الحماية المدنية : 64 تدخلا لإطفاء حرائق خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية    إطلاق سراح الشاب ريان خلفي الموقوف بالسجن المدني ببنزرت    تونس تطالب باسترجاع كنز من المريخ!    تقرير: إسرائيل تستعد لضرب إيران بشكل منفرد    منتخب الأصاغر يواجه ودّيا نظيره الجزائري    نهائي كرة السلة: الإفريقي يستقبل الاتحاد المنستيري في ثالث مواجهات النهائي    كأس تونس: تقديم موعد مواجهتي نصف النهائي    طقس ''الويكاند'' كيف سيكون؟    منع هيفاء وهبي من الغناء في مصر يصل القضاء    أحمد السقا يعلن طلاقه من مها الصغير بعد 26 عامًا من الزواج    عاجل/ في العاصمة: طبيب يطعن زوجته بسكين..    صادم/ جريمة مروعة: عامل ينهي حياة أمه ب"آلة حادة"..    بداية من الغد..سوق الفلاح التونسي بأسعار مناسبة من الفلاح إلى المستهلك..    غوغل تُحدث ثورة في البحث: إطلاق وضع جديد مدعّم بالذكاء الاصطناعي    بايدن ينفي علمه المسبق بإصابته بسرطان البروستاتا    "الموساد" يحصل على الأرشيف السوري الخاص بالجاسوس إيلي كوهين    سلسلة فيفا للشباب 2025 تحت 16 عاما - المنتخب التونسي يلاقي غدا الخميس نظيره السويسري من اجل المركز الثالث    موسم حبوب واعد في منزل تميم وتثبيت تسعيرة التجميع    عاجل/ "الثغرة القاتلة".. اجتماع "سري" لمحمد السنوار تسبب بمقتله..ما القصة..؟!    من العقود الهشة إلى الترسيم القارّ: قانون جديد ينصف آلاف العمال في تونس    عيد الإضحى: 21 دينار و900 ملّيم للكلغ الحيّ    عدول التنفيذ يُحذّرون من تغييب التوازن التشريعي ويُطالبون بحماية خصوصيات المجتمع في قانون عدول الإشهاد    وزير البيئة في زيارة ميدانية إلى ولاية جندوبة    فلاحون يرفضون 21 دينار للكلغ الواحد: ''العائلة اللي ربت العلوش تكلّف عليهم دم قلبها''    عاجل/ مقتل أطفال واصابة آخرين في هجوم انتحاري على حافلة مدرسية في باكستان..    وزير الشؤون الاجتماعية: ''في تونس يُرفض شخص من أجل الخطبة لأنه غير مُرسّم''    كيف سيكون الطقس الأيام القادمة: حرارة غير عادية أم هواء بارد وأمطار؟    مانشستر سيتي يصعد للمركز الثالث بفوزه 3-1 على بورنموث في اخر مباراة لدي بروين على ملعب الاتحاد    رسميا: الفيفا تكشف عن برنامج مباريات الترجي في مونديال الأندية 2025    وزارة الفلاحة: تمت مداواة 11 الف و 875 هكتار من الاراضي جنوب البلاد ضد آفة الجراد الصحراوي    وزارة النقل تضبط قائمة أعضاء اللجنة الاستشارية في مجال التكوين البحري ومهامها    تم التصويت عليه فجر اليوم: هذه فصول القانون المتعلق بتنظيم عقود الشغل ومنع المناولة    طقس اليوم: الحرارة في انخفاض طفيف    صفاقس : اليوم افتتاح الصالون المتوسطي للبناء "ميديبات 18" ...دورة واعدة لأكبر معارض البناء في تونس    صدمة في الكونغرس.. نائبة أمريكية تعرض صورها عارية وتكشف عن جريمة خطيرة!    وزارة الصناعة والمناجم والطاقة تلغي امتياز استغلال المحروقات "بيرصة"    "اعتقال" قطة "بتهمة" تهريب مخدرات إلى سجن في كوستاريكا    عن «فيلم البوسير» لمولدي الخليفي : تونس تتوّج بجائزة مفتاح العودة في غزة    المهدية: عن شريطها الوثائقي «غار الضّبع»: التلميذة نهى الوحيشي تفوز بلقب سفيرة المتاحف    تحديد السعر المرجعي لأضاحي العيد لهذا العام ب 21.900 د للكلغ الحي بنقاط البيع المنظّمة    "عطر الذّاكرة" في اختتام شهر التراث دار الثقافة سبيطلة    تونس تبرز في جنيف كقوة اقتراح وشريك فاعل في الصحّة العالمية    السينما التونسية بين الماضي والحاضر: موضوع لقاء ضمن فعاليات مهرجان كان السينمائي الدولي    نابل تحتضن الدورة الثانية من الملتقى العربي للنص المعاصر تحت شعار " المجاز الأخير: الشعر تمرين على الوجود"    جمعية الصحة العالمية تعتمد بجينيف اتفاقية الوقاية من الجوائح الصحية والتأهب والاستجابة لها وتونس تصوت لصالحها    من الهند إلى تونس: عيد الألوان يغسل الحزن بالفرح    توننداكس يزيد ب10،25 بالمائة نهاية الثلاثي الأوّل من 2025    كأس تونس لكرة القدم : تعيينات مباراتي الدور نصف النهائي    وزير الصحة يؤكد استعداد تونس لتكون منصة إقليمية لتصنيع اللقاحات والأدوية    تقلبات جوية منتظرة بداية من هذا التاريخ    غياب الترشحات لرئاسة وعضوية الهيئة المديرة للنادي الصفاقسي    طقس اليوم: ظهور خلايا رعدية محلية مرفوقة بأمطار    صفاقس: افتتاح وحدة حديثة لتصفية الدم بالمستشفى الجامعي الهادي شاكر    موعد رصد هلال ذي الحجة    هذا موعد رصد هلال شهر ذي الحجة..#خبر_عاجل    رصد هلال ذو الحجة 1446 ه: الرؤية ممكنة مساء هذا التاريخ    لا تُضحِّ بها! هذه العيوب تُبطل أضحيتك    من تجب عليه الأضحية؟ تعرّف على الشروط التي تحدّد ذلك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النهضة والحداثيون في مظاهرة 1 ماي : «يا فرقاء الساحة اتحدوا»
نشر في الشروق يوم 29 - 04 - 2012

في الواحد من ماي سنة 1951 قال الزعيم الراحل فرحات حشاد «عيد الشغل أصبح عيد الشعب» فهل يتقرّر مصير الشعب هذا الثلاثاء 1 ماي 2012 والاتحاد العام التونسي للشغل يستعدّ لتنظيم مسيرة حاشدة بشارع الحبيب بورقيبة الذي تحوّل الى رمز التصادم بين مشروعين يقفان على طرفي نقيض.
شكّل الاتحاد العام التونسي للشغل على مدى تاريخ دولة الاستقلال جبهة احتوت تقريبا كافة التيارات السياسية المعارضة للسلطة بقطع النظر عن تكيّف مواقف مختلف قياداته مع مواقف نظامي بورقيبة وبن علي لذلك يرى عدد من الملاحظين والمتابعين للشأن السياسي والنقابي في تونس ما بعد الثورة أنه إن كانت هناك جبهة قادرة على إقلاق السلطة الجديدة في تونس فهي الاتحاد العام التونسي للشغل وذلك لعدة اعتبارات تتعلّق بالتاريخ والهيكلة والانضباط والتنظّم ومن هنا تأتي مخاوف حركة النهضة العمود الفقري للتحالف الحاكم من مسيرة الثلاثاء القادم على هامش الاحتفال باليوم العالمي للعمال والذي قد يوفّر فرصة تاريخية أمام القوى التقدمية الى بلورة المشروع الحداثي الذي أصابه التهرّي نتيجة الانقسامات واختلاف الرؤى والمناهج وأدوات العمل لدى مختلف الأطياف المكوّنة للمعارضة التقدمية أحزابا كانت أو مجتمعا مدنيا.
وإن سعت عديد الاحزاب والشخصيات السياسية على اختلاف مرجعياتها الفكرية الى إفراغ الاتحاد العام التونسي للشغل من مضامينه النضالية مباشرة بعد الثورة بالمسّ من قياداته ورموزه فإن نفس تلك الأحزاب والشخصيات السياسية تتلمّس اليوم نتائج تلك الأخطاء الفادحة التي ارتكبتها في حقّ المنظمة الشغيلة وتداعياتها على المشهد السياسي في تونس لذلك قد لا تفوّت تلك الأحزاب الحداثية الفرصة التي توفّرها مسيرة الثلاثاء القادم للتصالح مع الاتحاد العام التونسي للشغل بل والى تفعيل دوره من جديد كجبهة مضادة للنظام الجديد في تونس.
من ساحة القصبة
الى ساحة محمد علي
تمثّل ساحة محمد علي الواقعة أمام مقر الاتحاد العام التونسي للشغل بتونس العاصمة في الذهن العام للتونسيين قلعة للاحتجاج وفضاء للاعتراض على قرارات السلطة لكن شيئا ما حدث غداة ثورة 14 جانفي رفع عن المكان قدسيته وشرعيته النضالية ليرمي بهما على مكان آخر وهو ساحة القصبة أمام مقر الحكومة وقد تكون الحملة التي شنتها عديد الشخصيات اليسارية على قيادة الاتحاد في ذلك الوقت وراء إضعاف المنظمة الشغيلة وساهم في هجر الجماهير لساحة محمد علي ولربما فهمت نفس تلك الشخصيات اليوم حجم الخطإ الذي ارتكبته خصوصا بعد انتخابات 23 أكتوبر والتي بيّنت أن عدم استغلال القاعدة الجماهيرية العريضة للاتحاد العام التونسي للشغل كان من أسباب فشل الأحزاب الحداثية في تلك الانتخابات. والغريب أن جلّ تلك الأحزاب الحداثية تشكّلت ونضجت داخل الاتحاد نفسه والى حدّ اليوم وخصوصا بعد مؤتمر المنظمة الأخير بمدينة طبرقة تجد هذه الأحزاب امتدادا لها في مختلف تمثيليات الاتحاد بدءا من النقابات الأساسية ووصولا الى المكتب التنفيذي نفسه لذلك لم يكن هناك داعيا لأن تقطع وريدها بنفسها وهو ما يفسّر المواقف الجديدة لقيادات البعض من تلك الأحزاب التي تحاول العودة الى حضن الاتحاد من أجل بناء جبهة ديمقراطية حداثية مضادة للمشروع الذي تقترحه السلطة المنبثقة عن انتخابات 23 أكتوبر ولعلّ العودة الى ساحة محمد علي يوم الثلاثاء القادم قد يعيد الاتحاد الى موقعه الطبيعي ويسمح للأحزاب التقدمية والحداثية باستغلال قدرة المنظمة الشغيلة على التعبئة ومواجهة مشروع السلطة.
من جراد الى العباسي
لقد كيّف الاتحاد العامه التونسي للشغل علاقته بالسلطة السياسية وفق ما تقتضيه طبيعة المرحلة وموازين القوى الاجتماعية واتّسمت تلك العلاقة بالشدّ والجذب بين قيادات الاتحاد والنظام سواء في فترة حكم بورقيبة أو بن علي وإن كانت قيادة المنظمة الشغيلة قد وقفت مع الحبيب بورقيبة في صراعه مع صالح بن يوسف ما بين سنتي 1955 و1956 فإن تلك العلاقة سرعان ما تحولت الى عداء بسبب إبعاد السيد أحمد بن صالح عن الأمانة العامة للاتحاد بأمر من بورقيبة نفسه.
هذا الوضع الجديد حوّل المنظمة الشغيلة إلى قلعة تجذب إليها كل المعارضين والغاضبين من سياسة بورقيبة بل وأفرز حالة من الاحتقان وصلت إلى أوجها في منتصف السبعينات وأدت إلى إعلان الاتحاد لأول مرة في تاريخ تونس الإضراب العام يوم 26 جانفي 1978 الذي انتهى بالزج في السجن بالقيادة النقابية وعلى رأسها الأمين العام للاتحاد المرحوم الحبيب عاشور بعد أحداث راح ضحيتها عشرات الشهداء وبعد وصول الرئيس السابق زين العابدين بن علي إلى السلطة سنة 1987 تواصلت علاقة الشدّ والجذب بين الاتحاد والسلطة على الأقل في مستوى القاعدة الجماهيرية للاتحاد التي كانت معادية في جزء كبير منها لنظام بن علي في حين اتسمت علاقة القيادة النقابية بالمراكنة والسلبية وهو ما يفسّر الحملة الشرسة التي طالت تلك القيادة وأمينها العام السيد عبد السلام جراد غداة ثورة 14 جانفي وهي حملة على شرعيتها ما كان لها أن تكون بما أنها أدّت إلى إضعاف الاتحاد والأحزاب السياسية القريبة منه في التوجهات والرؤى.
لكن مؤتمر طبرقة الأخير الذي أفرز قيادة جديدة أعاد للاتحاد العام التونسية للشغل إلى واجهة الأحداث وأصبح يعوّل عليه في قيادة الحركة الديمقراطية بكل مكوناتها لانجاز أهداف الثورة وحمايتها من الانحراف عن مسارها التاريخي.
الشارع الرّمز
إن عودة الاتحاد العام التونسي للشغل إلى لعب دوره كاملا جنبا إلى جنب مع بقية الأطراف السياسية والاجتماعية في حماية الثورة وإنجاز أهدافها يموقع مسيرة الثلاثاء القادم داخل سياق تاريخي خاص فعدم نجاح التحالف الحاكم في صياغة سياسة اقتصادية واجتماعية واضحة تضع حدا لمعاناة الشعب التونسي زيادة على الارتجال الذي اتسمت به قرارات المسؤولين في التحالف الحاكم تسبّب في حالة من الاحتقان والتصادم شبه اليومي بين أنصار السلطة وبقية مكونات المجتمع التونسي لذلك كان من الطبيعي أن يجتاح الغضب الشعبي الساحات العامة التي أصبح شارع الحبيب بورقيبة بتونس العاصمة رمزا لها خاصة بعد قرار وزير الداخلية بتاريخ 28 مارس 2012 بمنع التظاهر فيه ولأن التحدي لا يولّد إلا التحدّي فلقد كان رفض التونسيين لهذا القرار قاطعا وأدى الي صدامات عنيفة يوم 9 أفريل 2012 بمناسبة عيد الشهداء الأمر الذي دفع بقيادة الاتحاد الى الاصرار على تنظيم مسيرة 1 ماي لهذه السنة بنفس الشارع كلّفها ذلك ما كلّفها وإن كان وزير الداخلية قد تراجع عن هذا القرار فلوعيه بخطورة تحدّي جماهير الاتحاد العام التونسي للشغل.
اتّحدوا أم اعتصموا
الملفت للنظر في مسيرة يوم الثلاثاء القادم على هامش اليوم العالمي للعمال أن حركة النهضة عبّرت عن نيتها في المشاركة في هذه المسيرة وهو قرار تكتيكي لتحجيم دور الاتحاد العام التونسي للشغل وقدرته على التعبئة والتموقع كجبهة قادرة على إرباك السلطة في تونس وفي علاقة بالعمل النقابي وحركة النهضة كحركة ذات توجّه ديني سيجد أنصارها أنفسهم على طرفي نقيض مع الشعارات التقليدية للعمال والتي تنهل أساسا من الفكر الاشتراكي العلماني في حين ينهل الدين بصفة عامة من الأخلاق لحماية الأجراء وليس من باب التّرف الفكري أن نتحدث عن شعارين متناقضين يخاطب الأول العمال: «يا عمّال العالم اتّحدوا» في حين تلخّص الثاني الآية القرآنية {وَاعْتصمُوا بحَبْل اللَّه جَميعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا} وبين الوحدة المادية والوحدة الدينية سيكون مختلف الفرقاء في امتحان حقيقي باتجاه إحداث مصالحة تنهي تجاذبات الماضي والتي أدّت الي تصادم مشروعين أو باتجاه تعميق الاستقطاب.. والأكيد أن قبول حركة النهضة المشاركة في تظاهرة دعا إليها اتحاد الشغل هي بادرة حسن نية تؤشر الى صفحة جديدة ربما يكون شعارها «يا فرقاء السّاحة اتّحدوا» استلهاما من الشعار الأزلي للعماليين «يا عمّال العالم... اتّحدوا».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.