«كنت أعتقد أن نابل من الجهات المحظوظة، لكن الواقع الذي اكتشفته كان خلاف ذلك...» هذا ما أكده لنا والي نابل الجديد محمود جاء بالله ل«الشروق» والذي اعتبر أن الجهة لم تحظ سابقا باستثمارات تحقق الفائدة للجهة رغم ثراء مقومات التنمية. هذا الحوار الذي جمعنا بالوالي تطرقنا فيه إلى عدد من الملفات الساخنة مثل الاعتصامات والتشغيل والتهميش الذي تعانيه بعض الجهات بالإضافة إلى ملفي النقل و»الجمالة» وغيرهما: باشرتم مهامكم في هدوء وصمت نسبيين فكيف وجدتم ولاية نابل؟ هو الصمت الواعي الذي يدل على حكمة أهالي نابل، وهو في نفس الوقت شكل من أشكال التعبير، وأتمنى أن يكون الحكم على أدائي في المستقبل ايجابي، اذ انه لا يمكن الحكم على اي طرف دون النظر الى ادائه، ولكن هذا الصمت لا يجب ان يدوم فلا بد للأهالي ان يعبروا عن آرائهم واحتياجاتهم والتعبير عن الواقع فمهمتي هي تغيير هذا الواقع وسأعمل بكل جهدي لنتعاون لصالح هذه الجهة التي تزخر بإمكانيات رهيبة على جميع المستويات، وللأمانة كنت أعتقد أن هذه الجهة محظوظة وتتمتع بعدة امتيازات، ولكن الواقع كان غير ذلك... كيف ذلك؟ لاحظت تفاوتا بين الجهات فهناك مناطق مهمشة كتاكلسة وحمام الأغزاز والهوارية وغيرها، وحتى في المدن السياحية بامتياز كالحمامات نجد أيضا فئات مهمشة.كما توجد احزمة من الأحياء الشعبية حول مدينة نابل مثل سيدي عمر وسيدي موسى ظلت مهمشة وهي تستوجب عناية خاصة. هل يعني هذا أن يكون للجهة نصيب من التنمية ولا سيما مناطقها المهمشة؟ لن يكون لنا حظ كبير في التنمية بالمقارنة مع الجهات الداخلية المهمشة لأن الاستثمار فيها سيساهم الى حد كبير في استقرارها.ثانيا، الملاحظ أن المشاريع الكبرى التي تمت في الجهة سابقا، بجد أنها لم تكن ذات بعد اقتصادي واجتماعي، بل كان انتصابها من باب تحقيق مصالح ذاتية من طرف الباعثين ولا سبيل اليوم لبعث مشاريع قبل ان تكون مشاريع مندمجة أي لا بد ان تشع ايجابيا على الجهة من ناحية البنية التحتية والخدمات. أي حظ لملف التشغيل في الجهة في أولويات عمل الولاية اليوم؟ المطلب الاساسي في نابل هو الاستقرار في العمل وهي سمة ايجابية لان «النوابلية» لا يلقون بحملهم على غيرهم بل يحاولون ايجاد الشغل الذي يحفظ كرامة الانسان، وما لاحظته أن هناك شبابا معطلا ولكنه يعمل في نفس الوقت. وقد اتصل بي بعض المعطلين عن العمل ووعدتهم بايجاد بعض مواطن الشغل خاصة في ظل انطلاق عديد المشاريع الضخمة في بعض الجهات. كما نعلم ان الفلاحة لم تخضع في السابق الى تأهيل حقيقي، اما اليوم فسيقع التفويت في الاراضي الدولية لمستحقيها لاحيائها من جديد ورد الاعتبار اليها، وسنعمل على توعية الشباب باهمية العمل الفلاحي ونقوم باعداد ما يسمى «بالنواة الصلبة» وهي عبارة عن نماذج حية في إحياء الأراضي ستكون حافزا للشباب ولا سيما المعطل عن العمل. وما هو تصوركم للنهوض بالقطاع السياحي؟ لاحظت أن هناك استثمارات رهيبة خصصت للسياحة في نابل، لكن لم يقع استغلالها على الوجه الامثل فليس من المنطق بناء نزل بطاقة استيعابه كبيرة ويبقى عمله موسميا، ومن ناحية اخرى تزخر الجهة بآثار من الضروري جعلها مزارات للسياح وهذا دفع للسياحة الثقافية إلى جانب السياحة البيولوجية. وماذا عن ملف النظافة خاصة بعد الانفلات البيئي ونحن على ابواب موسم سياحي؟ لقد قمنا بحملات نظافة في نابل والحمامات وغيرها بالتنسيق مع المعتمدين وبالتعاون مع النيابات الخصوصية، وهي حسب رأيي لم تقم بدورها إما لنقص خبرتها او لعدم تحملها المسؤولية على الوجه الافضل مع العلم ان هذه النيابات هي اليوم بصدد الهيكلة من جديد، كما كاتبت وزارة البيئة ليكون التدخل عاجلا لحل اشكال مصب منزل بوزلفة، وأريد ان أشير إلى ان النظافة عمل يومي ولا أعتبره من الأولويات وهي رسالة أردت تمريرها لكل الاطراف. من الملفات الساخنة اليوم ملف «الجمالة» فكيف ستتعاملون مع أطرافه؟ هو من الملفات الشائكة وسيكون لي في القريب العاجل جلسة مع جميع الاطراف مع العلم أني رأيت الكثير من الظلم في هذا الملف مثل اسناد اكثر من رخصة لشخص واحد دون وجه قانوني، ولا بد ان يرفع الظلم عن اصحابه، ولكن الاشكال الكبير هو غياب كراس شروط واضح المعالم تنظم هذه المهنة.وقد راسلت وزارة السياحة وطلبت بعض التوجهات العامة لهذا القطاع الذي يهم أيضا مدن سوسة والمهدية والمنستير، لذا يجب ايجاد تصور شامل لكي لا يقع ظلم على اي طرف. من الاحداث التي هزت الجهة مشكلة «التاكسيات» فهل من برنامج واضح المعالم لطمأنة الذين ظلموا في العهد البائد؟ هناك مسألة معتمدة في ولاية نابل فقط ألا وهي الاقدمية في اسناد الرخص والتي وقع ايقافها بقرار من وزير النقل. التوجه اليوم أن هذه الرخص ستخضع مستقبلا لأقدمية الشخص في الانخراط بالصندوق القومي للضمان الاجتماعي. كما طلبنا من وزارة النقل اعداد كراس شروط وتفعيل دور الادارات الجهوية حتى تتحمل مسؤوليتها في اسناد الرخص من عدمها حسب شروط موضوعية وقانونية. فلم لا يكون لسائقي التاكسيات زي واحد؟ ولم لا يكون هناك تفقد يومي لحالات التاكسيات من نظافة وغيرها؟ فالتاكسيات مرفق عمومي يستعمله التونسي والسائح على حد السواء. كيف تعاملتم مع الاحتجاجات في الجهة؟ مباشرة عند قدومي وجدت عدة معامل في حالة اضراب مثلا شركة المشروبات الغازية بقرنبالية حيث عقدت جلسة صلحية في مقر الولاية حضرتها جميع الاطراف المتدخلة وتفاعلوا جميعا بايجابية وتمكنا بالفعل من الوصول الى حل يرضي جميع الاطراف. وتدخلت الولاية كذلك لفك اعتصام عملة العديد من النزل والمؤسسات الخاصة في الجهة. وفي هذا الاطار اقترحت على الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والاتحاد العام التونسي للشغل ان تكون لنا نظرة استباقية باتجاه المؤسسات التي تظهر عليها بوادر مشاكل فحل المشكل قبل حدوثه يكون أيسر على كل الأطراف قبل حصول تشنج داخل المؤسسة.الحمد لله فقد تقلصت هذه الاعتصامات وهو عنصر ايجابي سيمكننا من العمل بأريحية مما سيسمح بخلق مواطن شغل جديدة في الجهة. وأريد بالمناسبة أن أحيّ أهالي جهة نابل لما لاحظت لديهم من استعداد للعمل فقد شاهدت الفلاح الذي يعمل ويبدع في مساحات صغيرة ليستخرج خيرات هذه الأراضي الغنية، وفي هذا الاطار طالبت الادارة الجهوية للفلاحة باعطاء السند الكافي للفلاح من توجيه وإرشاد.