والخلود «أبو القاسم الشابي» وأعادها محمد عبد الكافي في كتابه «إسبانيا من الدكتاتورية الى الديمقراطية». أمثولة وقدوة، كتاب ارتحل فيه صاحبه بين شوارع إسبانيا ليوثق لنقلة عاشها الشعب الاسباني حين تحول من الدكتاتورية الى الديمقراطية. وفي إطار أنشطتها الثقافية الشهرية تمّ مساء الجمعة الماضي بمقر جمعية قدماء نهج الباشا تقديم كتاب «إسبانيا من الدكتاتورية الى الديمقراطية» عن «دار سحنون للنشر والتوزيع». الكتاب صدر في 549 صفحة و5 أبواب مقسّمة الى فصول وعناوين تبرز المراحل التي يريد صاحب الكتاب الحديث حولها.
كاتب ومؤرخ
ومحمد عبد الكافي بدأ حياته العملية بالاذاعة التونسية في عهد الحماية الفرنسية فعمل كمنسّق ومذيع وكتب البرامج المختلفة، انتسب الى الحركة الوطنية التونسية الى أن أجبرته الظروف السياسية على الهجرة الى الخارج وهو الآن مدرّس بمدريد ونائب نادي الصحافة العالمي وجمعية المراسلين الأجانب بإسبانيا من أعماله «قصّة بين قلبين» و«حكايات شعبية تونسية»..
وعن جدوى أن يكتب مؤلف تونسي تاريخ إسبانيا المعاصر؟ يجيب محمد عبد الكافي لكثرة ما تأمّل وشاهد كيف يبني شعب إسبانيا حاضره، ويعدّ لمستقبله متّعظا بالماضي معتبرا للحاضر، ومتشوّقا للمستقبل، اندفع عبد الكافي يدوّن بعض ما شاهد علّه يعطي مثالا للعرب أيّا كانوا، وحيثما كانوا، على أن الشعوب قادرة على النهوض والسير والرقي إذا ما تخلّى كل فرد عن غروره وأنانيته واحترم رأي غيره واتخذ الحوار آلة وسلاحا.
رجل عاش التحول الاسباني
ويوحي العنوان «إسبانيا من الدكتاتورية الى الديمقراطية أمثولة وقدوة» بمضمون الكتاب وهو شامل لآراء وملاحظات رجل عاش التحول الاسباني الحديث وشاهد الشعب وهو يصوغ تجربته في التحول فرتّب المعلومات ونظّر الأحداث وقدمها بطريقة مستساغة ومردفة بكمية ثمينة من الأخبار والصور والخرائط المدعّمة لشهادته. ويمرّ المؤلف بأن «مشاهد التحول الاسباني وما اتّصف به خصوصا من سرعة ومرونة أوحت له بأفكار ودفعته الى مقارنات فرضت عليه التفكير في ما تمرّ به بلادنا العربية وما هي في حاجة إليه من تغيير نظم وإبدال أساليب واتباع طرق واكتساب أخلاق تبعثها من رقادها وترمي بها متيقّظة متحدة في حلبة سباق الزمن الذي لا يرحم فتستعيد مكانتها وتمسح كرامتها مما لوّثتها به الأيام»، على حدّ تعبير محمد عبد الكافي الذي أكد أن من حسن حظه أنّه عايش هذه الأحداث وكان شاهدا على شعب هو الذي صنع التحول وأظهر نضجا وصبرا وغاب عنه العنف.
الإرادة تصنع التاريخ
يقول عبد الكافي «رأيت شعبا يبحث عن الديمقراطية..» ويضيف «نحن مستعدون.. أضف الى هذا ما في باطننا من نفاق وخوف..، في حين أن الشعب الاسباني يقول صاحب الكتاب وبالرغم من تخلّفه في سنوات السبعينات إلا أنه في 10 سنوات كل شيء تغيّر لأنه شعب يتصف بالإخلاص، شعب لديه رؤية واضحة..»، «والى المستقبل تسير اسبانيا» يقول صاحب الكتابة، لأن المستقبل كما يقول السيد «سووارت» ملك له ملكة الحرية وأن الارادة الحرّة التي يتمتع بها الناس الذين يواجهون هذا المستقبل، انطلاقا من شروط هيكلية وقوى عاملة داخل المجتمع الذي يعيشون فيه، هي التي تصنع التاريخ..»، فهل يصنع الشعب التونسي تاريخه من جديد؟ وهل سيوثق محمد عبد الكافي مراحل هذا التحول؟