بعد أن كانت في صيغة تعبير أفراد ومجموعات قليلة العدد تحوّلت جملة التذمرات والاستياءات والانتقادات للعديد من أنصار الحزب الديمقراطي التقدمي الى حركة اصلاح أطلقوا عليها «التيار التقدمي الديمقراطي. كتلة التشاور» حرصوا على بلورتها في اطار أشمل بدعوة مسانديها الى لقاء عام أطلقوا عليه اسم «اللقاء الوطني للتيار الاصلاحي للحزب الديمقراطي التقدمي» امتد على يومين 28 و 29 أفريل جمعهم بأحد نزل منطقة القنطاوي. «خلافنا مع القيادة ليس شخصيا بل هو سياسي بالأساس والمؤتمرمثّل النقطة التي أفاضت الكأس وسنسعى الى اصلاح ما رفض القادة اصلاحه نتيجة الأخطاء المتتابعة التي ارتكبوها جراء سياسة الاقصاء والاستفراد بالرأي التي حرصوا على تفعيلها»، هكذا أجمع المتدخلون حول دوافع هذا اللقاء ودعّم ذلك رئيس الجلسات محمد الهادي حمودة بقوله «نعتبر أن المؤتمر لم يكتمل نظرا للخروقات القانونية التي حصلت ونعتقد أن الاندماج في الحزب الجمهوري هو هروب قيادي الحزب من المحاسبة السياسية بعد فشلهم»، فيما شبه أحد المتدخلين اللقاء كتلة الاصلاح بمؤتمر قصر هلال 1934 للحزب الحر الدستوري التونسي واستعرضت لمياء الدريدي مراحل المشهد السياسي التونسي منذ 14 جانفي والتي أفرزت حسب تقسيمها أربع كتل سياسية مضيفة بالقول « الترويكا هي أول من أوحى للعديد من الأحزاب بفكرة الانصهار ورغم احترازنا فان عملها تميز بالجرأة ونعتبر أن الحزب الجمهوري لا يمثلنا». تمسّك الشابي بالرئاسة عاد علينا بالوبال ! في كلمته التي كانت مسبوقة بهتاف وتصفيق من الحاضرين أكد محمد الحامدي على أن «ما يجمع هذا التيار التشاوري هو نية الاصلاح بعد أن فقد الحزب الديمقراطي التقدمي بوصلته السياسية منذ 14 جانفي وأصبح وكأنه ضد الثورة التونسية» مضيفا «أنا مثل الكثير غاضب ومن استغضب ولم يرض فهو حمار، وقد عبرنا عن العديد من النقاط النقدية في تقرير اللجنة المركزية في المؤتمر الخامس لحزبنا ولكن وقع حذفها ونجح المؤتمر في الفشل مثلما فشل في أن يوحّد مناضليه» ووصف الحامدي الأداء السياسي للحزب ب«الخاطئ» مضيفا «كأننا عاقبنا شعبنا بمواقف غير محسوبة سوى التي كانت تجاه قناة نسمة أو مسألة النقاب مما أظهرنا وكأننا ضد الدين الاسلامي وغيرها من المعارك الدنكيشوتية التي حرصت قيادة الحزب على خوضها دون موجب فالديمقراطية التي يطالبون بها بقية الأحزاب افتقدناها داخل حزبنا حيث عملت قيادة الحزب على اقصاء تيارنا الاصلاحي وكل من يحاول انتقادهم وعوض التركيز على جواهر الأمور أصبح حلم نجيب الشابي محصورا في الرئاسة وهو في الحقيقة مجرّد وهم لا غير»، وفي لقاء ب«الشروق» دعّم السادة أحمد بوعزي وناجي غرسلي ومهدي بن غربية مختلف أسباب انعقاد هذا اللقاء مؤكدين على التوجهات الخاطئة لقيادة الحزب معتبرين أن مشاركتهم في المؤتمر الخامس كانت بمثابة الأمل الأخيرتجاه هذه القيادة التي أصرت على «الاقصاء و الانفراد بالرأي» على حد اقرارهم. القرار والاعتذار أعلنت كتلة الاصلاح في بيانها الختامي الذي أصدرته في اليوم الثاني من هذا اللقاء انفصالها عن الحزب الجمهوري و تقديم اعتذار رسمي للشعب التونسي على الأخطاء التي اركبها قياديو الحزب ودعوا الى مؤتمر قادم ولجنة تأسيسية لتكوين حزب آخر . حضور مثير! حضر اللقاء تسع أعضاء من المجلس التأسيسي ممثلين عن الحزب الديمقراطي التقدمي وبعض من الذين ترشحوا الى اللجنة المركزية والمكتب السياسي كما واكب اللقاء السيد صالح شعيب وهومن مناضلي حزب التكتل الذي فسّر ل«لشروق» بأن حضوره يندرج ضمن دعوة تلقاها من طرف المنظمين ويسعى بصفته عضوا في المجلس التأسيسي الى الاستماع لمختلف أوجه النظر داخل الأحزاب، علما وأن السيد صالح قد قدم استقالته من حزب التكتل حفاظا على مبادئه ووفائه للشعب التونسي حد تصريحه، كما تواجد في هذا اللقاء أعضاء من الحزب الجمهوري منهم المتخفي ومنهم من وجد نفسه في مفترق الطرق وبصدد التفكير في أخذ القرار المناسب ومنهم الذي صرح بذلك علنا معبرا عن ثقته في الحزب الجمهوري وهو رياض لحوار الذي ترشح للجنة المركزية واعتبر في محادثة مع «الشروق» أن مساعي هذه الكتلة الاصلاحية لا جدوى ولا مشروعية لها الى جانب غياب التاريخ النضالي لأغلبية أعضائها والحزب الديمقراطي التقدمي يبقى اسما مقترنا بمؤسسيه مهما كان» على حد تعبيره . من أطرد فريق قناة الجزيرة ؟! أفادنا السيد محسن الشاوش وهو من مؤسسي الحزب الديمقراطي التقدمي بسوسة بأنه قد أطرد بمعية بعض زملائه فريق قناة الجزيرة الذي جاء لمواكبة الحدث واصفا اياها ب«العميلة لأمريكا واسرائيل» وللتأكد ان كان هذا التصرف موقفا رسميا من كتلة الاصلاح تجاه قناة الجزيرة توجهنا الى مدير هذا اللقاء و الناطق باسمها فصرح لنا مستنكرا: «لا علم لنا بذلك وبالعكس نرحب بقناة الجزيرة ونثمن عملها ونعتبرها من المساهمين في ثورتنا التونسية، مثلما نرحب بمختلف وسائل الاعلام «ورغم هذا الموقف فما عدا الجلسة الأولى فان بقية الجلسات شهدت منع وسائل الاعلام من حضورها بوصفها ب«الجلسات الداخلية» حسب تراتيب هذا اللقاء والذي يعكس دعما لمفارقة مواقف قبل الثورة ومواقف بعد انتخابات 23 أكتوبر في ظل صراع بين قوى الزعامة وقوى القاعدة في صلب الحزب الواحد .