أيها العابرون في مدى الفرح المهزوم تهيؤوا.. لليل الغزاة الطويل وبدء الخطى القادمة.. فقد تاه في الأفق طير ينشد الصحو لشكل الحريق.. يقول لقلبه الباكي تمهّل اذا عجّت به النكبات وناحت على شوقه شرفاتنا النائية.. تمهّل اذا ضاق بالصبر صوت الوليد وماتت على صدره أغنياتنا الغاضبة.. أيها العابرون في الخريف الأخير على موتكم كيف يحلو الرثاء! على صمتكم كيف يُجدي النداء! فهل في دروب الملح يُزرع الورد أم في الدفاتر الصفراء تكتب ذكرياتنا البائدة وهل في صقيع الليالي نُهادن الدفء لنغفو الشتاءعلى نخبه.. نحتسي الفرحة الزائفة تموت القوافي على ضفة الشعر وتنسى القبيلة شوق القصيدة الثائرة.. فما عاد في الوجه بريق ليكفي ضياء يحدّق في النجمة الهائمة.. ما عاد في العمر دماء لترسم في العروق حنين الكبرياء وصوْلة أمة غابرة.. ما عاد في دربنا ما نقول سوى أننا جرة حبر في أسطر عابرة.. أيها العابرون صوب الغباء هل في الحياء ما يكفي وجوها تمعن في الحلم نظرة حائرة هل في الفؤاد ما يكفي حنينا لنمضي بقايا وجود يغلّف بالعبرات عيوننا الدامعة شوارعنا المنهوبة أقفر شوقها دون الحكاية الغائمة.. مدائننا ارتضاها كل غريب عيونه غاضبة.. أيها القابعون هنا او هناك لا تسألوا عن الفرح كيف صار لا تبحثوا عن طيرنا الشادي أين طار لا تنشدوا الصوت اذا ضاع فشدّوا قلاع الهزيمة في مدارها..